تميزت بداية السنة الحالية بحدوث عمليات بيع كبيرة وإنهيار في أسعار السلع بالإضافة إلي تراجع نمو الاقتصاد العالمي لذلك كانت بداية عام 2016 كئيبة وكافية لتجعلنا نتسائل هل نحن علي مشارف الدخول في حالة كساد عالمي، ففي العام الماضي كان الكثير من الخبراء والمحللين يتوقعون حدوث انكماش اقتصادي ولكن لم يتوقع أحد حدوث انهيار في الأسواق مثلما حدث في يوم الاثنين الأسود أغسطس الماضي الذي أعقبه انهيار وخسارة تريليونات الدولارات فى الأسواق العالمية.
الصين هي المحرك الأساسي في حدوث انهيار الأسواق
لقد أظهر محرك النمو الصيني القوي علامات تشير إلي وجود تراجع شديد في النمو الاقتصادي الصيني خلال العامين الماضيين وبالأكثر في بداية العام الحالي بسبب كثرة عمليات البيع في شهر يناير التي تشابه إلي حد كبير ما حدث يوم الاثنين الأسود في أغسطس الماضي، ونجد أن مؤشر مديري المشتريات الصناعي الصيني "كيكسن" يواصل هبوطه للشهر العاشر علي التوالي ليصل إلي 48.2 في شهر ديسمبر بعدما كان في شهر نوفمبر 48.6.
وقد أنخفض مؤشر شنغهاي المركب بمعدل 7% وترتب عليه ظهور قاطع دائرة السوق والتي تسببت في وقف التداول وبعد أيام قلائل ظهر القاطع مرة أخري ولكن كان السبب أنه أقصر يوم تداول في الصين ، وأنخفض مؤشر شنغهاي المركب بنحو 18% في أول أسبوعين من الشهر ليدخل بذلك إقليم الأسواق الهابطة وهو ما يثير الكثير من القلق والإضطراب.
التدني الشديد في أسعار النفط
إن تزايد انهيار أسعار النفط وخاصة في بداية العام يشكل خطرا كبيرا علي الاقتصاد العالمي فقد انخفضت العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكية والدولية بنسبة بلغت أكثر من 25% عند أدني نقطة انخفاض لها وهو ما يدل علي أن السوق يتجه في الطريق الخطأ ، وقد أغلق النفط الخام الأمريكي عند 26.55 دولار أمريكي ويعتبر هذا أدني سعر وصلت إليه بورصة نيويورك التجارية منذ مايو 2003، وأنخفض خام برنت ليصل إلي 28 دولار للبرميل وهو أدني انخفاض منذ 13 عام.
ويرجع انهيار سوق تداول النفط إلي عدة أسباب من أهمها وفرة المعروض وضعف الطلب لمدة لا تقل عن 18 شهر قبل بداية العام ، وأيضا وجود حالة من القلق والخوف حيال الاتفاق النووي الإيراني الذي عقد في شهر يوليو الماضي والذي أسفر عن رفع العقوبات الدولية علي إيران وعلي أثره صرح وزير النفط الإيراني زيادة صادرات البترول كجزء في الاتفاقية إلي ما يقرب من نصف مليون برميل يوميا وبالتالي سوف يؤدي إلي زيادة ووفرة المعروض.
وأثار الاتفاق النووي الإيراني القلق لدي السعودية بسبب الخوف من هيمنة إيران علي المنطقة فقامت المملكة العربية السعودية بإعدام رجل إيراني شيعي رفيع المستوي الذي أحدث الكثير من القلق والجدل علي خلفية التظاهرات التي قامت في المملكة عام 2011-2012 كجزء من ثورات الربيع العربي وعلي أثرها زادت حده التوتر بين البلدين حني وصل إلي قيام بعض المحتجين في طهران باقتحام السفارة السعودية الأمر الذي أدي إلي قيام المملكة وحلفائها من دول الخليج بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، ويتوقع البعض بأنه مخطط تقوم به السعودية لمنع التأثير المتزايد لإيران في المنطقة .
لقد وصلت أسعار النفط لأقصي مستويات البيع في شهر يناير وسوف ينعكس هذا علي الأسعار في يومي 21 و 22 في شهر يناير ، وعلي الرغم من ارتفاع أسعار النفط لمدة يوميين إلي ما يقرب من 20% لكن تعتبر هذه أدني مستوياتها منذ سنوات كثيرة.
لجوء البنوك المركزية للخطط التحفيزية
اتخذت البنوك المركزية في جميع دول العالم إجراءات وخطط تحفزيه أخري من أجل دعم اقتصادها في محاولة منها لمواجهة ازدياد الأزمة المالية وانخفاض التضخم وتراجع النمو الاقتصادي ، وقد صرح رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي أن البنك سوف يعقد اجتماع في آذار مارس المقبل ليناقش فيها أمر إصلاح السياسة المتبعة وأن البنك سوف يتخذ أي إجراء دون قيد لإعادة التضخم في منطقة اليورو إلي أقل من 2% .
ومن المتوقع أيضا أن يقوم بنك اليابان المركزى تمديد برنامجه التحفيزي كي يواجه تأثير انهيار أسعار النفط علي التضخم.