ما بين دموع وآهات وصلوات، مشهد يتكرر كل عام فى منتصف شهر شعبان الكريم داخل احتفالات مولد العارف بالله السيد عبدالرحيم القنائى يتوجه الآلاف من كل محافظات مصر وكثير من الدول العربية إلى وسط مدينة قنا للمشاركة فى مولد القنائى فبجوار الضريح تجد الوافدين بشكل يومى للدعاء فى حضرة العارف بالله السيد عبد الرحيم القنائى أحد أقطاب الصوفية.
فمظاهر الاحتفال بمولد القنائى تملأ كافة الشوارع المحيطة بالمسجد والضريح الذى يقع وسط مدينة قنا تنتشر حلقات الذكر ما بين حلقات تختم القرآن الكريم وأخرى فى ذكر ومدح الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه طمعاً فى شفاعته.
فمع حلول منتصف شهر شعبان من كل عام يتوافد آلاف المواطنين من أبناء قنا ومحافظات مصر المختلفة للاحتفال بمولد السيد عبد الرحيم القنائى أحد الأقطاب الصوفية الذى ذاع صيته على مستوى العالم الإسلامى، وتحول إلى مزار دينى من أهم المزارات التى يقصدها محبى آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عبد الرحيم القنائى هو عالم دين وتفسير إسلامى مغربى واسمه السيد عبد الرحيم بن أحمد بن حجون وينتهى نسبه إلى الإمام الحسين بن على بن أبى طالب، ولد فى المغرب الأقصى فى الأول من شعبان سنة 521 هـ/1127 م تلقى العلم فى جامع ترغاى الكبير على يد والده وكبار العلماء وذاع صيته بعد إلقاءه للدروس الدينية فى العشرين من عمره بعد إصرار من العلماء على استكمال طريق والده، وفى موسم للحج التقى بمكة بأحد الشيوخ القادمين من مدينة قوص الشيخ مجد الدين القشيري، وأصر بعدها القشيرى على أن يصحبه عبد الرحيم إلى مصر وإلى قوص وقنا وبعد أن أمضى عبد الرحيم ثلاثة أيام بقوص رحل إلى قنا.
خلال تلك الفترة صدر قرار من والى مصر بتعيين الشيخ عبد الرحيم شيخا لقنا وأصبح من ذلك اليوم يسمى بالقنائى وكانت مدرسته الصوفية الخاصة التى تسمح للطرق الصوفية الأخرى بالأخذ منها وتوفى الشيخ عبدالرحيم القناوى يوم الثلاثاء 19 صفر سنة 592هـ الموافق 23 يناير 1196 بعد صلاة الفجر وعمره 71 عاما قضى منها 41 عاما فى الصعيد ليقام له أكبر مسجد وضريح بوسط مدينة قنا يأتى له الآلاف من كل محافظات مصر سنويا فى شهر شعبان للاحتفال بمولد السيد عبد الرحيم القنائى.
وتحتفل قنا بمولد القطب الصوفى عبدالرحيم القنائى حيث تتخلل هذه الأيام احتفالات دينية وحلقات ذكر من قبل أبناء الطرق الصوفية وبعض المنتمين لآل البيت، وطقوس شعبيه من أبرزها لعبة التحطيب والمرماح التى تقام فى منطقة قريبة من مسجد العارف بالله، بجانب البائعين الذين يتوافدون على منطقة السيد لبيع مختلف أنواع المنتجات والحلوى التى من أبرزها الفول السودانى والسمسمية والفوليه ولعب الأطفال وبعض المنتجات اليدوية.
وخلال فترة الاحتفال تتحول المنطقة بأكملها لسرادقات مليئة بالباعة الجائلين والحلويات، ومخيمات للمنشدين وحلقات الذكر والإنشاد الدينيى التى يقيمها أبناء الطرق الصوفية ومحبى آل البيت، وسط توافد الآلاف من محبى آل البيت للاستمتاع بحلقات الذكر المنتشرة فى ساحات المسجد والمناطق المحيطة بمنطقة السيد عبدالرحيم.
وفى منطقة استاد قنا الرياضى المجاورة للمسجد، تمتلئ ملاعب الإستاد بمختلف أنواع المراجيح وألعاب الأطفال والسيرك وحلقات البنادق، خلال فترة الاحتفال، والتى ينتظرها الكثير من الباعة وأصحاب الملاهى لتعويض فترة الركود التى يقضونها بعيداً عن الموالد.
ومع انتهاء فترة الاحتفال بميلاد العارف بالله عبدالرحيم القنائى، عقب مرور أسبوعين، يتم اختتام الاحتفالات بليلة ختامية فى ساحة المسجد، يحضرها محافظ قنا والعديد من القيادات الدينية والشعبية والتنفيذية بقنا وغيرها من المحافظات، ويحيها أشهر قراء الإذاعة المصرية فى فعاليات احتفال الليلة الختامية وبحضور الآلاف من المواطنين.
ومع قدوم فترة الاحتفال بمولد العارف بالله السيد عبدالرحيم القنائى تتوافد العديد من الطرق الصوفية لمسجد العارف بالله من أبرزهم الطرق الرفاعية والعزمية والعزازية والأحمدية والشاذلية والأدريسية الأحمدية والدندراوية وغيرهم الكثير من الطرق، لكن الطريقة الرحيمية القنائية التى أسسها الشيخ طه عتمان رسمياً وضمها إلى المشيخة العامة للطرق الصوفية , تعتبر نفسها الابن الشرعى للسيد عبدالرحيم القنائى والأولى بتولى رعاية وشئون مسجد ومقام العارف بالله القنائى، حيث كان للطريقة الرحيمية دور كبير فى دعم الطريقة ماديا ومعنويا على نهج الشيخ عبد الرحيم القنائي، وعقب وفاة مؤسسها تولى مسئولية الطريق ابنه الشيخ محمد طه عتمان وهو من علماء الأزهر وتولى منصب شيخا لمعهد القراءات الأزهرى بقنا وبعد وفاته تولى ابنه الأكبر الشيخ أيمن محمد طه عتمان مشيخة الطريقة.