ربما لا تعلم عزيزى القارئ أن مصر كانت من ضمن الدول التى تعتمد عليها الولايات المتحدة فى تأمين احتياجتها من الطاقة وخاصة من الغاز المصرى المنتج من حقول دلتا النيل البحرية، بالبحر المتوسط، حيث كانت أمريكا تستورده من مصر منذ عام 2005.
فى مطلع الألفية كان إنتاج مصر من الغاز الطبيعى أكبر من حاجتها إليها، وهو ما دعا مصر للتفكير فى إنشاء محطات لإسالة الغاز لتحويل الغاز الطبيعى من حالته الغازية إلى الحالة السائلة، حتى يمكن تحميله على سفن وتصديره، لصعوبة تصديره من مصر إلى أى دولة أخرى لعدم وجود خط أنابيب ينقل الغاز للبلد المستورد.
وفى غضون زيادة الإنتاج بدأت مصر فى إنشاء مصنع إسالة الغاز الطبيعى بإدكو والذى تم تشغيله عام 2005، ليصبح المصنع الثانى بعد مصنع الإسالة بدمياط الذى تم إنشاؤه فى 2001.
يُعد مصنع إسالة الغاز الطبيعى بإدكو أحد التسهيلات التى تم إنشاءها عالمياً بأقل تكلفة ممكنة فى ذلك الوقت 2 مليار دولار وهى التكلفة التى اعتبرت الأعلى فى قطاع البترول وقتها، ويعتبر أضخم مشروع لإسالة الغاز الطبيعى فى مصر حيث يضم وحدتين لإسالة الغاز الطبيعى بطاقة استيعابية تصل لـ 4.1 مليون طن سنويا من الغاز بكل وحدة.
يعد مصنع إسالة الغاز الطبيعى بإدكو شراكة بين كلا من الهيئة العامة للبترول 12%، والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعة "إيجاس" 12%، وشركة بريتش جاز "التى استحوذت عليها شركة شل " 35.5% ، وشركة بتروناس الماليزية 35.5% ، وشركة إنجى الفرنسية "جاز دى فرنس سابقا" 5%، وتم تمويل التكلفة الاستثمارية للمشروع من 42 بنك دولى بالإضافة إلى بنك الاستثمار الأوروبى.
تم تشغيل الخط الأول بالمشروع فى مايو 2005 وتم تصدير أول شحنة منه إلى فرنسا، وتم تشغيل الخط الثانى فى سبتمبر من نفس العام وتم التصدير منه إلى الولايات المتحدة الامريكية، حيث يشتمل المصنع على ميناء لتصدير الغاز المسال لاستقبال ناقلات بسعة 165 ألف متر مكعب.
و يضم المصنع 2 مستودع لتخزين الغاز المسال بطاقة تخزينية تصل إلى 140 ألف متر مكعب لكل مستودع.
مصنع دمياط
المصنع الثانى يقع فى سواحل مدينة دمياط ويضم وحدة إسالة، وتديره شركة يونيون فينوسا الإسبانية بالشراكة من شركة إينى الإيطالية، فيما تصل حصة مصر إلى نحو 20% مقسمة بين الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية إيجاس التى تملك نسبة تقدر بـ10%، والهيئة المصرية العامة للبترول التى تملك هى الأخرى نحو 10%، وتعمل هذه المحطة بطاقة استيعابيه تصل الى نحو 750مليون قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعى .
وبسبب نقص إمدادات الغاز فى مصر منذ 2012 تقريبا بسبب خوف المستثمرين الأجانب العاملين فى تنمية حقول الغاز، توقفت هذه المحطات عن العمل، فتحولت مصر إلى مستورد للغاز ، من أجل سد العجز بين الإنتاج والاستهلاك، بعد أن كانت تقوم بتصديره، ورغم أن وزارة البترول تمكنت من تشغيل عدد من الحقول الغازية خلال العام الماضى بطاقة إنتاجية تقدر بنحو 1.6 مليار قدم مكعب، ليصل حجم الإنتاج المحلى من الغاز إلى نحو يتراوح ما بين 5.3 – 5.5 مليار قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعى، إلا أن الكميات المنتجة محليا مازالت غير كافية لإعادة تشغيل هذه الوحدات، حيث يتجاوز استهلاك مصر من الغاز الطبيعى 6 مليارات قدم مكعب يوميا حاليا.
بفضل وجود هذه المحطات على الساحل المصرى بمدينتى إدكو ودمياط، جذبت أنظار الجيران فى دول حوض شرق المتوسط إلى أهمية استخدام هذه المحطات كمرحلة اولى لبدء تصدير إنتاجهم من الغاز بسبب تعذر مد خط أنابيب بحرى بين قبرص أو إسرائيل إلى أوروبا بسبب طول الوقت المستغرق لتنفيذه بالإضافة إلى التكلفة العالية .
وبدأت وزارة البترول فى تسويق هذه المحطات لجيرانها من أجل نقل غازهم إلى مصر لتسييل الغاز، حيث ترتبط القاهرة باتفاق حكومى مع قبرص لنقل الغاز من حقل أفردويت القبرصى إلى المحطات المصرية.
كانت شركة "ديليك " الإسرائيلية للحفر، قد أعلنت منتصف الأسبوع، عن توقيع عقد مع شركة دولفينوس الخاصة المصرية، لتصدير الغاز الطبيعى، لمدة 10 سنوات، بقيمة 15 مليار دولار، وأمام خطة شركة دولفينوس فى تصدير الغاز المستورد من إسرائيل إلى أوروبا تبرز أهمية محطات الإسالة المصرية الواقعة على السواحل المصرية بالبحر المتوسط، حيث يوجد مصنعين أحدهما بإدكو، والآخر بدمياط.