لما غنى محمد حمام لبيوت السويس: (استشهد تحتك وتعيشى أنت) غنت مصر كلها وراءه، ولما قال الكابتن غزال على انغام السمسمية: (فات الكتير يا بلدنا.. ما بقاش إلا القليل) كان النغم فى الوريد الوطنى زلزال حماس، وحينما حاول الصهاينة حصار الناس والبيوت فى السويس بعد الثغرة، قال غزالى على انغام السمسمية بصوت عالى وعضم أخواتنا..نلموا..نلموا.. نسنوا..نسنوا..ونعمل منه مدافع وندافع وندافع، ونجيب النصر هدية لمصر.
السمسمية هى عنوان المقاومة وعشق السويس الدائم لدى شعب السويس الذى يعشق هذه الآلة ويعشق العزف عليها والأستماع إلى انغامها فى كل الأوقات والأزمنة، وبالرغم من مرور السنوات ولكن مازالت السمسمية هى التعبير عن عشق بلد الغريب ورمز الفرحة السويسية.
وخلال حروب المقاومة فى 56 و67 وحرب الاستنزاف وفى أكتوبر 73 كانت أوتار السمسمية دائما تعزف مع ضربات الصمود والمقاومة من اجل حماية الناس والعرض والبيوت.
ويعود أصل آلة السمسمية كآلة فرعونية سميت حينها "الكنارة الفرعونية"، لكنها أصغر حجمًا وبـ7 أوتار صنعت من أمعاء الحيوان، أما الآن، فتصنع بشكل محلى، وتستخدم لإحياء المناسبات مثل الأفراح أو ما شابه فى المحافظات، ومدن القنال وتتكون من أوتار من أسلاك صلبة رفيعة بـ5 أوتار وتشد على صندوق خشبى، أما عن العزف فيتم بالضرب على تلك الأسلاك.
وارتبطت السمسمية بقناة السويس منذ حفر القناة، وقد جاءت الآلة من أعالى الصعيد من أهل النوبة وحدود السودان مع العمال الذين استخدموها عبر لياليهم الطوال فكانت ألحانها وأغانيها بمثابة العزاء والسلوان بالتغلب على الغربة وحدة وقسوة العمل والاغتراب التى استمرت لعشر سنوات.
وتوفى خلال حفر قناة السويس أكثر من 120 ألف عامل مصرى فى ظروف قاسية وكانت الآلة من أجل التسلية والسمر ويقال أن بعض النوبيين مما كانوا يجيدون العزف على آلة الطنبورة هم أول من نقلوا هذا الفن إلى مدن القناة حتى انتشرت وترسخت وأصبحت الآلة بألحانها وكلماتها من التراث الموسيقى الغنائى الفلكلورى لمدن القناة لتميزهم آلة السمسمية عن غيرهم من الأقاليم المصرية الأخرى.
وبعشق السوايسة العزف على أنغام السمسمية والرقص على أنغامها على شط قناة السويس، ويحلم كل سويسى حاليا بالعودة من جديد للجلوس على شط قناة السويس ببورتوفيق، المغلق الممشى الخاص به منذ عام 2012 لدواعى أمنية.
وقال علاء الدين عبدالمنعم، مهندس زراعى بالسويس، أن لكل سويسى ذكرى جميلة على شط قناة السويس فى بورتوفيق وعشق الاستماع لأنغام السمسمية على شط القناة هو مزاج سويسى أصيل، فالسمسمية فى عقل وقلب كل سويسى وشط القناة فى بورتوفيق هو متنفس الروح للسوايسة التى نتمنى جميعا العودة إليها مرة أخرى والجلوس على شط القناة فى ممشى بورتوفيق.