ينظم مركز دراسات الحضارة الإسلامية بمكتبة الإسكندرية محاضرتين يلقيهما الدكتور محمد أبطوى؛ الأستاذ بكلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط، وذلك يومى 8 و9 فبراير 2017 بقاعة الوفود، مركز المؤتمرات، بمكتبة الإسكندرية.
تأتى المحاضرة الأولى الساعة الثالثة عصر يوم الأربعاء الموافق 8 فبراير حول تاريخ العلوم فى الحضارة الإسلامية الكلاسيكية: تقديم المبحث ومنهجيته وتقديم لبعض نتائجه الكبرى. أما المحاضرة الثانية فهى بعنوان"نشأة وتطور علم الأثقال فى التقليد العلمى العربى الكلاسيكى (ق.3-13هـ/9-19م): تقديم متن النصوص وتحليل دلالته فى تاريخ الميكانيكا"، وتقام الساعة الحادية عشر صباح يوم الخميس الموافق 9 فبراير 2017.
ويتناول الدكتور محمد أبطوى فى المحاضرة الأولى "العلم العربى الكلاسيكي"، الذى يُشار إليه أيضا بالعلم العربى والإسلامى، وهى العبارة التى درَج المؤرخون على استعمالها للإشارة إلى الإنتاج العلمى الذى كُتب معظمه باللغة العربية فى المرحلة الكلاسيكية للحضارة الإسلامية بين أواخر القرن الثامن وبداية القرن السابع عشر. وقد استفادت من هذه النهضة الأكاديمية عملية تحقيق النصوص فى فروع العلم النظرية والتطبيقية، كالرياضيات والفلك والكيمياء والفيزياء والميكانيكا والطب والصيدلة والفلاحة وغيرها. كما درس المؤرخون وحللوا المؤلفات العلمية العربية بمنهجية عالية الدقة وأبرزوا مساهمتها فى تاريخ العلوم العام.
وقد ساهم فى إحداث هذه الطفرة المعرفية أجيال من مؤرخى العلوم ينتمون لمختلف الجامعات ومؤسسات البحث عبر العالم. وأنتجَت الدراسات والأبحاث المنشورة منذ نهاية القرن 19، وخاصة منذ النصف الثانى للقرن 20، نظرة جديدة إلى التقليد العلمى العربى والإسلامى بوّأته مكانة عظمى ضمن التّقاليد العلمية العالمية.شملت الأبحاث فى هذا الميدان الأكاديمى جميع مناحى العلوم الدقيقة والتطبيقية التى مارسها العلماء فى العصر الكلاسيكى، مع أفضلية واضحة للرياضيات والفلك، لكن الميكانيكا والفلسفة الطبيعية والطب استفادت أيضاً من هذه الطفرة فى الدراسات حول العلم العربى والتى أغنت معرفتنا بتقليد العلوم العربية إغناءً كبيراً.
وفى المحاضرة الثانية يقدمالدكتور محمد أبطوى دراسة مفصلة عن نشأة وتطور علم الأثقال فى التقليد العلمى العربى. وتُخصص المحاضرة الثانية لاستكشاف الدلالة العميقة للتمييز فى متن الميكانيكا العربية بين علمين لا يتداخلان رغم تقاربهما، وهما علما الأثقال والحيّل. وتمثّل أطروحة التمييز بين علمى الأثقال والحيّل كشفاً هاماً ونتيجة رئيسية من نتائج تاريخ العلوم المعاصر عرضهاأبطوى فى العقدين الماضيين فى سلسلة من الدراسات المنشورة بعدة لغات بالتعاون مع معهد ماكس بلانك لتاريخ العلوم ببرلين. والميكانيكا العربية هى مجموع المؤلفات المكتوبة بالعربية حول الأثقال والحيّل والتى تنتمى إلى الإنتاج العلمى فى العالم الإسلامى ما بين القرنين 3 و13 بعد الهجرة (9-19 م).ويتمحور المتن النصى للتقليد العلمى المكتوب بالعربية فى علم الاثقال حول المسائل النظرية والعملية للأثقال والموازين وتطرح إشكالاتها الرياضية والفيزيائية. وقد ساهم عدد معتبر من علماء بلاد الإسلام فى تأليف هذه الرسائل، من رياضيين وفيزيائيين ومهندسين. كما يضم هذا المتن بالإضافة إلى الكتابات الأصلية التى وُضِعت بالعربية، مجموعة من الأصول الإغريقية فى ترجمات عربية، بعضها ضاع أصله الإغريقى ولا نعرفه اليوم إلا فى صيغته العربية.
وقد حصل الدكتور محمد أبطوى على الدكتوراه فى فلسفة وتاريخ العلوم من جامعة السوربون بباريس 1989، وعمل كبيراً للباحثين بمؤسسة العلوم والتكنولوجيا والحضارة بمانشستر بالمملكة المتحدة، وهوباحث زائر لمدة 8 سنوات بمعهد ماكس بلانك لتاريخ العلوم ببرلين. وقد فاز د. محمد أبطوى بجائزة الملك عبد الله للترجمة بالاشتراك مع الدكتور سليم الحسنى فى مجال "العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى" عن ترجمته إلى اللغة الإنجليزية لكتاب "متن المظفر الإسفزارى فى علمى الأثقال والحيل"، ونشر محمد أبطوى فى 2015 كتابا جديدا يتضمن ترجمة إنجليزية كاملة لمتن الإسفزارى فى الميكانيكا، بالإضافة إلى نتاجه العلمى الغزير باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية فى مجال تاريخ العلوم والميكانيكا فى الحضارة الإسلامية.