قدم انفراد بثًا مباشرًا من أمام مقابر بور وتشييع أهالي بور سعيد جثمان البطل الفدائي محمد مهران إلى مثواه الأخير بمقابر بور سعيد، بحضور عدد من القيادات التنفيذية والشعبية.
وقال الحسيني أبو عمر، إننا نعزي أنفسنا في وفاة البطل محمد مهران، فهو لم يكن بطلًا عاديًا ولكنه رمزًا للبسالة والبطولة والتحدي، واليوم خرجت بور سعيد لتوديع هذا البطل وأخر أبطال المقاومة الشعبية في بور سعيد، وعلي الجميع أن يفتخر بمحمد مهران وعسران وأبطال المقاومة الشعبية.
وأوضح شقيق البطل محمد مهران، أن البطلكان يمتلك الطيبة مع البطولة ومحبًا للوطن، وعلم محمد مهران الأجيال حب مصر والتضحية لمصر والحفاظ عليها وكان معلمًا داخل المتحف الحربي.
يذكر أن البطل محمد مهران، ابن حي العرب بمحافظة بورسعيد، مواليد 6 ستمبر 1938، وعمل مؤخرا في متحف بورسعيد الحربي، حيث يقوم بالتوجيه المعنوي وتقديم المعلومات التاريخية للزائرين، متزوج وله ابنتان «أميمة» وهي طبيبة، و«نسرين» مهندسة.
تولى "مهران" تشكيل الحرس الوطني ببورسعيد ضمن الفدائين لمواجهة العدوان الثلاثي في 1956، حيث تولت القيادة المصرية تدريب الفدائين الشباب، للدفاع عن بورسعيد الباسلة، وانضم مهران إلى معسكر التدريب، وتولى قيادة السرية الثانية للكتيبة الأولى وكان عمره في ذلك الوقت 18 سنة.
تم تكليف مهران ورفاقه بالدفاع عن مطار بورسعيد ومنطقة الجميل غرب المحافظة في نوفمبر 1956، حيث كانت منطقة مستهدفة يسقط عليها جنود العدوان الثلاثي بالبراشوت لدخول بورسعيد، كما كان العدو يلقي بالقنابل والنابلم «البودرة الحارقة» وضرب الكباري والطرق المؤدية لبورسعيد وغيرها من الطائرات عليها.
تمكن البطل محمد مهران، ورفاقه الأبطال، من التعامل معهم بالبنادق والرشاشات من حفرة، وقتلوا العديد منهم فاكتشف العدو حفرة الأبطال فهاجموهم واستشهد البطل محمد أحمد، وقاومهم البطل مهران بطلقات متتالية وينتقل من حفرة لأخرى، حتى أصيب في رأسه وسقط على الأرض مغشيا عليه.
تم أسر البطل مهران، في منطقة الجميل، وطلب منهم شربة ماء فسخروا منه «لما لم يحضرها لك عبدالناصر»، فرد عليهم الماء هو مصري وملك لنا فركله الجندي بقدمه، وحاول مهران خطف البندقية، لكن جندي آخر ألقى عليه قنبلة فوق قدمه فأصيب.
شكل الاحتلال الإنجليزي، محاكمة صورية للبطل مهران وخيروه بتقديم معلومات عن بورسعيد والفدائين وأماكنهم وعدد الكتائب والسرايا وأنواع الأسلحة ويتكلم في التليفزيون، ويقول إن شعب بورسعيد سعيد جدا بوجود القوات البريطانية فوق أرضه، وإن مصر كلها تكره عبدالناصر والقيادة المصرية، أو أن يفقد عينيه، فردد «خذوا ما شئتم.. انزعوا عيني، لكن والله لن تنزعوا وطنيتي، ولن تنالوا من حبي لوطني الذي يسري في دمائي ودماء كل المصريين».
تم نقل البطل محمد مهران إلى مطار لارنكا، ثم مستشفى القوات البريطانية في قبرص، وهناك وجد في استقباله 4 أفراد، كانت مهمتهم تعذيب البطل، وكان بين كل برنامج تعذيب يحضر طبيب ويقول للبطل «تحدث حتى ترتاح من العذاب.. لقد تعبنا من تعذيبك وأنا هنا وسيط بينك وبين القيادة البريطانية، بدلًا من أن أنزع عينيك الاثنتين، فإذا تحدثت سوف أترك لك عينًا واحدة، لكي ترى بها وآخذ العين الثانية إلى ضابط إنجليزي فقد عينيه عندكم في بورسعيد.
واستكمل الاحتلال تعذيب البطل مهران، وشعر أنه سيفارق الحياة ووافق بيده وأمام كاميرات التلفزيون، قال «تعيش مصر حرة كريمة ويحيا عبدالناصر سنهزمكم ونقتلكم».
غمر الارتباك كل الحاضرين وقطع الصوت وضربت الكاميرات، واستكملوا تعذيبه ثم اقتلعوا عينه دون رحمة ونقلوه إلى بورسعيد.
عرف كمال رفعت أحد الضباط الأحرار بوصول البطل مهران، مع جنود العدو بكازينو بالاس مقر القيادة البريطانية ببورسعيد، وقام باختطافه ونقله إلى المستشفى العسكري بكوبري القبة بمحافظة القاهرة.
زاره الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بالمستشفى، وقام بصحبة المشير عبدالحكيم عامر ونخبة من رجالات الدولة، وبعد سرد مهران القصة له وعبارة البريطانين، أن «مهران سيكون عبرة لكل المصريين»، قال عبدالناصر بل أصبحت بطلًا ومثالًا وقدوة ليس لكل المصريين فقط، ولكن لكل العرب، فأنت مثال للبطولة والتضحية يا مهران.
ورفضت فتاة الارتباط بالضباط البريطاني الذي أخذ عين البطل مهران، واحتقرت ما قام به من عمل خسيس، وأشادت بوطنية البطل محمد مهران.
كرمه الرئيس عبدالفتاح السيسي، بإعادته لعمله بالشئون المعنوية بالمتحف الحربي تكريما له بعد استبعاده، ومنحه تأشيرة أداء فريضة الحج على نفقة القوات المسلحة، وإبقاء الحارس الشخصي المرافق له مدى الحياة، وتقديم هدية عينية له، وتسمية أحد مشروعات الإسكان مؤخرا باسمه، عرفانا وتقديرا بدوره البطولي والفدائي.