من الممكن أن يكون قد صادفك ذات يوم فى الفترة الماضية، خلال مطالعتك لإحدى الصحف أو المواقع الإخبارية، مصطلح باسم مبادرة "الحزام والطريق" للصين أو طريق الحرير الجديد أو الحزام الاقتصادى لطريق الحرير أو طريق حرير القرن الـ21، فكل تلك المصطلحات ما هى إلا مسميات مختلفة لمبادرة صينية تهدف تحقيق التنمية المستدامة فى الصين والعالم.
إذا كنت ممن صادفهم تلك المصطلحات، فهذا التقرير سيذكرك بما صادفته أو لمحته من قبل عن المبادرة الصينية، أما إذا كنت تقرأ ذلك الأمر لأول مرة الآن، فسيخبرك هذا التقرير عما هى تلك المبادرة وما علاقة مصر بها، فهذا ليس تقريرا عن أمر دولى لا يخص سوى المهتمين بالشؤون الدولية، ولكنه تقرير عن أمر محلى %100 معرفته تخص كل مواطن مصرى بل كل من فى الشرق الأوسط بأكمله.
البدايات..
"الحزام والطريق" هى مبادرة صينية لإنشاء حزام يربط الصين بدول العالم، تعرف هذه المبادرة باسم "طريق الحرير"، وكان لهذا الطريق دور كبير فى ازدهار العديد من الحضارات القديمة، مثل: المصرية، والصينية، والرومانية، والهندية، والتقاء الثقافات، والتبادل الفكرى، والثقافى.
وبحسب أحد المواقع التاريخية التى تعرض الخلفيات التاريخية لبعض الموضوعات، لعب طريق الحرير أيضاً دوراً كبيراً فى نمو العديد من المدن الساحلية حول الموانئ المحاذية له.
سمى "طريق الحرير" بهذا الاسم، لوجود مجموعة من الطرق البرية والبحرية المترابطة مع بعضها البعض، التى كانت تسلكها السفن والقوافل بين الصين وأوروبا لتجارة الحرير الصينى بشكل أساسى، وتجارة العطور.
وكان يبلغ طوله حوالى 12 ألف كيلو متر، حيث يمتد من المراكز التجارية فى شمال الصين وينقسم إلى فرعين، الفرع الشمالى يمر عبر شرق أوروبا والبحر الأسود، وشبه جزيرة القرم وصولاً إلى البندقية، والفرع الجنوبى يمر عبر سوريا وصولاً إلى كل من مصر وشمال أفريقيا، أو عبر العراق وتركيا إلى البحر الأبيض المتوسط.
محاولة جديدة...
توقف الخط الملاحى لـ"الحرير" مع حكم العثمانيين فى القسطنطينية، إلا أنه فى التسعينيات، ظهرت محاولات لإحيائه مرة أخرى بإنشاء "طريق الحرير الجديد".
عُرف من محاولات إحياء هذا الطريق فى التسعينيات، الجسر البرى الأوروبى الآسيوى الذى يصل بين كل من: الصين، وروسيا، ومنغوليا، وكازاخستان، ويصل إلى ألمانيا بسكك حديدية.
إطلاق الطريق...
وبعد عدم نجاح تلك المحاولات واكتمالها، توقف الحديث عن الأمر، حتى أطلقت الصين عام 2013 مبادرة "الحزام والطريق" مرة أخرى، وهى تلك المحاولة التى لاقت تجاوباً ومشاركة واسعة من نحو 65 دولة مطلة على هذا الطريق، ولكن من وافق منها حتى الآن 50 دولة.
جاءت دول الشرق الأوسط، فى مقدمة الدول الـ 50 التى وافقت على الدخول فى مبادرة الحزام والطريق الصينية، وعلى رأسها مصر، والتى تتمتع بموقع جغرافى متميز جعلها محور "الحزام" بالشرق الأوسط.
برا وبحرا.. خط سير "الحزام"
تنقسم مبادرة "الحزام والطريق" إلى طريقين، الطريق البحرى ويبدأ من فوجو فى الصين ويمر عبر فيتنام وأندونسيا وبنجلادش والهند وسيريلانكا وجزر المالديف وشرق أفريقيا على طول الساحل الأفريقى، متجها إلى البحر الأحمر مارا عبر قناة السويس إلى البحر المتوسط نحو أوروبا، حتى يصل إلى الساحل الصينى.
والطريق البرى، والذى يضمن 6 ممرات برية، هى: "الجسر البرى الآوراسى الجديد الذى يمتد من غربى الصين إلى روسيا الغربية،ممر الصين/ منغوليا/ روسيا ويمتد من شمال الصين إلى شرق روسيا،ممر الصين/ آسيا الوسطى/ آسيا الغربية يمتد من غرب الصين إلى تركيا،ممر الصين/ شبه جزيرة الهند ويمتد من جنوب الصين إلى سنغافورة،ممر الصين/ باكستان ويمتد من جنوب غرب الصين إلى باكستان،ممر بنجلاديش/ الصين/ الهند/ ميانمار ويمتد من جنوب الصين إلى الهند".
الهدف من "طريق الحرير"...
تستهدف الصين من تلك المبادرة، زيادة ربطها بدول العالم، وذلك عن طريق ضخ استثمارات بالمليارات فى البنية التحتية لكل دولة من الدولة الواقعة على "الطريق" ضمن المبادرة، والتى يبلغ عددها 65 دولة وافق منها 50 دولة حتى الآن.
على مستوى مصر، تتمثل تلك الاستثمارات فى المنطقة الصينية بالعين السخنة، فى الجزء الجنوبى للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث مستهدف جذب استثمارات من خلال تلك المنطقة تتجاوز 6 مليارات دولار.
نجحت الهيئة الاقتصادية لقناة السويس من خلال شركة "تيدا" الصينية بمصر التى تدير المنطقة الصينية بالعين السخنة، فى جذب استثمارات صينية بقيمة 1.1 مليار دولار.
واليوم، خلال زيارة الرئيس للصين، للمشاركة فى منتدى "الحزام والطريق" ودعم عوامل نجاحه على المستويين الإقليمى والدولى، وقعت الهيئة الاقتصادية لقناة السويس، اتفاقات لاستثمارات جديدة للمنطقة الصينية، بقيمة 5 مليارات دولار، سيتم تنفيذها خلال الفترة المقبلة.
يذكر أن، المنطقة الصينية تبلغ مساحتها 7.34 كيلو متر مربع، يتم تنميتها، على عدة مراحل، وقد تم الانتهاء من المرحلة الابتدائية بمساحة 1 كيلو متر مربع، كما تم تسليم الشركة مؤخرا 2 كيلو متر أخرى ضمن المرحلة التوسعية التى تبلغ مساحة الأراضى بها 6 كيلو مترات.
تعد المنطقة الصينية من أكبر الاستثمارات الأجنبية فى المنطقة الاقتصادية بالعين السخنة، وتستهدف تلك المنطقة أن تكون أكثر مساهمة فى الاقتصاد المصرى، وتوفر نحو 40 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة خلال مراحل تطويرها وتنميتها.