كل منا يبحث عن مصدر رزقه ولكن بالطريقة التى تجعله يكسب قوت يومه بالحلال فى أى مكان، وهنا نجد قصة لم يتجاوز عمره 5 سنوات، قدم من مركز الغنايم بمحافظة أسيوط برفقة والده لمحافظة كفر الشيخ يحمل ربابه ورق، ليعزف مقطوعات موسيقية برغم صغر سنه، أو يشارك والده فى عزفها على نغمات الرق.
يحتمى من حرارة الشمس الحارقة بارتداء "طاقية" فوق رأسه، ينتمى لأسرة فقيرة لا تمد يدها لأحد برغم فقرها، يتنقل الأب للمحافظات لبيع الربابة بدلاً من التسول لضعف بنية الأب الجسدية، فشارك الطفل والده فى الترحال من محافظة لأخرى.
طفل صغير يحمل حكمة الكبار، عرف تحمل المسئولية صغيراً، هكذا يتربى فقراء الصعايدة لتقوى لبناتهم صغاراً ويكونوا أشد عوداً فى الكبر.
قال أحمد محمد شعبان مصطفى، عمرى5 سنوات من مركز الغنايم بمحافظة أسيوط، خرجت مع والدى للعمل والبحث عن الرزق، ببيع الربابة ، وأعزف على الرق، وأجد من عملى بعض النقود التى أسد بها جوعى وأساعد والدى فى عمله، لأن الرزق يحب الخفية، وهذا عملى الذى أجيده.
وأضاف أحمد، لـ"انفراد"، فى مثل سنى يستعد العام القادم للإلتحاق بالمدرسة ليتعلم ، ويكون طبيبا أو معلما أو مهندساً، ولكن أطوف مع والدى المحافظات لنأكل العيش، والمدرسة تحتاج لفلوس كتير ،وظروف الحياة جعلتنى أساعد والدى، فمن يساعده إذا لم أكن اساعده؟ مثلى مثل أشقاء يكبروننى، لا أعيش كما يعيش الأخرون من الأطفال حياة اللعب والراحة والنوم على أسرة أو اللعب بألعاب حديثة أو يمسكون محولاً أو لاباً، ولكن ما أملكه "رقى" الذى أجيد العزف عليه، من قطع موسيقية يعزفها والدى على أنغام الربابة فأشاركه بنغمة تناسب الاغنية سواء كانت لمصر أو لام كلثوم أو غيرهم ،أو لمغنيين لا أعرف عدد منهم، ولكن أسمع والدى يعزف واسمع منه أسمائهم .
وأكد أحمد الطفل الصغير، اللقمة الناشفة فى فمى أحلى مذاقاً من أى طعام آخر، أحنا نحب الحلال حتى ولو كان قليلاً، أنا صعيدى وأعتز ببلدى ومحافظتى، وسأكون رجلاً يعتمد على نفسه كما يريدنى أبى.
وأكد محمد شبعبان مصطفى، والد الطفل، هذه هى حياتنا بسيطة لانحمل هماً ونترك الأمر لله ، نطوف المحافظات والمدن وخاصة كفر الشيخ والدقهلية والاسكندرية والغربية، ودمياط ورأس البر، نتجول نسير فى الطرقات والحوارى والشوارع، نعرض بضاعتنا "الربابة" وعزفى عليها يساعدنى نجلى الصغير أحمد ، وأنا على هذه الحالة أتذكر الفنانين أيام الزمن الجميل الذين كانوا يتنقلون من مكان لآخر ليعزفون بحثاً عن الرزق، فلا أتسول ولكن أبيع الربابة ب 5 جنيهات فقط للأطفال وللكبار وهى نواة تسند الزير، وتساعد على توفير نفقات الحياة اليومية .
وأضاف محمد شعبان ،قد أطوف المدن ولا أبيع ربابة واحدة وأحياناً أبيعها كلها وفى كلا الحالتين أحمد الله على رزقه ، فهو خالقى، ورزقى ورزق أولادى بيده، مؤكداً أن ظروف الحياة قد تجبر الانسان على القيام بأعمال قد لايقوم بها فى حالة رغد العيش، ولكن مايهمنا أن يكون مكسبنا من حلال ، وعودت أنجالى على ذلك ،دخل بسيط أبرك من دخل كبير يختلط فيه الحرام بالحلال.