بعد مضى ما يقرب من الـ 10 أيام على حادث مركب الموت برشيد ، والذى راح ضحيته مئات من الأشخاص ، وبعد أن إبتلعت غياهب البحر الأطفال القُصر والرُضع والنساء والشباب ، تعالت أصواتاً تخرج من بين صفوف بعض المسئولين بل وبعض شرائح المجتمع تتشدق بأقاويل تحمل فى طياتها " أن طمع الضحايا فى الثراء السريع أسوة بمن سبقوهم الى إيطاليا او غيرها هو السبب الرئيسى فى تركهم لوطنهم وإلقائهم بأنفسهم للتهلكه " ، ومن أجل إبراز الحقائق جليةً كان لابد من رصد الواقع الذى يعيشه هؤلاء وأجبرهم على الإلقاء بأنفسهم فى بحر مظلم نسبة النجاة منه اقل بكثير من نسبة الغرق بداخله.
الجزيره الخضراء وإدراجها ضمن القرى الأكثر فقراً
بداية رصد موقع " انفراد" الحياة المعيشية التى يحياها أهالى " الجزيرة الخضراء وبرج مغيزل والسكرى وأبوخشبة " التابعين لمركز مطوبس بمحافظة كفر الشيخ ، أكثر البؤر المصدرة للهجرة الغير شرعية ؛ وبالرغم من إدراجها ضمن القرى الأكثر إحتياجاً من خلال لافته كبيرة بمدخل القرية تحمل تنفيذ العديد من الخدمات تعلوها شعار (تحيا مصر ) الإ انه لم يتم تنفيذ اى مشروعات خدمية بتلك المنطقة بإستثناء مشروع الإستزراع السمكى ببركة غليون والذى من المقرر أن يفتتحه رئيس الجمهورية المرحلة الاولى به بنهاية العام الجارى.
ترعة الرشيدية والقمامة حدث ولا حرج :
بمجرد نزولك لقرية الجزيرة الخضراء تشم رائحة كريهه ينبعث مصدرها من ترعة تقطع البيوت وتنتصفها تسمى " ترعة الرشيدية " تطلق رائحة مليئة بشتى انواع القمامة والقاذروات لا يمكن وصفها سوى بأنها جحيم يعيش حوله مئات السكان منذ سنوات.
يقول " محمد مشرف " أحد أبناء قرية الجزيرة الخضراء ، أن ترعة الرشيدية تسببت فى إصابة أهالى الجزيرة الخضراء بالفشل الكلوى ، يعنى مش هتلاقى بيت إلا فيه مريض بيغسل كلى واللى معندهوش فشل كلوى مريض بالكبد ، فالمرض هنا بات ميراثاً تتوارثه الأجيال ، سئمنا من مطالبة المحافظين المتعاقبين على المحافظة بتطهير تلك الترعة أو ردمها والإنتفاع بمكانها الكبير فى عمل محلات يتم تأجيرها لصالح الشباب يوفر لهم فرصة عمل ولكن لا مجيب ولا تزال حتى الآن تلك الترعة مصدرة للأمراض ولا أحد يحرك ساكناً.
الخدمات الصحية والتعليم:
تابع " محمد سمير " ، أنه كان لدينا مستشفى تكاملى مجهزة و مساحتها كبيرة و كان يوجد بها جميع التخصصات وتتم بها عمليات جراحيه وتخدم كافة المواطنين ببرج مغيزل والسكرى وعزبة ناصر والشوادلية والجزيرة الخضراء والمحضر وخان الجنى وغيره ، أى ما يزيد عن الـ 60 ألف نسمة ، وللأسف تحولت تلك المستشفى إلى مجرد وحدة صحية للتطعيم فقط ، وأى حالة طوارئ ليس أمامنا سوى مستشفى رشيد هى أقرب لنا من مستشفى مطوبس ، وبنضطر نذهب لمستشفى رشيد والسواق بياخد 50 جنيه عشان يودي الحالة المريضه ومش عاجبه ، وحصل قبل ذلك أن فيه اكثر من حالة ولادة وضعت فى كمين رشيد لانها ملحقتش توصل للمستشفى وأسألوا العساكر اللى فى الكمين ، وفيه حالة وضع لسيده حصلت فى المعدية ، وبخلاف ذلك أى حالة طوارئ لانعلم كيف نتعامل معها ، ونطالب بعودة المستشفى التكاملى وأجهزتها التى لانعلم إلى أين ذهبت والان لا يوجد لدينا أى خدمات صحيه تذكر ، حتى مرضى فيروس " سى " مطالبين بالذهاب لمركز الكبد بالمحافظة والذى يبعد عنا مسافة تزيد عن الـ 3 ساعات ليحصلوا على العلاج فلماذا لا يتم توفير مندوبين لمركز الكبد بالوحدة لتوزيع علاج الفيرس ؟
اما عن التعليم فهو يعانى عجز دائم عجز فى مدرسى الرياضيات والانجليزى فى المدارس الإبتدائى وسوء توزيع للمدرسين وتكدس فى الفصول.
مياه الشرب والصرف الصحى
وفيما يتعلق بمياه الشرب ، يفيد " أشرف فليفل " أن الشبكة متهالكة فقد تم تركيبها منذ الستينات ، فمثلا قرية برج مغيزل ، مياه الشرب مختلطه بمياه الصرف الصحى ، وأما الجزيره الخضراء وأجوارها تحتاج إلى تغيير الشبكات ويرجع سبب إنتشار مرض الكبد بتلك المنطقة بسبب تلوث المياه ، ونطالب معامل وزارة الصحة بفحص بتحليل مياه الشرب لكشف مدى تلوثها ، واتعجب من تصريحات المحافظ التى يعلن فيها القضاء على فيرس سى ، بالرغم من أن مسببات المرض لا تزال موجودة ، كما أنه لايوجد بالقرى هنا صرف صحى ، والأهالى بتصرف صرفها فى الترعة اللى بيرجعوا بعد كدا يرووا منها الأراضى ، وسمعنا وعود كثيرة من المسؤولين بتوصيل الصرف الصحى لنا دون جدوى
الإسكان والكهرباء
وأشار" حمد حسن " الى أنه تم إنشاء 105 وحدة سكنية بقرية أبو خشبة وتم توزيعهم ولانعلم من الاشخاص الذين حصلوا عليها ونطالب بإعادة فحص الحالة الإجتماعية للحاصلين على تلك الوحدات الإسكانية ، ولا يوجد اى مشروعات اسكانيه اخرى تم تنفيذها بخلاف ذلك ، ومن ناحية اخرى اغلب القرى لا تدخل ضمن المخططات العمرانية بالرغم من وجود تلك المبانى منذ سنوات طويله وهو مايجعل المواطنين يقعوا تحت ابتزاز بعض موظفين شركة الكهرباء لإدخال عدادات كوديه و دفع رشاوى ونطالب بوضع تلك القرى داخل المخططات التفصيلية ، وكذلك عدم قطع الكهرباء بإستمرار ،
وواصل " حمدى " كلماته باكياً ‘ والله العظيم الكهرباء كانت قاطعه علينا فى اول ايام العيد وحتى اللحمة اللى بنستناها من السنه للسنه باظت واترمت ، يعنى حرام اللى بيحصل فينا دا ، يجى المحافظ اللى مزارش الجزيره الخضراء من يوم مامسك المحافظة يشوف احنا عايشين ازاى ؟ هو كل يوم والتانى بيزور بركة غليون وبينا وبينها خطوه ، قولوله يخصص يوم ويمر يشوف حالنا اللى يصعب على الكافر ويرجعوا فى الاخر يقولنا بترموا روحكم فى البحر ليه ؟ بنرمى روحنا فى البحر من القهر والمرض والفقر اللى احنا عايشينه واللى بيقول طمعانين يسيب عيشته المرتاحه ويجى يعيش وسطينا ويدوق اللى دايقينه
انتشار البطالة بين الشباب بتلك المنطقه:
هذا وقد أرجع " بسام محمد " أحد قاطنى تلك المنطقة ، ان المنطقة الصناعية بمطوبس بها العديد من المشاكل واغلب المصانع بها متوقفه والارض غير مرفقه بالمياه والصرف الصحى وهو ما يتسبب فى احجام بعض المستثمرين عن فتح مشاريعهم فى تلك المنطقة النائية ، حتى المصانع النى تعمل انا محتاج واسطه عشان الاقى حد يشغلنى فيها " عامل " ، وياريت المحافظة تقوم بترفيق اراضى المنطقة الصناعية وتطرحها للشباب بحق انتفاع رمزى وتساعده فى عمل مشروعات ذات جدوى اقتصادية ، ونتعشم ان يكون مشروع الاستزراع السمكة ببركة غليون باب رزق يشغل الاف والاف من الشباب اللى خلصوا تعليمهم ومرميين على القهاوى فريسه لسماسرة الموت!