قال الدكتور عبداللطيف دريان، مفتى الجمهورية اللبنانية، إنه يحرم الإفـتاء بغير علم، والمتجرئ والمتهاون في ذلك يدخل في التهديد والوعيد المذكورين في الكتاب والسنة، والأدلة على حرمة الإفتاء بغير علم كثيرة، منها قوله تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} ، لافتا أن هذه الآية الكريمة تشمل بمعناها من زاغ فى فتواه، فقال في الحرام: هذا حلال، أو قال في الحلال: هذا حرام، أو نحو ذلك.
وأضاف مفتى لبنان، خلال كلمته الجلسة الثالثة باليوم الثانى لمؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الافتاء فى العالم والمنعقد بعنوان "دور الفتوى فى استقرار المجتمعات"، حيث تنعقد الجلسة بعنوان"من فوضى الارهاب إلى فوضى الإسلاموفوبيا..عرض وتحليل"، إن المفتى بغير علم لا يعرف الصواب وضده فهو كالأعمى الذيلا يبصر الطريق الصحيح، فكيف يستطيع أن ينفع غيره بشيء يجهله هو نفسه؟!! والمفتى بغير علم يستحق الحجر عليه بـمنعه من الإفتاء، موضحا أن ابن الجوزى قال: "يلزم ولى الأمر منعهم كما فعل بنو أمية". وقد أطلق بعض الفقهاء على المفتي الجاهل اسم: المفتى الماجن؛ لتجرئه على الإفتاء مع جهله، وبهذا نعلم الإثم العظيم الذي يقع فيه كثير ممن يتصدون للإفتاء اليوم وهم غير مؤهلين لهذا المنصب الجليل.
وأكد أن التحذير من الفتوى بغير علم لا يقتصر على الجاهل بالحكم الشرعى؛ بل قد يكون المفتى عالمـا بأحكام الشريعة بالقدر اللازم للإفتاء، لكنه مع هذا مقصر في معرفة الأعراف والعادات الخاصة ببلد المستفتى، وهذا له تأثير فى الحكم، لذا نص الأئمة على أنه يحرم على العالم أن يفتى فى مسائل تستند إلى العرف إذا كان غير عارف بعرف البلد الذى ينتمى إليه السائل.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم التحذير من الجرأة على الإفتاء، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار)).
وأوصى فى نهاية كلمته، بضرورةالتوجيه بضبط الفتوى والمصطلحات الشرعية لإزالة اللبس الحاصل بشأنها لدى بعض الناس، ودعوة علماء الأمة لتقوية الصلة مع الشباب والناشئة من أبناء المسلمين، وتفقيههم بما يلزمهم من أمور الدين، مع إبراز الجانب المضيء لسماحة الدين ويسره، ودعوة مجامع الفقه والكليات الشرعية للتعاون في تيسير ما يحتاج إليه أبناء المسلمين من كتب الفقه الإسلامية؛ بغيةَ تحصينِهم من الشذوذ الفكري والانحراف السلوكى والثقافي، ومطالبة علماء الأمة بإعداد البحوث والدراسات التي تعالج الفكر المنحرف والغلو فى الدين، وتكثيف الاجتماعات الدورية للأئمة والخطباء لتوحيد الخطاب الدينى.