قال بنك الكويت الوطني، إن حدة التوترات فى العلاقات التجارية العالمية، والتى ظهرت فى وقت مبكر من العام كتهديدات ومناوشات فقط، بدأت فى الآونة الأخيرة فى التصاعد والتحول إلى حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تمتد آثارها إلى دول أخرى بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأشار البنك فى تقريره الاقتصادى إلى أن التأثير السلبى لتلك الحرب التجارية لن يكون على طرفيها فقط، بل من الممكن كذلك أن يصل تأثيرها إلى عدة دول فى أنحاء العالم، حتى تلك التى لا صلة لها بالنزاع بشكل مباشر، كدول الخليج العربي.
وأضاف أنه نظريا، لن تكون هناك آثار مباشرة من الحرب التجارية على منطقة الخليج العربى؛ حيث لا تعتبر المنطقة معنية بشكل مباشر بهذه النزاعات الحالية، نظرا لكونها منطقة مستوردة ذات عجز تجارى كبير، باستثناء صادرات النفط، وبالتالى لا توجد أسباب لقيام دول أخرى بفرض رسوم جمركية على الصادرات، ولا يوجد أى سبب يدفع المنطقة لفرض رسوم جمركية على وارداتها.
وأوضح الوطنى الكويتى أنه عمليا، ستتأثر دول الخليج العربى بتلك الحرب حتما، من خلال التأثيرات المرتدة عبر العديد من القنوات، منها انه إذا تضرر النمو العالمي، فسينخفض الطلب على النفط، كما ستنخفض الأسعار، فضلا عن كون الصين ودول آسيوية أخرى، من الدول المستوردة الرئيسية للنفط، والأكثر تضررا من النزاعات التجارية، مما سيفرض ضغوطا على أسعار النفط.
وأضاف أن الزيادة فى الرسوم المفروضة جراء تلك الحرب التجارية، ستؤدى إلى ارتفاع الأسعار فى معظم الدول ذات الشراكة التجارية، خاصة الولايات المتحدة، فى حين أن تأثير الرسوم على الأسعار فى واشنطن، قد جاء ضئيلا، إلا أنه من المؤكد سيتسارع فى الوقت المناسب.
وأشار إلى أن أسعار الصلب والألمنيوم خير مثال على ذلك؛ حيث يدخل الصلب فى إنتاج العديد من السلع مثل السيارات والشاحنات والأجهزة وغيرها، وبالنظر إلى أن دول الخليج تستورد العديد من السلع، إضافة إلى ارتباط عملاتها بالدولار، فإن التضخم المستورد، سيكون أمرا لا بد منه فى دول الخليج، مما سيتطلب مجموعة من السياسات التقييدية ذات التأثير السلبى والمعاكس على النمو.
وتابع أنه فى ذات السياق، إذا ارتفع التضخم فى الولايات المتحدة بسبب الرسوم الجمركية المرتفعة، سيضطر الاحتياطى الفيدرالى إلى رفع سعر الفائدة بوتيرة أسرع، مما سيدفع دول المنطقة إلى رفع معدل فائدتها، نظرا للحاجة إلى إبقاء ربط سعر الصرف بالدولار فى غياب أى رقابة أو قيود على رأس المال.
وأشار إلى أن العالم يشهد حاليا تدفقات رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة إلى الأسواق المتقدمة، وبالأخص إلى الولايات المتحدة، بسبب ارتفاع سعر الفائدة، وقوة الدولار، لكن أيضا بسبب عدم اليقين والمخاطر الناجمة عن النزاعات التجارية، لافتا إلى أنه على الرغم من أن منطقة الخليج لم تتأثر بقدر ما تأثرت دول أخرى، إلا أن البعض قد شهد بالفعل بعض تدفقات رؤوس الأموال إلى الخارج، بالإضافة إلى امكانية انخفاض وتيرة تدفقات رؤوس الأموال المتوقعة إلى المنطقة، بعد ضم بعض البورصات فى مؤشرات الأسواق الناشئة (مورجان ستانلى وفوتسى راسل).
ولفت إلى أن دول مجلس التعاون الخليجى قد تضطر بعد ذلك إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أسرع من أسعار الفائدة الأمريكية؛ لجذب رؤوس الأموال، مما قد يولد تأثيرات ضارة على الاستثمار والبطالة.