مع ساعات الفجر الأولى وانتهائه من آخر كوب ماء بعد سحوره، الذى يستعد به لصيام يوم حافل بالعمل، وشاق جدا، يقوم عم سعيد، أحد بائعى الكنافة اليدوية أو "الكنافة البلدى" ببدء يومه الشاق، الذى يبدأ بعجن عجينة الكنافة اليدوية والتى تتطلب مواصفات خاصة، غير مواصفات الكنافة الآلية، والتى انتشرت فى كافة الأماكن، حيث لم يعد أحد يقوم بعمل الكنافة اليدوية، بسبب المشقة فى صنعها، وعجنها وتسويتها، وتحتاج لأفران مجهزة بطريقة معينة.
الكنافة البلدى، هى أحد أهم علامات رمضان فى الكثير من المنازل، وبالنسبة للعديد من الأسر، والتى يكون لها قوام مختلف، عن الكنافة الآلية، والتى تفضلها ربات المنازل، فى صنع العديد من الأًصناف والأشكال بالكنافة، فهى من علامات البهجة فى شهر رمضان والتى يقبل عليها المواطنون رغم ارتفاع الأسعار، وكثرة الأعباء المنزلية، والمصروفات، خاصة فى شهر رمضان.
يقول "عم سعيد"، صانع كنافة بلدى، كل سنة أفتح فى نفس المكان بطلخا، حيث أقوم بالحصول على رخصة من مجلس المدينة، لعمل شادر بالشارع، محكم الغلق، بمواصفات صحية، يشرف عليها العديد من الأطباء بإدارة الصحة بطلخا، والتموين، والأمن الصناعى والأمن الغذائي، وأحصل على رخص من كل تلك الجهات، لبدء بيع الكنافة البلدى فى شهر رمضان، والتى تعد من أهم مظاهر الاحتفال بشهر رمضان.
ويضيف عم سعيد، أبيع الكنافة فى هذا الشادر كل عام، والأسعار هى التى تحكم إقبال المواطنين على الشراء فى كل الأحوال، وكنت أظن أن العام الماضى هو العام الأسوأ على الإطلاق، ولكن هذا العام هو أكثر منه سوء، من حيث ارتفاع الأسعار الجنونى هذا العام، ولكن المواطنون يقبلون على شراء الكنافة، أى نعم بشكل أقل من العام الماضى، ولكن هناك إقبال لم أكن أتوقعه خاصة بعد أن وصل سعر جوال الدقيق 263 جنيه، مما يجبرنى أن أبيع كيلو الكنافة بـ 12 جنيه، بعدما كنت أبيعه العام الماضى، بـ 8 جنيهات وكنت أظن أن العام الماضى هو ذروة ارتفاع الأسعار ولكن السعر، لم أكن أتوقعه أبدا هذا العام، والحمد لله الأمور ماشية وربنا بييسر الحال.
تأتى سيدة فى الخمسين من عمرها، تنظر إلى الكنافة، وتتفحص فى بعض الإنتاج الذى أخرجه عم سعيد، وتسأله عن السعر، فيجيبها ان الكيلو بـ 12 جنيه يا حاجة، تنظر إليه، وتذهب ثم تعود وتقول له أعطينى بـ 5 جنيه، أى وزن، يعطيها وتنصرف ثم يعلق قائلا "هذا هو الإقبال هذا العام، الناس لا تستطيع أن تشترى كميات كبيرة من الكنافة، الموضوع لا يتوقف على كيلو كنافة، هناك احتياجات اخرى، مثل السكر، الكريمة، المكسرات، الغاز للتسوية، فصينية الكنافة ممكن أن تصل لـ 40 جنيه، ومين يقدر أن يعمل صنية كنافة بهذا السعر فى رمضان، وهناك احتياجات أخرى تكون أهم ولكن الناس يريدون أن يفرحوا بالكنافة، والاحتفال باعتباره مظهر من أهم مظاهر الاحتفال برمضان، ومن المأكولات التى تدخل البهجة على نفوس الناس.
تقول هبة سعد أيمن، موظفة، 54 سنة، اشتريت الكنافة على قدر قليل جدا هذا العام، هذه ثانى مرة أشترى فيها منذ بداية شهر رمضان، يعنى 5 أيام رمضان عملنا فيهم مرتين كنافة حلو جدا، ولن نكررها هذا الأسبوع على منتصف رمضان أقوم بعمل صينية أخرى، لإن الأسعار مرتفعة جدا، ولكن نحن نحب الاحتفال برمضان، وأحلى احتفال برمضان، هو الكنافة، والقطايف، وهذه الحلويات التى يقبل عليها الجميع، وتتجمع الأسرة حولها، وتكون مظهر جميل من مظاهر الاحتفال بالشهر الكريم، وتدخل السعادة على نفوس من فى المنزل.
ويقول رضا عبد الجواد، عامل، ورب أسرة مكونة من 4 أفراد، زوجتى تقول لى اشترى كنافة، لكن كى اشترى كنافة سأشترى كيلو سكر، و5 فول سوداني، واحتياجات أخرى مكلفه جدا، ولذا أفضل شراء الكنافة جاهزة بالقطعة، للأولاد، وبهذا أوفر ثمن صينية كنافة تتجاوز تكلفتها الخمسين جنيها، وهذا يكبدنا مصاريف كبرى، خاصة وأن الأسعار مرتفعة هذا العام، ولكن بشترى الكنافة لأولادى، لو أتى ضيف يزورنى فى البيت لابد أن أٌقدم له الكنافة، كمظهر من مظاهر الاحتفال برمضان، وربنا بيساعد ويعين الناس، وسنشترى الكنافة حتى لو وصل سعرها 100 جنيه، لإنها بتشعرنا برمضان.
عم سعيد بائع الكنافة يقول، الكنافة البلدى لها قوام مميز، تفضلها ربات المنازل، وتكون صحية أكثر، خاصة وأنها تتكون من دقيق ومياه، وخميرة، لا تدخل فيها مواد أخرى صناعية كالباودر، الذى تحتاجه الكنافة الآلية، لذلك لها زبون مخصوص يقبل عليها وعلى شرائها، ويتحمل الوقوف فى الزحام لشراء الكنافة، حيث أنها تأخذ وقت فى العجن، والصنع، والتسوية، ليست كالكنافة الآلية، التى تتم فى أسرع وقت، ولا تأخذ وقت على الصاج أكثر من دقيقة واحدة، ويكون قوامها ضعيف، لا تساعد ربة المنزل فى صنع صينية مميزة من الكنافة، كما أنها تدخل البهجة على نفوس الناس، ويأتينى الشباب والكبار والأطفال، لأخذ الصور معي، وأنا أقوم بصنعها كعودة للتقاليد القديمة التى يحبها الناس، ويبحثون عنها فى كل نواحى حياتهم.