عقدت مكتبة الإسكندرية ندوة بعنوان "وصف مصر.. قراءة عبر الزمان والمكان"، والتى تأتى فى سياق الإعلان المشترك الصادر عن الرئيسين عبد الفتاح السيسي وإيمانويل ماكرون باعتبار 2019 العام الثقافي المصري - الفرنسي.
وأكد الدكتور مصطفى الفقى، مدير مكتبة الإسكندرية، إن فرنسا تهتم بالجانب الثقافي وتسعى لنشر الثقافة بشكل يفوق غيرها من الدول الأخرى، قائلاً: "لا أكاد أعرف دولة فى العالم تعطى اهتمامًا للثقافة كما يفعل الفرنسيون".
واعتبر "الفقي" أن الأثر الذي تركته الحملة الفرنسية خلال الثلاث سنوات التى قضتها فى مصر يفوق تأثير التواجد البريطاني الذي استمر لسبعين عامًا، من حيث التأثير الثقافي، كما أنها تركت خلفها قوانين مدنية مازالت تستخدم حتى الآن، ومدارس تعليمية تتميز بالجودة والتفوق.
وأشار "الفقى" إلى أن حملة نابليون بونابرت على مصر لا تعد حملة عسكرية فقط، ولكنها كانت بمثابة اكتشاف لغموض الشرق وسحره وللتعرف على الحضارة الفرعونية، ولذلك أحضر بصحبته حشدًا من العلماء وصل عددهم إلى 150 عالما، انتجت كتابًا يعد أحد الكتب المحورية بالتاريخ الإنساني وهو "وصف مصر".
وأوضح "الفقي" أن الكثيرين اختلفوا في تصنيف الحملة الفرنسية على مصر فالبعض اعتبرها عسكرية استعمارية والبعض الآخر ينظر إليها على أنها حملة استكشافية، مضيفًا أنها تعد حملة واعية نتيجة لوعى قائدها "نابليون"، وهو ما ظهر في واقعة الخطاب الأول الشهير الذي وجهه للشعب المصري بعدما علم تمسكه واعتزازه بدينه الإسلامي.
وأضاف مدير مكتبة الإسكندرية، إن الفرنسيين لم يقصروا في نشر الثقافة، مشيرًا إلى أنه عقب سقوطتنظيم طالبان في أفغانستانأسرعت دول التحالف التي تواجدت بها في إنشاء سفارات، إلا فرنسا التى انشأت مدرسة وهو ما يدل على اهتمامها بالجانب الثقافى والتعليمى.
وقالت مروة الوكيل، رئيس قطاع البحث الأكاديمي بمكتبة الإسكندرية، إن كتاب "وصف مصر" يعد تحفة علمية وثقافية وتراثية يندر إنتاجها، وعمل فريد خصص لمصر دون سائر البلدان، فلم تشهد دولة أخرى ابحاثًا مثل هذا التنوع، عكس بدقة كنوز مصر الأثرية والتراثية والجغرافية
وأوضحت أن "نابليون" أدرك أن حملته لن تحقق المكاسب العسكرية فرغب في تحقيق مكاسب علمية، كما رغب في التفوق على بريطانيا في ذلك الوقت، وهو ما أسفر عن انتاج "وصف مصر"، مؤكدة أن الكتاب أسهم في زيادة الولع الفرنسي بحضارة مصر القديمة، وجاء بمثابة نقطة تحول في نظرة العرب لمصر وبداية لعلم المصريات.
وفي ختام الندوة؛ كرم الدكتور مصطفى الفقي اسم الكاتب الصحفي الراحل زهير الشايب و كريمته الدكتورة منى الشايب، المساعد بكلية الآثار بجامعة القاهرة، لقيامهما بترجمة العمل الموسوعي الفرنسي الضخم "وصف مصر" إلى العربية، بما يتيح لقارئ لغتنا القومية الاطلاع على تلك الموسوعة المتفردة، بالإضافة إلى تكريم اللورد ياشار حسن عباس حلمي لإهداءه مجموعة من الصور النادرة الموجودة بالكتاب إلى المكتبة
شارك في الندوة الكاتب الصحفي شريف الشوباشي، والدكتور أيمن فؤاد سيد، أستاذ التاريخ الإسلامي ورئيس الجمعية المصرية التاريخية، والدكتورة رانيا عز العرب، الأستاذ المساعد للحضارة الفرنسية في جامعة الإسكندرية، و ماري دومينيك نينا، مديرة معهد الدراسات السكندرية، وافيليكس مونسرات الباحث في المركز الفرنسي للآثار الشرقية
جدير بالذكر إنه قد صدرت أجزاء هذا العمل الموسوعي تباعًا من عام 1809 إلى 1828، محتضنة كمًا هائلاً من الدراسات والأبحاث والمعلومات حول مصر، جغرافيًا وطوبوغرافيًا وحضارةً وتاريخًا وآثارًا وثقافة