أكد المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس كان، أن العالم أقل استعدادا اليوم لمواجهة أزمة مالية كبيرة كما كان قبل عقد من الزمن.
وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس، قال ستروس والذى كان يدير الصندوق في أوج الأزمة المالية المدمرة في العام 2008 إن تيار الشعبوية المتنامي في العالم هو نتيجة مباشرة للأزمة.
واستقال ستروس كان من منصبه في العام 2011 بعد اتهامه بمحاولة اغتصاب في نيويورك، ورغم أن الاتهامات ضده اسقطت لاحقا. وافق ستروس-كان على تسوية قضية مدنية لاحقة، عبر دفعه أكثر من 1,5 مليون دولار،بحسب تقارير اعلامية.. وفيما يلى نص الحوار:
متى أدركت أن أزمة كبيرة تلوح في الافق؟
حين التحقت بالصندوق في 1 نوفمبر 2007، كان من الواضح بشكل متسارع أن الأمور لم تكن على ما يرام. لذا، ففي يناير 2008، اصدرت بيانا اثار بعض الضجيج، طالبا بحزمة تحفيز عالمية قيمتها 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة. ابريل 2008 وخلال اجتماعات الصندوق في الربيع، حددنا أن المصارف تحتاج الى تريليون دولار لإعادة تشكيل رأس مالها.
هل اردكت إدارة بوش خطر إفلاس ليمان براذرز؟
لا، ولهذا السبب قرّر وزير الخزانة هنري بولسون عدم انقاذ ليمان، لأنه أراد أن يجعل منه نموذجا باسم المجازفة الأخلاقية. وعلى غرار الجميع، قلل كثيرا من عواقب الأزمة. السماح بإفلاس ليمان كان خطأ جسيما. خصوصا أنهم بعد أسبوع واحد كانوا مرغمين على انقاذ شركة (اية اي جي) للتأمين التي كانت أكبر بكثير.
بعد عشر سنوات، هل نحن مستعدون بشكل أفضل للتعاطي مع أزمة بهذا الحجم؟
ج: لا. لقد احرزنا بعض التقدم، خصوصا في مجال معدلات رأس المال للمصارف. لكن هذا ليس كافيًا. فلنتخيل أن دويتشه بنك وجد نفسه فجأة يواجه بعض الصعوبات.إن نسبة ثمانية بالمئة من رأس المال الموضوع بتصرفه لن تكون كافية لحل المشكلة. الحقيقة هي أننا أقل استعدادا الآن. القوانين غير كافية.
كيف هذا؟
بعد 2012- 2013 توقفنا عن الحديث عن الحاجة إلى تنظيم الاقتصاد، على سبيل المثال فيما يتعلق بحجم المصارف، أو بشأن وكالات التصنيف. فقد تراجعنا، وهذا هو السبب في أنني متشائم بشأن استعداداتنا. لدينا اتجاه بعدم التفكير في العولمة لكنه لا يؤدي إلى نتائج إيجابية.
هل لا يزال هناك تنسيق دولي؟
التنسيق انتهى تقريبا. لم يعد أحد يلعب هذا الدور الآن. لا صندوق النقد الدولي ولا الاتحاد الأوروبي، كما أن سياسات رئيس الولايات المتحدة لا تساعد. ونتيجة لذلك ، فإن الآلية التي تم إنشاؤها في مجموعة العشرين، والتي كانت مفيدة للغاية لأنها تضم الدول الناشئة، قد انهارت. قبل عشر سنوات، وافقت الحكومات على ترك هذا الدور لصندوق النقد الدولي. لست متأكدا من قدرة الصندوق على لعب هذا الدور اليوم، لكن المستقبل سيكشف عن ذلك.
هل تعتقد أن انتخاب دونالد ترامب نتيجة للأزمة؟
اعتقد ذلك. لا أقول إنه كان هناك سبب واحد لانتخاب ترامب، لكن الوضع السياسي اليوم ليس بعيدا عن الأزمة التي مررنا بها ، سواء في الولايات المتحدة بخصوص ترامب أو في أوروبا.
كيف؟
لقد تم التقليل تماما من شأن أحد عواقب الأزمة، في رأيي: إن النزعة الشعبوية التي تظهر في كل مكان هي النتيجة المباشرة للأزمة والطريقة التي تم التعاطي بها بعد 2011/2012 ، من خلال تفضيل الحلول التي كانت ستزيد عدم المساواة. لقد كان التيسير الكمي (حيث قامت المصارف المركزية بضخ سيولة في النظام المصرفي) مفيدا ومقبولا. لكنها سياسة مصممة أساسا لإنقاذ النظام المالي، وبالتالي تخدم أغنى الناس في العالم.
حين يندلع حريق، يتدخل رجال الإطفاء ويكون هناك ماء في كل مكان. ولكن بعد ذلك تحتاج إلى القيام بعملية تطهير، وهو ما لم نفعله. ولأن هذه المياه (الأموال) تدفقت إلى جيوب البعض، وليس الجميع، ازداد عدم المساواة حدة.