بالصور.. "الفقر والأمية والمرض" يدقون ناقوس الخطر فى "وادى الصعايدة" بأسوان

"الفقر والأمية والمرض" ثالوث خطير يهدد حياة أى مجتمع ويدمره بالكامل، ورغم انتشار التكنولوجيا الحديثة وتقدم وسائل التوعية ووصولها لمعظم أنحاء العالم، إلا أن قرى "وادى الصعايدة" تعانى من هذه المشاكل التى تودى بحياة سكانها يوماً بعد يوم. وانتقل "انفراد" إلى قرى وادى الصعايدة بمركز إدفو شمال محافظة أسوان، ليرصد معاناة مجتمع يبعد عن شمال مدينة أسوان بنحو 133 كيلو متراً، ويواجه مشاكل رئيسية تتمثل فى مقومات الحياة الأساسية. مشروع قرى وادى الصعايدة افتتح المهندس حمدى الكاشف المراقب العام للمراقبة العامة والتنمية والتعاون بمصر العليا، الحديث عن مشروع وادى الصعايدة قائلاً: "قرى مشروع وادى الصعايدة هى قرى مخصصة لاستصلاح الأراضى الزراعية منذ عام 1998، حيث أعطت الدولة الأراضى الزراعية بالمشروع للشباب والمنتفعين الذين تنطبق عليهم الشروط بواقع 6 أفدنة ومنزل بجانب منحة من وزارة التضامن الاجتماعى". وتابع المراقب العام للمشروع الحديث عن قرى وادى الصعايدة لـ"انفراد"، موضحاً أن مساحة أراضى مشروع وادى الصعايدة تبلغ 24 ألف فدان، ويضم 6 قرى هى "الشهامة وعمرو بن العاص والإيمان والسماحة والإشراف والنمو" بإجمالى 4028 منتفعاً، بينما يبلغ عدد السكان 20 ألف نسمة. مياه الشرب غير صالحة للاستهلاك عبد الحميد عبد الله، أحد الأهالى المقيمين بقرى وادى الصعايدة، قال إن المشكلة الرئيسية التى يعانى منها أهالى قرى وادى الصعايدة، تتمثل فى نقص مياه الشرب والتى لا تصلح للاستخدام الآدمى بسبب زيادة نسبة الأملاح، بها نتيجة اختلاط مياه الصرف الزراعى مع مياه الترعة الرئيسية بالمشروع القادمة من نهر النيل التى أنشئت فوقها محطات مياه الشرب، مشيراً إلى أن الأهالى يضطرون إلى شراء جراكن المياه العذبة سعة 20 لتراً مقابل عشرة جنيهات بسبب استحالة استخدام المياه القادمة عبر شبكة مياه الشرب الخاصة بالمشروع لعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمى. نقص مياه الرى عبد الله إبراهيم، من الأهالى أيضاً، أضاف أن المنتفعين بالمشروع يعانون من نقص مياه الرى نتيجة عدم انتظام تشغيل محطات الرفع بالكفاءة المطلوبة مما يؤدى إلى عدم وصول المياه إلى نهايات الأفرع ومساقى الحوش خاصة فى قرى الإيمان والاشراف والسماحة، موضحاً بأن مياه الرى غير صالحة للزراعة وفيها العديد من المواد الضارة بالزراعات، كما أن أهالى القرية قاموا بتحليل مياه الرى فى جامعة أسيوط وتبين أنها تسبب تلف الأرض ما بين 3 إلى 5 سنوات، مطالباً بأن يتم إسناد تشغيل محطات الرفع إلى الجهات المختصة مثل إدارة الميكانيكا والكهرباء بوزارة الرى بدلاً من الجمعيات الزراعية. انهيار التعليم سناء عبد الستار، من السيدات المقيمات بقرية السماحة بوادى الصعايدة، أوضحت بأن مشروع وادى الصعايدة يعانى من الإهمال الشديد فى مستوى التعليم، مؤكدةً أن بعض المدارس بوادى الصعايدة غير جاهزة لاستقبال الطلاب، فكثيراً ما يخاف الآباء على أبنائهم الصغار من سقوط جدران المدرسة على رؤوسهم بسبب التصدعات والشروخ التى تملأ معظم المدارس بالقرى الستة وتعانى معظم المدارس فى قرى "الشهامة وعمرو بن العاص والإيمان والسماحة والأشراف والنمو"، من تهالك المبانى وعدم توافر صيانة بالفصول والمراحيض والأرضيات "على حد قولها"، وعلقت "لم تكن الظروف المالية لأهالى قرى مشروع وادى الصعايدة بمركز إدفو شمال أسوان، هى السبب وراء انسحاب عدد كبير من الطلاب وخاصة الفتيات من المراحل التعليمية المبكرة فى قرى مشروع وادى الصعايدة، ولكن هناك سببا آخر متعلقا بعدم توافر مدارس للتعليم الثانوى العام والزراعى والصناعى، مما يدفع عددا كبيرا من أولياء الأمور بتوفير نفقات الإنفاق على انتقال أبنائهم بوسائل نقل خاصة لعدم توافر سيارات أجرة إلى مدينة إدفو". فاطمة ابنة سناء عبد الستار، تدخلت فى الحديث قائلةً "أعيش مع والدتى وإخوتى الصغار عقب وفاة والدى، وانتقلنا للعيش فى قرية السماحة التابعة لمشروع وادى الصعايدة بمركز إدفو شمال محافظة أسوان، بعد أن سمعت والدتى بما يقدمه المشروع للأرامل والمطلقات من تيسيرات ومنح قطعة أرض ومنزلاً بجانب معاش بسيط يبلغ 350 جنيهاً"، وتابعت ""عندما انتقلنا للعيش فى قرية السماحة قبل 5 أعوام، شعرت بسعادة غامرة فى منزلنا الجديد، وبدأت أحلم بالمستقبل وكيف أستطيع أن أصل إلى البالطو الأبيض وسماعة الطبيب، وكنت متفوقة فى السنوات الأولى من الدراسة بالمرحلة الابتدائية، وعندما انتقلت للمرحلة الإعدادية بالصف الأول بدأ التفكير يدب فى رأس أمى كيف يمكنها أن توفر الماديات اللازمة بعد المرحلة الإعدادية، وكذلك عدم استطاعتنا على الانتقال بوسائل مواصلات خاصة لمدينة إدفو التى تبعد 33 كيلومتراً عن القرية للدراسة الثانوية نظراً لعدم توافر وسائل مواصلات أجرة من القرية للمدينة والعكس". المشاكل الصحية سناء نور، من المنتفعات بمشروع وادى الصعايدة، أكدت أن المشروع يعانى من الخدمات الطبية المقدمة، وأنها تعيش فى قرية السماحة منذ 12 عاماً، وكثيراً ما يعانى السكان من لدغات العقارب والثعابين حتى أن ابنتها تعرضت ذات مرة للدغة عقرب ليلة عيد الفطر المبارك، ولم تجد من يسعفها فى لحظات كادت أن تفارق فيها الحياة – على حد قولها - نظراً لعدم توافر طبيب وحدة صحية بالقرية حتى بعد بناء وحدة جديدة بعد أن تحولت الوحدة الصحية القديمة إلى سكن الأشباح "على حد وصفها". فى سياق متصل، تابعت سيدة فرغلى شعيب، من المنتفعات بقرية السماحة، بأن جميع قرى مشروع وادى الصعايدة تعانى من تدنى الخدمات الصحية ولا يتوافر فيها أطباء أو حتى طاقم تمريض فى الوحدات الصحية، كما أنه لا يوجد سيارة إسعاف لنقل المرضى أو المصابين إلى إدفو التى تبتعد أكثر من 30 كيلو متراً عن المشروع، وذلك على الرغم من تعرض الأهالى باستمرار لمخاطر لدغ العقارب والثعابين، مشيرة إلىأن الأهالى يستخدمون الطرق البدائية لعلاج لدغات العقارب والثعابين عن طريق فتح الجزء الملدوغ بواسطة مشرط أو موس حتى يخرج السم وبعد ذلك يتم وضع لبخة فوق مكان اللدغة. المياه الجوفية شاذلى حسين محمود، أحد أهالى القرية، ذكر جانب آخر من المشاكل البيئية التى يعيشون فيها، وهى مشكلة المياه الجوفية التى تكثر بالتزامن مع فصل الشتاء، وتطفح المياه إلى داخل المنازل وتتشبع الأرض بالمياه الجوفية، وتسببت فى تدمير مساحات كبيرة من المحاصيل والأراضى الزراعية بالقرية، موضحاً بأن مشكلة طفح المياه ناتجة من وجود مصرف الرى فى مستوى أعلى من سطح الأرض، وتأتى منازل القرية فى مستوى منخفض عن المصرف، الأمر الذى يؤدى إلى طفح المياه من المصرف على المنازل بجانب تسربها من باطن الأرض، مشيراً إلى أن هذه المياه بها نسبة أملاح كبيرة وتتسبب فى تآكل مبانى المنازل وتدمير الأراضى والمحاصيل الزراعية، بجانب الأضرار الصحية على الأطفال والمواطنين بشكل عام. فى المقابل، أوضح المهندس حمدى الكاشف أن سبب هذه المشكلة هى اختلاط مياه الصرف الزراعى بمياه الترعة الرئيسية للقرية وتم البدء فى إنشاء مصرف قاطع رقم 1 لكى ينقل مياه الصرف الزراعى الخاص بالمشروع إلى النيل بدلاً من إعادته مرة أخرى للترعة الرئيسية ولكن تعثر المقاول المسئول عن إنشاء هذا المصرف القاطع وتمت مخاطبة المسئولين فى وزارة الموارد المائية لسرعة استكمال تنفيذ هذا المصرف حتى تنتهى مشكلة مياه الشرب بالمشروع. واستكمل المراقب العام للمشروع الحديث قائلاً "مشكلة المياه الجوفية سببها وجود مصرف الرى القاطع الذى يمر بقرية السماحة فى مستوى أعلى من سطح الأرض، وبالتالى تتسرب مياه الصرف الزراعى إلى المنازل والشوارع"، مشيراً إلى أن هناك دراسة يجريها مسئولو الرى لتنفيذها وإنهاء المشكلة، إلا أن هذه الدراسة تحتاج إلى ميزانية وموضوع لها خطة لتنفيذها. محافظ أسوان، اللواء مجدى حجازى، أكد أن الصندوق الدولى للتنمية الزراعية بدأ فى إجراءات تنفيذ أعمال تطوير قرى مشروع وادى الصعايدة، من خلال مجالات مختلفة لتخفيف الأعباء المعيشية عن المنتفعين والمزارعين بـ 11 قرية بوادى النقرة ووادى الصعايدة، من خلال تطوير البنية الأساسية لمياه الشرب والصرف الصحى وأيضاً القضاء على التلوث مع دعم الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة للوصول إلى التنمية الشاملة والمستدامة.