أكد الدكتور صابر حارص أستاذ الإعلام بجامعة سوهاج، على أن التحرش فى صعيد مصر كمجتمع محافظ أخطر من المجتمعات المنفتحة لأن عواقبه يمكن أن تؤدى إلى جرائم القتل والانتقام والثأر، مشيرا إلى أن كثيرا من المصالحات التى شارك فيها كانت المعاكسات والتحرش هى الشرارة الأولى فى حوادث القتل.
وأضاف حارص، فى ندوة أقامها مركز شباب سوهاج مساء أمس، أن كل جلسات ومفاوضات الصلح لا تتعرض إلى ذلك وتقوم كل الأطراف بإخفاء السبب الحقيقى، وقد تستمر جهود الصلح لسنوات دون علاج للسبب الرئيسى.
وأوضح حارص أن المجتمعات المغلقة والمحافظة تزيد فيها نسب التحرش داخل البيوت من الأهل والأقارب وخاصة من المحارم الذين يستغلون شرعية تواجدهم فى البيوت فى التعبير عن أمراضهم وسلوكياتهم الشاذة، مشيرا إلى أن دراسات سابقة أجريت على هذه النوعية من المجتمعات وأظهرت أن 75% من حوادث التحرش كانت من الأهل والأقارب والمعارف وأن بعضها أفضى إلى زنا المحارم.
وكشف حارص عن سيدة متزوجة تعانى من تحرش عمها بها وخوفها الشديد من الإفصاح عن ذلك تجنبا لما يمكن أن يحدث بين الأب وأخيه المتحرش وكذلك ردة فعل الزوج تجاه العم المتحرش.
وقال حارص أن الدراسات أظهرت أن التحرش لا يرتبط بطبقة ومكانة اجتماعية أو اقتصادية أو رتبة علمية أو حتى قيادة دينية، ولكنه مرض نفسى واجتماعى يمكن أن يقوم به الرؤساء تجاه مرؤوسيهم فى أماكن العمل والوظائف الحكومية والشركات الخاصة ويقوم به المعلم إزاء تلميذه وأستاذ الجامعة نحو طالباته والقيادات الدينية مع من يلجأ إليهم للنصح والاستشارة والعلاج من الحسد والسحر.
وأضاف حارص أن التحرش فى صعيد مصر يتواجد فى المناطق الشعبية والحضرية أكثر منه فى القرى والنجوع، كما يتواجد فى المدارس والجامعات والبيوت والأماكن المتطرفة ويقل فى الأسواق والأماكن العامة ووسائل المواصلات باعتبار أن المجتمعات المغلقة تمارس هذا السلوك فى الخفاء.
وأشار حارص إلى سيكولوجية المتحرش الذى يعانى نقص فى الشخصية واهتزاز فى الثقة بالنفس وتأكيدا للذات ورغبة فى الاستمتاع أو الانتقام من المتحرش به وهروبا من مشكلات حقيقية مزمنة وتمردا على الواقع ولفتا للانتباه ومعاناة من الفراغ العاطفى والتفكك الأسرى وضعف الوازع الدينى وسوء التربية وخاصة الجنسية.
وأوضح حارص أن التحرش لا يعنى فقط إيحاءات وألفاظ وملامسات جسدية تنتهك سمع وبصر وجسد المتحرش به وإلحاق الأذى به وتخويفه وتهديده وإهانته ولكن تشمل أيضا كل محاولات الإغواء والملاطفة والإثارة التى يقوم بها المتحرش للسيطرة على غرائز وشهوات المتحرش به.
وذكر حارص أسبابا عديدة للتحرش يأتى فى مقدمتها وسائل الإعلام وخاصة الفضائيات والإنترنت التى أصبحت مجالا عاما طوال اليوم للتحرش وخاصة عبر كافة أشكال الشات ومطالعة الصفحات الإباحية ومبادلة ومشاركة الصور والفيديوهات المثيرة للغرائز والشهوات.
ولفت حارص إلى أن وسائل الإعلام لم تعد سببا للتحرش فحسب ولكنها أصبحت مؤسسات تتحرش بالمشاهدين فى كل الأعمار شأنها أخطر من التحرش الجماعى الذى يقوم به الشباب فى المواسم والأعياد، مؤكدا حارص وفقا لمفهوم التحرش وقوانينه أن وسائل الإعلام ينطبق عليها تماما المواد القانونية لمحاسبة المتحرشين سواء بالألفاظ النابية والمثيرة أو بالمشاهد الساخنة فى غرف النوم وغيرها.
وأضاف حارص أن هناك أسبابا أخرى للتحرش كالفراغ الذى يعانيه الشباب من البطالة وأجواء التفكك الأسرى وتهميش المعانى الإنسانية وغياب التربية الجنسية من المناهج التعليمية ووسائل الإعلام وتفشى البرامج الجنسية فى الآونة الأخيرة وتراجع القيم الدينية والروحية وصعود القيم المادية وثقافة المظهر والجسد والشكل ومهاجمة الفكر الدينى ونشر الفكر الشيوعى والوجودى والعلمانى الذى يقوم على تهميش دور الدين فى حياة الناس.