عام واحد فقط اشتغلت فيه الشركة القومية للأسمنت ، أخر قلاع الأسمنت العامة بعد أن باعت الحكومة كل الشركات لصالح القطاع الخاص فى برنامج الخصخصة ، ورغم العام الواحد الذى اشتغلت فيه الشركة حققت 112% من المستهدف ، حيث كانت تنتج 5500 طن يوميا.
ومع تحقيق الشركة لأعلى معدلات الإنتاج ، فإنها تكبدت نحو مليار جنيه خسارة فى عام واحد نتيجة ارتفاع تكلفة الغاز وبالتالى مع كل طن كان يتم انتاجه كانت تخسر الشركة نحو 350 جنيها ، حيث تتقاضى الشركة المشغلة 113 جنيها عن كل طن يتم إنتاجه .
والغريب فى الأمر أن الشركة لم تقلل الإنتاج، لخفض الخسارة لعدة أسباب منها تحكم الشركة المشغلة فى العملية الإنتاجية ، ورغبة مجلس الإدارة والعاملين فى تقاضى أعلى فئة من الحوافز والمكافآت بغض النظر عن انهيار الشركة.
ثم كان القرار الأخطر فى تاريخ الشركة هو قرار إيقاف المصنع الثالث والرابع بالشركة دون أي دراسة فنية أو مالية ، مما فتح الباب لتصفية الشركة.
ورغم قرار وقف الأفران بتاريخ 6 نوفمبر واعتماده بتاريخ 27 ديسمبر من المهندس محمد حسنين رضوان ترتب عليه خسائر بلغت 550 مليون جنيه وفقا لتقرير الجهاز المركزى للمحاسبات.
وبالتالى فإن قرار وقف الشركة حاليا تمهيدا لتصفيتها يتنافى مع رغبة الحكومة فى توسيع الشركات المطروحة فى البورصة خاصة أن القومية للأسمنت من الشركات المطروحة فعليا فى البورصة نسبة 5% منها وكان من المتوقع ان يتم زيادة نسبة الطرح بدلا من شطبها من البورصة حال التصفية.
هذا الأمر سيفقد الحكومة الشركة الوحيدة فى صناعة الاسمنت وسيمنح كل القطاع الخاص فرصة التحكم فى السوق وفى أسعار الأسمنت.
وأخيرا جاءت تصريحات وزير قطاع الأعمال العام خالد بدوى حول الشركة خاصة حول ما يتعلق بانشاء مصنع جديد يحتاج لنحو 4 مليارات جنبه ، وبيع أصول الشركة الحالية ، وفتح المعاش المبكر للعاملين ، لتضع أخر سطر فى تاريخ الشركة ، رغم أن خالد بدوى نفسه هو من وضع أول سطر فى تطويرها عندما وقع على عقد التطوير بصفته مدير القطاع المالى فى شركة أسيك عام 2011 فما الذى تغير لتصفية أخر شركة عامة للأسمنت ، فى حين أن حلول انقاذها متاحة بل وتطويرها فى مكانها أيضا متاح.
مبررات الوزير جاءت فى تصريحات سابقة على لسانه عندما أكدأن الدولة تشجع الاستثمار الخاص، ولا تريد مزاحمته، وبالتالى لن تكون هناك صناعات جديدة فى قطاع الأعمال العام، لكننا نطور القطاع ويمكن التعاون مع القطاع الخاص فى إدارة الشركات كمطور ومشغل ويعطينى عائد وفق الاتفاق، كما يمكنه الدخول لتطوير أى مصنع وتشغيله.
وقال الوزير ما يهمنى أن محفظة قطاع الأعمال تزيد أرباحها، لا يهمنى التخلص من أى "بلوة "لا أملك حلولا مالية، أو فنية لها بغض النظر عن مسمى ذلك خصخصة أو غيره، لان الهدف هو التطوير، وليس التخلص من العمال، أو من الشركة، بل ما يسعدنى أن يتم تشغيل مصنع مغلق، ومن المهم ألا نقف عند مشكلة عند التطوير.
وفيما يتعلق بالخصخصة قال الوزير كان الخطأ فى الآلية والطريقة والأسلوب والاختيار وحجم الفساد وغيرها، وليست الخصخصة فى حد ذاتها، مؤكدا أن وزارة المالية ولجنة الطروحات والمجموعة الاقتصادية ستختار الشركات التى سيتم طرحها أولا.
أيضا أوضح الوزير أنه تجرى حاليا دراسة انشاء مصنع جديد للشركة، أو نقل المصنع الحالى حسب رأي اللجنة الفنية الى بنى سويف او المنيا ، خاصة أنه يصعب تشغيل الشركة القومية بالفحم حيث لم تحصل على رخصة من البيئة لوجودها فى الكتلة السكنية ، مؤكدا أنه من الغريب ان تخسر القومية للأسمنت مليار جنيه فى عام واحد.
ويتضح من تصريحات الوزير أن قطاع الاعمال العام لابد ان ينهض وأن يتم التخلص من الشركات الخاسرة ومنح العمال حقوقهم من خلال المعاش المبكر الاختيارى وهو سيكون مجزيا لهم وستكون القومية البداية لذلك سيليها قطاع الغزل والنسيج والحديد والصلب.