قبل 20 عاما ظهرت على استحياء للوجود عملة أوروبية موحدة جديدة، اتفقت الدول التى ستتعامل بها على تسميتها "اليورو" نسبة لمنطقة اليورو التى تخضع لتشريعاتها وقوانينها، حيث قامت بإقرار سياسة مالية مشتركة تحت إدارة المصرف المركزي الأوروبي، تم إدماجها بعد ذلك تدريجيا في السوق الداخلية والتعاملات الخارجية، وحينها وصفت المفوضية الأوروبية إقرار العملة الموحد، بـ"الخطوة التاريخية" .
وقتها كان قبول اليورو بين الجمهور الأوروبي متفاوتا من بلد لآخر، حيث لقي ترحيبا أوسع فى الدول ذات العملات القوية كألمانيا وفرنسا، فيما قبلته على مضض دول كانت قيمة عملتها منخفضة كإيطاليا واليونان، حيث أعطى سعر اليورو القوي مقابل معظم العملات القديمة انطباعا بأنه تسبب فى ارتفاع الأسعار، أما في أمور أخرى كالسفر والسياحة، فقد لقى اليورو ترحابا كبيرا من السائحين والمتنقلين بين الدول الأوروبية لتوفيره عملية تغيير العملة وتسهيله مهمة الدفع.
وحاليا غدى اليورو العملة الرسمية المتداولة في 25 دولة من بينها 6 دول ليست أعضاء فى دول الاتحاد الأوروبي، واليورو أو الأورو أو الأُيرو ورمزه الشكلي "€" ، هو العملة الموحدة لدول الاتحاد الأوروبي، ويعد ثاني أهم عملة على مستوى النظام النقدي الدولى بعد الدولار الأمريكي، ويتم التحكم فيه من قبل البنك المركزي الأوروبى ومقره مدينة فرانكفورت الألمانية .
وبدأ التعامل باليورو على النطاق المصرفى اعتبارا من عام 1999، ومن اليوم الأول من شهر يناير 2002 تم استبدال عملات الدول المنضمة لاتفاق تطبيق اليورو به، وأضحى اليورو منذ ذلك الحين عملتها الرسمية، وتدريجيا حقق سعر صرف اليورو أرقاما قياسية فاقت سعر صرف الدولار الأمريكى .
وكانت هناك أسماء عديدة مقترحة للعملة الأوروبية الموحدة، من بينها فرانك أوروبي، جولدن أوروبي، كرونا أوروبية، لكن تم الاتفاق بين المسئولين فى دول الاتحاد الأوروبى على ألا تكون التسمية الجديدة للعملة المقترحة منسوبة لأي عملة متواجدة في أحد الدول الأعضاء، واقترحت فرنسا إبقاء الإسم الذي استعمل طيلة هذه الفترة "الإيكو"، لكن كل هذه الاقتراحات فشلت إلى أن اقترح وزير المالية الألماني تيودور فايجل إسم "يورو"، وفى عام 1996 اتفق وزراء الاتحاد الأوروبي على معاهدة المحافظة على استقرار اليورو، التي نصت على محافظة الدول الأعضاء على استقرار اقتصادياتها المحلية، وبالتالي سعر صرف اليورو.
فكرة إصدار عملة أوروبية موحدة داعبت الاتحاد الأوروبي منذ تأسيسه، وخرجت عمليا للنور في عام 1970 من خلال الخطة التى طرحها رئيس وزراء لوكسمبورج بيير فيرنر، وكانت نواة الاتحاد الاقتصادي والنقدي الأوروبي، واستهدفت الخطة تطبيق عملة موحدة في الاتحاد الاقتصادي الأوروبي بحلول عام 1980، لكن سرعان ما انهارت الفكرة وحل محلها اتحاد تصريف العملة الأوروبى فى عام 1972، ولاحقا فى عام 1979 النظام النقدي الأوروبي، الذى هدف إلى المحافظة على استقرار العملات المحلية لتحقيق هذا الهدف، وتم إنشاء عملة نقد شكلية لحساب تصريف العملة تحت اسم الإيكو (ECU)، التي من الممكن على المرء وصفها بأنها العملة الأوروبية الموحدة السابقة لليورو .
وفي عام 1988 تبنت اللجنة الأوروبية تحت رئاسة جاك ديلورس ما يسمى بتقرير ديلورس، ووضع هذا التقرير الأساس لتطبيق تنفيذ العملة الأوروبية الموحدة على 3 مراحل، تم تنفيذ الأولى منها فى عام 1990 باتفاق يسمح بتنقل رؤوس الأموال بين دول الاتحاد، وفي عام 1994 بدأت المرحلة الثانية من خلال تأسيس المؤسسة النقدية الأوروبية، التي كانت أساس تأسيس البنك المركزي الأوروبي فيما بعد، وفى عام 1995 تم الاتفاق على تسمية العملة الجديدة باليورو (Euro) بدلا من الإسم القديم وذلك بعد مداولات طويلة.
والمرحلة الثالثة من مراحل خروج اليورو للوجود، تشكلت مع انعقاد المجلس الأوروبي فى عام 1998، واتفاقه على بنود إضافية، أهمها تحديد الدول المطبقة للعملة والاقتصاد الموحد، وفى أول يناير 1999 تم تحديد قيمة اليورو مقابل العملات المحلية للدول الأعضاء، وأصبح اليورو منذ ذلك اليوم عملة بنكية لأول مرة، في اليوم التالي قامت بورصات فرانكفورت وباريس وميلانو بتدوين قيمة الأوراق المالية باليورو، وتم ربط العملات المحلية في الدول الأعضاء باليورو بدلا من الدولار، وسمح منذ ذلك التاريخ بفتح حسابات في البنوك بالعملة الجديدة.
وبدأ توزيع العملة الجديدة على البنوك والمؤسسات المالية في الدول الأعضاء فى النصف الثاني من عام 2001، وفى نفس العام بدأت البنوك بيع عينات من العملة الجديدة للجمهور، وبدأ التداول الرسمي لليورو في عام 2002، وأصبح العملة الرسمية في الدول الأعضاء بدلا من العملات المحلية، واستبدلت البنوك المركزية في الدول الأعضاء عملاتها القديمة باليورو.