عقد مشروع حلول للسياسات البديلة التابع للجامعة الأمريكية بالقاهرة، لقاءً مفتوحًا بعنوان "الدخل الأساسى الشامل كأداة للحماية الاجتماعية فى مصر"، لمناقشة مفهوم سياسة الدخل الأساسى الشامل وإمكانية استخدامه كأداة للحماية الاجتماعية فى السياق المصرى، وذلك بمقر الجامعة الأمريكية بالقاهرة فى التحرير. واستضاف اللقاء الدكتور فيليب فان باريس، استاذ الاقتصاد السياسى والفلسفة السياسية فى جامعتى لوفان وليوفين وجامعة أكسفورد.
وشرح باريس فكرة الدخل الأساسى الشامل التى تدعو إلى أن يحصل كل مواطن من الحكومة على دخل شهرى مناسب يلبى احتياجاته الأساسية، بدون أى شروط للحاجة المادية، وتوفره الحكومة لكل شخص راشد، للأغنياء والفقراء على حد سواء.
وأشار إلى أنه اعتقد فى بداية الأمر بأن الفكرة قابلة للتطبيق فى الدول المتقدمة فقط، إلا أنه مع مرور الوقت وبعد زيارته لدولة جنوب أفريقيا لعرض الفكرة، اكتشف أن الدول النامية هى الأشد حاجة لمثل تلك السياسات، خاصة مع وجود اللارسمية فى العمل وتدنى مستوى الأجور وارتفاع معدلات البطالة، وهو على النقيض تمامًا مما يتمتع به مواطنو الدول المتقدمة من تعويضات إذا ما فقد أحدهم وظيفته بالإضافة لوجود قانون عمل يحميهم.
وتناول النقاش مجموعة من التجارب لتطبيق برامج الدعم المشروطة التى تمت بالفعل فى بعض الدول النامية مثل البرازيل والمكسيك، وهو ما قامت بتطبيقه مصر أيضًا فيما يعرف ببرنامجى تكافل وكرامة. لكن تختلف برامج الدعم المشروطة عن الدخل الأساسى الشامل فى أنها تقدم المساعدات الشهرية للفقراء فقط مع فرض بعض الشروط على المستفيدين منها، مثل أن يرسل المستفيد أطفاله للمدارس.
ويرى باريس أن مثل تلك الشروط تفتقد إلى بعض المنطقية حيث قال أنه من الصعب تحديد من هم الفقراء حقًا، وأشار إلى احتمالية حدوث بعض الأخطاء عند الاستهداف وعدم وصول المساعدات لمستحقيها. كما تشكك فى كيفية تعزيز تلك البرامج من موقف الفقراء، فإذا شعر المستفيدون بأنهم قد يفقدوا ذلك الدخل إذا ما تحسنت أحوالهم المادية، ألن يؤدى ذلك إلى عدم رغبتهم فى تحسن حالتهم المادية حتى يستمروا فى تلقى الدعم؟
وأوضح باريس أن الدخل الأساسى الشامل سيحرر الفقراء من تلك المخاوف لأنهم سيطمئنون إلى وجود دخل ثابت مهما تحسنت أحوالهم المادية. وأشار إلى التجربة الهندية فى تطبيق الدخل الأساسى الشامل، حيث رصدت الحكومة الهندية فى تجاربها الاستكشافية أثار إيجابية لتطبيق تلك السياسة مثل زيادة القوة الشرائية للمواطنين فى القرى التى تم تطبيق الدخل الأساسى الشامل فيها وبالتالى توسع الفلاحين فى زراعة المزيد من الأراضى ونتيجة لذلك زادت عوائدهم المادية.
كما ركز النقاش على طرق تمويل الدخل الأساسى الشامل، حيث قال باريس أن الضرائب تعتبر الأداة الأولى لتمويل ذلك المقترح، وعليه يجب الأخد فى الإعتبار وجود نظام ضريبى قوى وفعال يضمن تمويل المقترح. كما أشار إلى أن صندوق النقد الدولى ينادى بإحلال الدخل الشامل محل برامج الرافاه وهو ما لا يتفق معه، حيث يرى باريس أن الدخل الشامل وبرامج الرفاه مكملان لبعضهما البعض ولا يمكن لأحدهما أن يحل محل الآخر.