طالب مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية علماء النفس والاجتماع بضرورة دراسة الشخصية الداعشية، وما طرأ عليها من تحولات فكرية، وانحرافات في الفطرة، ودراسة الطرق النفسية التي يمارسها التنظيم على أعضائه، والتي حولتهم إلى آلات قتل وعنف، للدرجة التي حملت بعض الآباء على دفع أبنائهم إلى الموت، دون أن تتحرك فيهم عاطفة الأبوة وتمنعهم من تقديم أبنائهم للموت.
جاء ذلك تعليقًا على شريط فيديو أفرج عنه تنظيم داعش مؤخرًا، لعملية تفجيرية قيل إنها تمت في منصف يناير الماضي في ريف حلب بالشمال السوري، وقام بها طفل يُدعى أبو عمارة العمري، لم يتجاوز عمره الأحد عشر عامًا؛ حيث أظهر الفيديو والد الطفل وهو يساعده على ركوب سيارة مكتظة بالمتفجرات، بعد أن علَّمه كيف يقودها، ليمضي الطفل بعيدًا ويفجّر نفسه فيها، منفذًا واحدة من أكثر العمليات دموية.
ولفت المرصد إلى أن تنظيم داعش يحمل أبناءه على التفكير العاطفي وليس التفكير المنطقي، إذ إن نمط التفكير المنطقي من شأنه البحث عن علل لفهم الأشياء ومآلاتها، وبالتالي فهو خطر على تنظيم يتعامل مع أفراده كقطيع يُساق إلى الذبح وهم فرحون دونما اعتراض، ومن ثم فالتنظيم يحمل أفراده على نمط التفكير العاطفي، الذي غالبًا ما يحسم أصحابه مواقفَهم بطريقة الأبيض والأسود، والإيمان والكفر، ومن ليس معنا فهو عدونا ومأجور قاتله.
وتابع المرصد أن التنظيم يستغل النزعة الدينية لدى هؤلاء الصبية، ورغبتهم في الشهادة والفوز بالجنة؛ بحيث يحولهم إلى أشخاص سطحيين متسرعين متهورين لا يستطيعون التمييز بين الصواب والخطأ، وهذا ما ظهر جليًّا في العمليات التفخيخية والتفجيرية التي يقوم بها أعضاء التنظيم.
وأكد المرصد على أن التنظيم يغرس في نفوس أعضائه عقيدة التفجير، ولا يميز فيها بين طفل أو شاب أو بين رجل أو امرأة، فهو يستخدم الجميع أداة للتفجير، ففي السابق استخدم النساء في مثل هذه العمليات النوعية، والتي كانت تُسمى بظاهرة الأرامل السوداء، حيث حمل نساء التنظيم على تفجير أنفسهن للفوز بالجنة، ومن قبلهن الرجال والشباب، واليوم يقدم الأطفال للموت، والأدهى أن من يقوم بتدريبهم هم آباؤهم، مستغلين ثقة هذه النشء في آبائهم، وأنهم هم من يرون لهم طريق الصواب، والذي يختم لهم بالجنة، في وقت يكون فيه ولاء الآباء للفكرة والاقتناع بها أهم عندهم من خوفهم على الأبناء.
ولفت المرصد إلى أن إقدام التنظيم على تجنيد الأطفال لتنفيذ مثل هذه العمليات ربما يكون نابعًا من كونه أسهل في الإقناع من الكبار، الذين بدا لأغلبهم تضليل التنظيم لأعضائه، أو ربما أقدم التنظيم على هذا السبيل بعد سلسلة من الرفض من قبل اليافعين داخل صفوفه.
وذهب المرصد إلى أن ما يعضِّد فكرة دفع التنظيم أعضاءه إلى التفكير العاطفي ابتسامات الطفل التي ظهرت في الفيديو عقب علمه بأنه أصبح قادرًا على تفجير السيارة بمن فيها، وهذا يدل على مدى التدليس والكذب والمناهج الدراسية المعوجة التي يقوم التنظيم ببثها في نفوس النشء، وتجهيزه من البداية على حب الشهادة والجنة التي تنتظره في الآخرة، لدرجة أن هذه الأشياء أصبحت محفورة بداخله.