"طارق سويدان" مطرب ومنشد سورى، من أشهر المنشدين فى مستوى الإسكندرية فى إحياء الحفلات الفنية والإنشاد الصوفى، استطاع عبر غنائه أن يصل إلى قلوب المصريين ويُعيد مفهوم كلمة "سورى" يعيش فى بلد شقيقة وينشر ثقافات الشام بعاداته وتقاليده عبر نوت موسيقية وإيقاعات فنية وصوت نقى.
هو طارق درغام سويدان، من مواليد مدينة درعا السورية تخرج فى كلية الهندسة الزراعية ثم حصل على بكالوريوس إدارة الإعلام بجامعة تورنتو الكندية، وشهادة من معهد إعداد المعلمين بسوريا، اكتشف والده الفنان السورى موهبته منذ صغره عمل بالإنشاد الدينى حتى أصبح من أهم المنشدين الدينيين بسوريا، وحصل على البطاقة الذهبية من وزارة الأوقاف السورية من الفئة الأولى، بالإضافة إلى العديد من الجوائز فى الإنشاد ومنها جائزة الصوفية على مستوى العالم.
لكن بعد عام 2011 وقفت الحرب أمام أحلامه ودمرت جميع الخطوات التى بدأها لتحقيق أحلامه كأهم المنشدين الدينيين بسوريا والشام، وقرر أن يغادر سوريا ويبحث عن الأمل من جديد، وكان هدفه هو مصر الأكثر أمانًا وترحابًا بالسوريين.
ويقول سويدان "وقفت الحرب أمام أحلامى ودمرت كل شىء بعد مرحلة انطلاقى كأشهر منشد دينى وحصلت على جوائز عالمية، ثم توقفت تماماً عن الغناء والإنشاد بسبب حزنى على سوريا ودمارها، غادرت إلى مصر وكانت لدى رغبة فى الاستقرار والأمان فقط لم تكن فى مخيلتى أن أستكمل مشروع الإنشاد والغناء".
وأضاف "فور استقرارى بمصر عملت فى أكثر من مجال مثلا حارس عقار وأمن فى إحدى شركات الحراسة وبائع فى معرض مفروشات، إلى مدرس علوم، ولم أخجل من عملى رغم شهاداتى العليا التى حصلت عليها ومكانتى الكبيرة التى وصلت إليها فى سوريا فى مجال الغناء والإنشاد الصوفى، والظروف هى التى دفعتنى للعمل فى أكثر من مجال لإيمانى أنه لابد من وجود استراتيجية للخروج من الأزمة مهما كانت تداعياتها".
واستكمل "انعزلت عن الغناء لمدة تقرب من العامين بسبب الحرب فى سوريا وحزنى على ما يجرى لأهلى وأشقائى الذين يتواجدون بسوريا وقلقى عليهم، إلى أن التقيت بمؤسسة مركز سوريانا ومفوضية اللاجئين بالإسكندرية، وعلموا بموهبتى وبدأت قصة كفاحى وانتشار جديدة من محافظة الإسكندرية".
واستطرد طارق سويدان حديثه عن بداية مشواره الفنى بالإسكندرية من خلال إقامة حفلات وإقامة ورش تعليم المقامات والغناء والنوت الموسيقية للأطفال والشباب واكتشاف مواهب فنية جديدة من الأجيال الجديدة، واستطعنا تخريج 3 دفعات من الشباب لديهم مواهب فنية حقيقية لمساعدتهم لاستكمال حياتهم ومنحهم أملا جديدا فى الحياة.
وصمت "سويدان" قليلاً ونظر إلى شاطئ البحر وقال "مصر هى البلد العربى الوحيد الذى استقبل السوريين أفضل استقبال ولم تقم لهم مخيمات، واعتبرهم أشقاء لا فرق بينهم وبين المواطن المصرى فى الحياة والتعليم، فأولادى تعلموا فى مدارس حكومية مصرية وهى أفضل من المدارس الخاصة، مصر بها مميزات كثيرة منها الهواء النقى الذى يأتى عبر المتوسط لسواحل الإسكندرية وينقل نسائم الهواء من سوريا حاملاً الأمل فى عودتنا إليها من جديد".
وأشار إلى أنه من حبه فى مصر قرر أن يؤدى أغنية وطنية تعبيرا عن تقارب الشعبيين المصرى والسورى بعنوان "مصر يا أمنا"، التى لاقت نجاحا كبيرا ويغنيها فى جميع حفلاته.
وأضاف "أتمنى أن أزور جميع السوريين فى بلاد اللجوء وأعقد لقاءات وندوات لكى أعرفهم بنماذج السوريين الذين نجحوا فى مصر وأعطى درسا للحكومات الأخرى التى تعاملت مع السوريين بسوء وأقول لهم أن مصر تعاملت بمحبة، ولو تعاملتم مع السوريين بهذه الطريقة ستجدون نماذج ناجحة فى مجتمعاتكم مثل النماذج الناجحة الموجودة بمصر".
واستكمل "ورش العمل التى تُعقد مع الشباب لتنمية مواهبهم هدفها إعادة تأهيلهم من جديد وإعادة تأهيلهم نفسياً للاستمرار فى الحياة ودفعهم نحو الأمل من جديد، وإيصال الصورة الصحيحة عن الشعب السورى بعيداً عن التجاذبات السياسية، لأن المواطن السورى ليس من مصلحته الدخول فى صراعات سياسية ولديه شهداء ومعتقلون فى بلده، فهو يريد العيش آمنا مع أولاده والبعد عن الأحزان".
يذكر "سويدان" أن أهم عوامل النجاح التى قام بها ويشعر بالفخر من تحقيقها هو منعه لأحد الشباب الذين كانوا يريدون الهجرة إلى أوروبا بحثا عن حياة أفضل ومن خلال ورش العمل الفنية واكتشاف موهبتهم، وأقنعه بأن السفر والهجرة لا يأتى بالنفع والاستقرار، فى مصر هو أفضل طريق لهم عن المخاطرة عبر البحر إلى مصير مجهول".
وأشار إلى أنه عُرض عليه إعادة التوطين من جديد بكندا أو ألمانيا، لكنه رفض وقرر الاستقرار بمصر خاصة بمدينة الإسكندرية التى تعتبر الأقرب إلى قلبه لتشابه الأجواء والعادات والتقاليد بأجواء سوريا.
وعن أهم المنشدين الذين يعتبرهم قدوة هو النقشبندى ويسير على خطاه، ويتمنى إقامة حفلات مشتركة مع وزارة الثقافة ودار الأوبرا المصرية وغنائه يصل إلى جميع المصريين، وفى نهاية حديثه تمنى "سويدان" أن يقيم حفلة إنشاد بدار الأوبرا بسوريا وإعادة إعمارها بطموح وأمل الشباب السورى وأن يعم السلام والمحبة بين الشعوب الحربية.