توقع صندوق النقد الدولى استمرار انتعاش النشاط الاقتصاد العالمى على مدى العامين المقبلين، إلا إنه يحذر من تراجع النمو العالمى بعد عام 2020، بمجرد سد فجوات الناتج فى معظم الاقتصادات المتقدمة.
وأبقى الصندوق، فى تقريره عن "توقعات الاقتصاد العالمى" ونشرته مؤسسة "بلومبرج" المعنية بالشأن الاقتصادى العالمى، على توقعاته للنمو العالمى للعام الحالى والمقبل عند 3.9% التى توقعتها فى يناير الماضى، فيما رفع توقعاته للولايات المتحدة مع بدء تطبيق سياسات الضرائب الجديدة التى أصدرها الجمهوريون.
ويتوقع الصندوق تلاشى النمو العالمى فى ظل تشديد البنوك المركزية للسياسات النقدية، وتخفيض التحفيز المإلى فى الولايات المتحدة، واستمرار تباطؤ النمو الاقتصادى الصينى تدريجيا.
وأوضح أنه من المتوقع أن يتراجع النمو العالمى بعد العامين القادمين، مضيفا أنه بمجرد سد فجوات الناتج فى معظم الاقتصادات المتقدمة، فإن معظم الاقتصادات المتقدمة تنتظر أن تعود معدلات النمو إلى المستوى الممكن الذى يقل كثيرا عن متوسطات ما قبل الأزمة، والتى تكبحها شيخوخة السكان والإنتاجية الضعيفة.
وحذر صندوق النقد الدولى من تصاعد دائرة القيود التجارية والإجارات الانتقامية، مشددا على أن تلك الإجراءات قد تتسبب فى إنحراف التوسع الاقتصادى عن مساره.
وقال كبير الاقتصاديين فى صندوق النقد الدولى موريس أوبستفلد "لقد أُطلقت بالفعل أولى الطلقات فى حرب تجارية محتملة" ، ليجدد بذلك تحذير الصندوق فى مستهل الشهر الجارى من أن النظام التجارى العالمى يواجه خطر "التمزق".
وأضاف "قد يحتدم الصراع إذا أدت السياسات المالية العامة فى الولايات المتحدة إلى رفع عجزها التجارى إلى مستوى أعلى دون إجراء مقابل فى أوروبا وآسيا لتخفيض الفوائض".
وأشار أوبستفيلد إلى ضرورة استفادة الحكومات من الانتعاش الحإلى للاقتصاد فى إجراء إصلاحات هيكلية، ووضع سياسات ضريبية ترفع الإنتاج المحتمل لاقتصاداتها.
ورفع الصندوق تقديره لنمو الاقتصادى الأمريكى لهذا العام والعام المقبل، مستفيدا من قانون تخفيض الضرائب الذى أقرته إدارة الرئيس الأمريكى "دونالد ترامب"، إلا أن الصندوق حذر من أن التخفيضات الضريبية ستؤدى إلى هزة مؤقتة فى أكبر اقتصادات فى العالم.
وفى النسخة الجديدة لتقرير آفاق الاقتصاد العالمى، الصادر على هامش اجتماعات الربيع لصندوق والبنك الدوليين في واشنطن، توقع صندوق النقد الدولى أن يسجل النمو فى الولايات المتحدة فى 2018 نحو 2.9%، وفى عام 2019 عند 2.7%، مضيفة نحو 10 نقطة مئوية من التقديرات السابقة.
وأشار إلى أن قانون تخفيض الضرائب، الذى يعطى مخصصات مؤقتة للشركات للاستثمار بكل طاقتها، ويعطي دافعا قويا للشركات لزيادة خطط الاستثمار.
وأوضح أن زيادة نشاط الأعمال سيؤدي بدوره إلى ارتفاع سوق العمل، وهو ما ينبغي أن يزيد الاستهلاك وكذلك الأسعار- الأمر الذي سيشجع مجلس الاحتياطي الفيدرالي على رفع الفائدة بشكل أطثر قوة.
إلا أن صندوق النقد الدولي رأى أن الاقتصاد الأمريكي سيشهد تراجعا في زخم النمو بدءا من عام 2020، ثم بقوة أكبر عندما يبدأ التخلص التدريجي من تكاليف الاستثمار في عام 2023.
وعلى نطاق أوسع ، قدم صندوق النقد الدولي رسالة مماثلة للنمو العالمي، موضحا أن الاقتصاد العالمي يشهد "أوقاتا جيدة"، على أن تسجل هدوءا في السنوات المقبلة.
وشدد صندوق النقد الدولي فى تقريره على أن الوقت الحالي يمثل منعطفا مواتيا لوضع سياسات وإصلاحات من شأنها حماية الاتجاه الصعودي وتزيد معدلات النمو على المدى المتوسط ليستفيد منه الجميع وتعزز من إمكانية النمو الأعلى والأكثر شمولا، وكذلك تهيئة الأسواق والحكومات لاحتواء مخاطر الانكماش، وتحسين المرونة، وتعزيز التعاون الدولى.
جدير بالذكر أن صندوق النقد الدولي أبقى على توقعات النمو العالمي دون تغيير من يناير عند 3.9% لكل من هذا العام والعام المقبل.