على بعد 14 كيلو من مدينة طنطا توجد قرية إبيار التابعة لمركز كفر الزيات بمحافظة الغربية، وهي من القرى الأثرية القديمة وكانت تسمى قديمًا بجزيرة بني نصر، وهي مسقط رأس أسرة الدبلوماسي المعروف محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق والحاصل على جائزة نوبل للسلام سنة 2005 ومحمد فتحي البرادعي وزير الإسكان ومحافظ دمياط الأسبق كما ولد بها المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي
يرجع تاريخ القرية إلى ما قبل الفتح الإسلامي لمصر، حيث كان اسمها القبطى "بيار" ثم أصبح اسمها "بنى نصر" وقد ذكرها علي مبارك في كتابه الخطط التوفيقية باسمها الحالي "أبيار"، حيث قال أنها بلدة قديمة في مديرية الغربية بقسم محلة منوف، وأن بها عدة مساجد وقصور لأثرياء ذكر منهم رجل يدعى "الأمير أحمد بك الشريف"، وأن بها معمل دجاج وأنوال ومصابغ للنيلة، وسوق دائم ذو حوانيت وسوق آخر يقام كل خميس.
كما تحوي القرية كنوزًا كثيرة من الآثار سواء الفرعونية أو الإسلامية أو المسيحية كمسجد العمري الذي يرجع إنشاؤه إلي الفتح الإسلامي لمصر، ومسجد سيدي أحمد البجم الذي يرجع تاريخه إلي العصر الأيوبي وكنيسة العذراء إحدي الكنائس الأثرية ودير ماري مينا كما اكتشف بها أحجار فرعونية كبيرة وقد زارها الرحالة ابن بطوطة ووصفها قائلاً "قديمة البناء، أرجة الأرجاء كثيرة المساجد، ذات حسن زائد " كما ذكرت في خطط المقريزي ومؤلفات الإدريسي
تحتضن تلك القرية كنيسة السيدة العذراء ودير مارمينا الأثرى ويتوافد عليها المئات يوميا من اجل زيارة الدير واختلاط اهلها حال دون إثارة الفتن أو التفريق بين المسلم والمسيحى، يعيشون حياة طبيعية هادئة فى محبة وسلام ففى كنف الكنيسة تربى الشاب المسلم وفى أروقة الدير تعلم أطفال المسلمين القراءة والكتابة قبل دخولهم المدرسة وساد مبدأ المواطنة مما خلق حالة من التعايش السلمى رغم الصورة القاتمة التى يراها البعض جراء الأحداث الطائفية المتكرّرة فإن أهالى تلك القرية يمثلون نسيجاً واحداً قد لا يوجد بين أصحاب الديانة الواحدة
وذكر موقع الأنبا تكلاهيمانوت ان تلك القرية كانت من الإيبارشيات القديمة وتوجد إشارات كثيرة لوجود كرسى أسقفى فيها استمر فترة طويلة فهناك اشارات توضح وجود أسقفية لإبيار في العصور الوسطى حتى منتصف القرن الرابع عشر ولقد ذكر أبو المكارم 1209 م في كتابه الكنائس والأديرة في القرن الثانى عشر أن منطقة إبيار أسقفية وكان يوجد بها ستة كنائس وحاليًا لا يوجد سوى كنيسة السيدة العذراء ودير مارمينا الأثرى
تقع كنيسة السيدة العذراء وسط مزارِع القرية وقد أقيم حولها مبنى ضخم للخلوات والمؤتمرات الروحية والكنيسة مجددة بنفس شكلها القديم من القرن 19 م تقريبًا المدخل بسقيفة ويتوسطه عمود وعلى جانبيه حجرتان والكنيسة لها قبتان مُدَبَّبَتان أحدهما في منتصف الصحن، والأخرى فوق الهيكل الأوسط والحِجاب حديث وبه كثر من الأيقونات وقد ذكر وجود القلايات عند ذِكر سيرة القديس مينا حبيس إبيار، وإن لم يوجد حاليًا أي أثر من هذه القلالي أو آثار للدير القديم.
حتى نهاية حبرية الأنبا توماس مطران الغربية والبحيرة والفؤادية وخلفه الأنبا إيساك كان الدير بصورته البسيطة كنيسة كبرى باسم صاحب الدير الشهيد مارمينا العجائبى وفى غرب الكنيسة مبنى صغير للضيافة ولإقامة المطران وكان يحيط بالسور القبلى للدير مجموعة من الحجرات يرجح أنها كانت قلالى للحبساء واستخدمت فيما بعد لإقامة زوار الدير أثناء الإحتفال السنوى الذي كان يقام لصاحب الدير في 15 بؤونه الموافق 22 يونيو (عيد إكتشاف جسده) و15 هاتور الموافق 24 نوفمبر (عيد استشهاده) من كل عام. وكان الزوار يستغلون منطقة الحقول المحيطة بالدير للإقامة وكان يقام إحتفالا كبيرًا يستمر لمدة أسبوع وينتهى بعيد شفيع الدير .
ولقد ذكر في بعض المراجع التاريخية أن قداسة البابا شنوده تم عماده أثناء هذه الإحتفالات بالدير وهو صغير ونشأت العلاقة القوية بين قداسته وشفيعه مارمينا من خلال هذه الإحتفالات؛ حيث إعتادت الأسرة الحضور من دمنهور في كل عام للإقامة بالدير والإحتفال بعيد الشهيد العظيم مارمينا العجائبى وفى حبرية الأنبا يؤانس أسقف الغربية المتنيح أبطل عمل هذه الإحتفالات لخروجها عن اللائق وطبيعة الإحتفالات الدينية والمسيحية و قام ببناء بيت خلوة للشباب، وأنشأ به كنيسة باسم الملاك ميخائيل ليستفيد بها الخدام أثناء خلواتهم الروحية وأنشأ أيضًا مذبح باسم الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا ومذبح آخر باسم ماربولس الرسول بالدور الثانى بالكنيسة الأثرية.
الان الدير في حبرية نيافة الأنبا بولا أسقف طنطا وتوابعها والذى أهتم بتجديد الدير وتجميله وتعميره، فاستغل المساحات الموجودة بالدير كحديقة كبيرة كما أقام مُجَسَّم مُثَمَّن الشكل مُحاطًا بحديقة مستديرة وسط فناء الدير تشرح حياة القديس مارمينا وإستشهاده بالزجاج المعشق و أقام مشروعات إنتاجية للشباب بالدير، مثل ورشة الزجاج المعشق والموزاييك على أعلى مستوى تخدم الكرازة المرقسية بالداخل والخارج و إنشاء مبنى ضخم كمجمع خدمات، به صالات إجتماعات على أحدث مستوى تكنولوجى، وحجرات للإقامة على أعلى مستوى، وأيضًا مكان لائق بإستقبال المسئولين من قبل الدولة.
كما يضم الدير مبنى للخدمات الإنتاجية يُسْتَخْدَم كمركز تدريب شباب القرية والقرى المجاورة لتعلم حرفة (كالنجارة - الكمبيوتر - الزجاج المعشق - دورات لغات) وغيرها من المشروعات التي تفيد الشباب وتزيد دخله هذا بالإضافة إلى اللمسات الجمالية كمكان للراحة والتعبد للزوار