لم يمض أيام على انعقاد اجتماع مربى الخيول بوزراة الزراعة بحضور الدكتور صفوت الحداد نائب وزير الزراعة لاستصلاح الأراضى حتى واجهت محطة الزهراء واقعة نفوق أندر سلالات الخيل المصرى العربى الأصيل نتيجة إهمال فى الرعاية الصحية وفجرت واقعة الحصان "تجويد" ملف ضخم لثروة تاريخية كانت مصر تتربع على عرشها فى يوم من الايام وتراكم إهمالها عشرات السنين جعل آخرين يسحبون البساط رغم أن محطة الزهراء كان يطلق عليها "قلعة صناعة الخيل العربى الأصيل"..الحاضر والمستقبل فى هذه الصناعة تناقشها "انفراد" مع أحد مربى الخيول بمصر.. رجل الاعمال عمر المغاورى صاحب مزرعة المغاورى لتربية الخيول المصرية العربية الأصيلة.
س: الحاضر والمستقبل فى صناعة وتربية الخيول بمصر كيف تراه ؟
ج: قبل الحديث فى الحاضر والمستقبل لابد من استرجاع الماضى.. فالتاريخ يقول أن مصر كانت تتربع على عرش صناعة الخيل المصرى العربى الأصيل.. والقصة بدأت من عهد محمد على باشا الذى قام بتأسيس كيان جمع فيه أنقى السلالات العربية الأصيلة من الخيول.. البداية كانت بمنطقة بهتيم ثم تم تأسيس محطة الزهراء بمنطقة عين شمس على مساحة 55 فدانا تقريبًا تحت مسمى الجمعية الملكية لتربية الخيول وكان الأمراء هم الذين يديرون هذا الملف حتى أصبحت مصر هى رقم واحد فى صناعة الخيل المصرى العربى الأصيل..ولكن للأسف بمرور السنوات ضعفت الإمكانيات وتنعدم فى بعض الأوقات، مما يدفع القائمين على المحطة لطلب الدعم من المربيين وأصحاب المزارع بسبب تأخر الموارد المالية من هيئة التنمية الزراعية وهذا الأمر يتكرر كثيرًا فى العام الواحد نظرًا لمشاكل هيكلية فى الوزارة تخص تبعية المحطة لهيئة التنمية الزراعية وطريقة توزيع الإيراد الذى يضخ بالكامل للهيئة وتقوم بإعادة توزيعه على كافة الجهات التابعة لها.
س: ماذا تمثل محطة الزهراء بالنسبة للمربين؟
ج: رغم الوهن التى تعيشه المحطة لكنها تمثل قبلة لكل المربيين بالخدمات التى تقدمها مثل التسجيل واستخراج الشهادات وجوازات السفر للخيول، بالإضافة لإقامتها البطولة المحلية والدولية كل عام والمزادات التى تعقدها وخدمة الإيواء وكل هذه الخدمات تدر دخل للمحطة كفيل بحل كل مشاكلها وتوفير كافة الإمكانيات المطلوبة لها ورغم ذلك الشكوى من عدم استجابة هيئة التنمية الزراعية لطلبات المحطة لا ينتهى وهنا يكمن الخلل الأكبر.
س: ما هى ملامح الإهمال؟
ج: تربية الخيل أمانة قبل كل شىء فالمربى الحقيقى المحب للخيول العربية وخاصة السلالات المصرية النادرة يحمل أمانة الحفاظ على هذه السلالات التى تعود أنسابها إلى أكثر من 100 عام وعلى كل مربى حقيقى حفظ هذه الأمانة حتى تتكاثر ويمتد تراث هذه الخيول الأصيلة من جيل إلى جيل.
وعند الوقوف على أسباب الوهن فى العناية بالخيول فى محطة الزهراء ترى أنها لا تخرج عن أن الموضوع تحول إلى خلافات هيئات حكومية داخل وزارة الزراعة والخيول المصرية العربية الأصيلة هى التى تدفع الثمن فكامل إيراد محطة الزهراء يضخ فى هيئة التنمية الزراعية والأخيرة مطالبة بالإنفاق وتوفير الميزانية اللازمة لسد كافة غحتياجات المحطة وللأسف هذا لا يحدث وتستطيع أن تقول بأن هذه المحطة تعمل بإمكانيات ضعيفة.
وإذا توجهت لجنة إلى محطة الزهراء لتستقصى حالها ستقف على حقيقة الأمر.. لا يليق بالسلالات الموجودة بالمحطة أن تهمل هكذا لذلك نفجع كل فترة بنفوق إحدى هذه السلالات وأخرها الحصان "تجويد" الذى مات وعمره لم يتجاوز 14 سنة ولم يتم حفظ منى مجمد له ومن سنة كان الحصان "رواح" وستجد نقص كبير فى كل الإمكانيات من أدوية وخلافه.
س: ما هى معوقات تربية الخيل المصرى العربى الأصيل فى مصر؟
ج: معوقات تربية الخيول المصرية العربية الأصيلة فى مصر كلها راجع لمشاكل إدارية ونظامية ومنها: تأخر عملية فحص الـ DNA لعدة أشهر وهذا يرجع لأسباب إدارية وتنظيمية وأنا كمربى أدفع نظير هذه الخدمة مبلغ بالمصرى وأخر باليورو... فالعينات أحيانًا ترسل إلى الخارج وهذا أمر بالنسبة لى غريب لأنى أعلم أن هناك معامل كثيرة فى مصر تقدم هذه الخدمة والعينات أحيانا كثيرة يتطلب إعادتها لعدم الدقة فى أخذ العينة أو لضياعها وكل هذا وقت ضائع على حساب المربى فالـ DNA فى المتوسط يأخذ حوالى 4-6 أشهر وهناك من سيقول لك هذا تقدم مذهل حيث كانت احيانا تصل إلى سنة وأكثر فى الماضى وطبعًا فى العالم كله عينة الـ DNA لا تأخذ أكثر من 15 يومًا لأن هناك نظام موجود وعينات الآباء والأمهات مسجلة بالأساس.قاعدة البيانات الحديثة وهذا أيضا معمول به فى كل أنحاء العالم ولم ينفذ بعد فى مصر وكانت محطة الزهراء وعدت بإنشاء قاعدة بيانات حديثة على غرار قواعد البيانات المحترمة المعمول بها فى العالم وناشدت المربيين بالتبرع لإنشاء هذه الخدمة وعلى حد علمى قام كل المربيين الكبار تقريبا بالتبرع كل على حسب سعته ولكن لم نرى هذه الخدمة بعد، ولا حتى نعلم متى ستتوفر وإذا كان هناك معوقات اخرى غير التمويل.ضعف محطة الزهراء احد المعوقات الكبرى.. إذا قارنت دور المحطة تاريخيًا فى صناعة الحصان المصرى العربى الأصيل وتأثيرها فى العالم كله بما آلت إليه المحطة حاليا سترى الفراغ الهائل الذى تركته محطة الزهراء فى هذه الصناعة... قارن بما يقوم به مثلا مكان مثل بيت العرب فى الكويت والدعم الكبير لصناعة الخيل العربى الأصيل وكيف أثر هذا على تقدم الإنتاج فى الكويت ووضعها على مكانة عالمية فى هذه الصناعة وكيف تأخرت محطة الزهراء ولم تعد تقدم أى خدمات للمربيين بل بالعكس فى أحيان كثيرة للأسف يقوم المربيين بتقديم الدعم للمحطة من أدوية وخلافه حبًا فى السلالات المصرية الأصيلة وتاريخ واسم محطة الزهراء، لذا أزمة التصدير فالحجر الصحى 90 يوما وفى رأيى هذه اكبر إهانة للخيول المصرية والمربيين المصريين فهذا أكبر عائق أمام التصدير غير الانقاص من قيمة وسلامة الخيل المراد تصديريها ولابد من النظر فى هذا الأمر فورًا.
س : هل سمعت عن مدينة الخيول؟
مجرد سمع لأنى أتعامل بالأرقام والتواريخ والتفاصيل وكل هذا لم يعلن عن مدينة الخيول بعد ولكن استوقفنى ما قاله نائب الوزير د. صفوت الحداد فى تصريحاته لـ "انفراد" إن صناعة الخيول ستساهم فى الناتج القومى، والسؤال الذى يطرح نفسه كيف ذلك فى ظل إهمال وزارة الزراعة وهيئة التنمية الزراعية لمحطة الزهراء، فالناتج القومى وصل إلى 4.3 تريليون فهل على حد تصريحه أن صناعة الخيول ستساهم ولو بنسبة 1% أى بـ43 مليار جنيه؟، هل نستطيع تصدير خيول مصرية عربية أصيل بـ2.4 مليار دولار سنويًا مع كل المعوقات التى ذكرتها وعلى رأسها 90 يومًا للحجر الصحى بالطبع أتمنى أن نصل إلى هذا الناتج من الخيول خاصة وما ذكره من وجود برنامج قومى لصناعة الخيل.
وفى الختام أتوجه بالنصيحة الخالصة للدكتور صفوت الحداد ووزير الزراعة باتخاذ القرار الفيصلى والتاريخى بضرورة فصل محطة الزهراء لتصبح كيان مستقل بذاته له إيراداته ونفقاته وبميزانية مستقلة حتى تعود محطة الزهراء قلعة الحصان المصرى العربى الأصيل وأن يحققا مكاسب سريعة تساعد فعلا صناعة تربية الخيول فى مصر مثل الانتهاء من قاعدة البيانات وضمان سرعة ودقة اختبارات الDNA وتسجيل الخيول لتصل إلى 15 يوما وخفض مدة الحجز الصحى من 90 يوما إلى 15 يوم إسوة بالدول المتقدمة فى صناعة وتربية الخيول وأن يكون هناك جدول زمنى لتحقيق هذه الأهداف وليكن خلال الـ6 أشهر القادمة دون أن نطالب بتدخل فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى لإنفاذ الموقف بطريقته المعتادة التى يسابق فيها الزمن لنحافظ على صناعة تاريخية أصيلة صدرت للعالم كله من مصر.