قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إن جيل الألفية محظوظ بالإمكانيات غير المسبوقة للتواصل مع الأفكار الجديدة، وملاحقة التطورات، ولكنه أيضا جيل يتعرض لتحديات غير مسبوقة، لقد وجد نفسه فى خضم تيار هائل من المعلومات والأفكار، ومطلوب منه أن يلاحق هذه الموجات التى تتدفق بلا انقطاع، من دون أن يفقد ذاته وهويته الحضارية المميزة، مطلوب منه أن يعيش فى عوالم متفاوتة فى سرعاتها، وأحيانا متناقضة فى اتجاهاتها.
وأضاف أبو الغيط: "هو جيل محظوظ، ولكنه أيضا جيل مأزوم، هو لم يصنع أزمته، وإنما وجد نفسه فى خضمها وصار عليه أن يتعامل معها، ويواجه تبعاتها، والخطأ كل الخطأ أن نحمله وحده مسئولية هذه الأزمة، والخطأ كل الخطأ أن نظن أن مجتمعاتنا غير مسئولة بدورها عن هذه الأزمة، أو أنها غير مطالبة بالبحث عن الحلول".
وأشار أبو الغيط، خلال كلمته بمؤتمر الاستثمار فى المستقبل اليوم الأربعاء، إلى أن جيل الألفية الذى نتحدث عنه، والذى يوشك أن يستلم دفة القيادة فى مناحى الحياة المختلفة فى مجتمعاتنا العربية، يحتاج إلى تحقيق التوازن السليم بين الاندماج فى العصر، بمعارفه وأفكاره وأدواته، والانتماء للمجتمع المحلى بقيمه وثقافته وتطلعاته، والحقيقة أن الانتماء هو شرط للاندماج، فلكى يكون هذا الاندماج مع العصر صحيا، ولكى يكون التواصل مع العالم متوازنا، ينبغى أن ينطلق من أرضية الانتماء للأوطان والثقة فى الذات.
وشدد أبو الغيط على أن الثقة فى الذات، وفى القدرة على الاندماج فى الحضارة العالمية من موقع التكافؤ، هو فى حقيقة الأمر سمة من سمات الحضارة العربية فى عصورها الزاهرة، حيث قال: "نجحت هذه الحضارة فى استيعاب عصرها وثقافته، ولم تخش الانفتاح على الآخر بل سعت إليه، ورحبت به، حتى صارت مركزا للثقافة الإنسانية، وجسرا عبرت عليه منجزات الحضارات القديمة إلى أوروبا البازغة، لقد استطاعت الحضارة العربية أن تحقق التوازن الصعب الذى أتحدث عنه بين الانفتاح والحفاظ على الذات، نجحت فى التفاعل مع الآخر من دون أن يؤدى ذلك إلى الاستلاب أو الذوبان، ولا أظن أن الشباب العربى يحتاج فى هذه المرحلة إلى ما هو أكثر من هذه المعادلة التى طبقها أسلافنا حتى أشع نور حضارتهم على الدنيا بأسرها".
وأضاف أبو الغيط أن على مؤسساتنا التعليمية والثقافية والإعلامية واجبا ومسؤولية، عليها أن تعد شبابنا ليكون أهلا للالتحاق بالثقافة الإنسانية المعاصرة، وعليها أيضا أن تسلحه بالوعى والتكوين الذى يحفظ له ذاته ويربطه بأوطانه وثقافته المحلية وهويته العربية المميزة، وأطرح هنا ثلاث أفكار أراها جوهرية فى أى مشروع للنهوض بالتعليم والارتقاء بوعى الشباب فى العالم العربى، اتحدث عن ثقافة المبادرة، وثقافة العلم، وثقافة المواطنة.