قالت مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية "جارتنر"، إن الشركات غالبا ما تتجاهل الحاجة لتغيير عقلية موظفيها عند الشروع فى مسيرة التحول الرقمى لأعمالها، إذ إن التحول التكنولوجى الذى لا يدعمه تحول ثقافى مماثل يهدد مبادرات الأعمال الرقمية ويزيد من مخاطر فشلها.
وقال آشيش جوبتا، محلل الأبحاث لدى "جارتنر"، إن "نجاح أية مبادرة للتحول يستند لمدى إيمان الناس برؤية وأهداف المبادرة، إذ إن العاملين الثقافى والتكنولوجى يتطلبان اهتماما مماثلا من المسؤول عن تطبيق مبادرات التحول، إذ تشكل الثقافة العمود الفقرى لمختلف مبادرات التغيير ضمن مسيرة التحول الرقمى، وإن الموظفين المحصورين بعقلية ثابتة يمكن أن يبطئوا أو أن يعيقوا مبادرات التحول الرقمى التى تضطلع بها الشركة".
وأضاف "جوبتا" أنه رغم تمتع كل شركة بثقافتها ورؤيتها الخاصة بها، إلا أنها يجب أن تتفهم أهمية استقطاب المواهب التى تتمتع بالقيم والعقليات التى تتوافق مع مهمة وثقافة الشركة، مؤكدا ذلك بقوله: "هذا الأمر يتطلب بيئة فريق عمل صحية وآمنة نفسيا، تؤكد عقلية وثقافة النمو داخل الشركة"،ويُقصد ببيئة العمل "الآمنة نفسيا" تلك التى تجعل زملاء العمل وأعضاء الفريق يشعرون بأنه لن تتم معاقبتهم أو إهانتهم عند التعرض لمخاطر شخصية كطلب المساعدة، أو الاعتراف بالأخطاء ونقاط الضعف، أو التعبير عن المخاوف المختلفة.
وقد شهدت استراتيجية تطبيق ثقافة وعقلية النمو نجاحا كبيرا لدى عديد من الشركات التى تنشط أعمالها على الإنترنت، فعلى سبيل المثال تطلب متاجر بيع الملابس والأحذية الإلكترونية من كل الموظفين الجدد تجربة واختبار مركز الاتصال التابع لها؛ إذ إن المشاركة التى تتضمن التدريبات، وقضاء الوقت فى الرد على مكالمات العملاء، تسمح للموظفين بالحصول على نظرة شاملة للعمل، وفهم أن خدمة العملاء تشكل الأساس لنجاح هذا العمل.
خطة من أربع خطوات للتشجيع على تغبير العقلية
وعن التغيير الثقافى لعقلية العاملين، قالآشيش جوبتا، محلل الأبحاث لدى "جارتنر"،إنه يتطلب استثمارا كبيرا، وإن الشركات تحتاج أسلوبا خاصا لقياس القيمة التى يوفرها هذا الاستثمار، ولمساعدة مسؤولى عمليات التحول الرقمى على تغيير عقلية الموظفين، وقد طورت "جارتنر" خطة من أربع خطوات، هى:
1- الرؤية:
ابتكار رؤية قوية يمكن مشاركتها كقصة تلهم وتحفز على الرغبة لتحقيق التغير، ويجب أن يفهم الجميع ما هو مقصود بعقلية النمو والتركيز على المنتجع، وأكد جوبتا ذلك بالقول: "تتطلب عقلية النمو من الأشخاص أن يكونوا مرتاحين مع سرعة العصر الرقمى، وأن يكونوا مستعدين للقيام برهانات سريعة وخطرة عوضا عن الرهانات البطيئة الآمنة، إذ إن عقلية التركيز على المنتج تتطلب من الأشخاص امتلاك ما يبتكرونه، وتحمل المسؤولية الكاملة تجاه نجاحه أو فشله".
2- التحديد:
تحديد السمات السلوكية الرئيسية التى تعكس تغيير العقلية المقصودة، ويمكن أن تكون هذه السلوكيات عبارة عن إنجازات فردية تُعزى إلى فريق العمل، أو نتائج خاصة بالأعمال والعملاء، أو وجود عدد أكبر من المشروعات المملوكة، أو اكتساب مهارات جديدة.
3- التنفيذ:
ينبغى إشراك أقسام الموارد البشرية للتأكد من تحديث مقاييس الأداء، ووصف الأدوار والمسؤوليات، بحيث تتضمن هذه السمات السلوكية الرئيسية قبل طرحها على الأقسام والإدارات الأخرى، وأشار جوبتا إلى ذلك بالقول: "لن يتم القبول إلا إذا كان التغيير واضحا فى كل أنحاء المؤسسة؛ إذ يجب تحفيز الموظفين والعاملين على مشاركة المعارف وتعلم المهارات الجديدة".
4- القياس والمراقبة والانتظار:
يجب السماح بمرور بعض الوقت، بحيث تتشبع وتسرى التغيرات بين العاملين، كما يجب قياس ورصد التغييرات باستمرار من خلال إجراء استطلاعات ودراسات مجهولة المصدر، وقال جوبتا عن هذا: "يمكنك سؤال الموظفين حول مدى فهمهم لرسالة الشركة المتعلقة بمسألة الثقافة، أو إذا رأوا قادتهم يمارسونها، أو لاحظوا زملاءهم يأخذونها على محمل الجد أم لا، كما يجب عدم نسيان أهمية مسألة تتبع تدابير الأداء".
وأضاف جوبتا فى حديثه عن هذه النقطة: "يجب أن تكون صبورا، إذ إن تعزيز ثقافة عقلية النمو التى تتطلب تغيرات سلوكية لدى طواقم العمل تستغرق وقتا، ومع ذلك فإن المكافآت والنتائج كبيرة، إذ ستتضافر الجهود عبر المثابرة والتعلم والنمو، وقبول الحقيقة التى تفيد بأن الإمكانيات تكتسب وتغذى، وليست محددة سلفا".