يصادف هذا الشهر الذكرى ال 500 على وفاة واحدh من أعظم المبدعين في العالم، ليوناردو دافنشي. لكن هل تعلم أن دافنشي استمد بعض إلهامه من المصريين القدماء؟
كمخترع، ليس من المستغرب أن يكون دافنشي قد استلهم بعض من افكاره من بناة الأهرامات وتساءل عن كيفية بنائها ، مما دفعه إلى رسم طريقة البناء كما وصفها هيرودوت، "أبو التاريخ" نقلا عن القدماء المصريين.
وبعد 500 عام، تعد ابتكارات دافنشي الآن بنفس اهميتها التي كانت في ذلك الوقت. عند زيارة المؤسسات التعليمية المختلفة والتحدث إلى المهتمين بتطوير سوق العمل، يمكنني القول أن مصر بحاجة إلى الاستعداد بشكل أفضل للتأقلم ووتيرة التقدم التكنولوجي السريع في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات الجديدة التي تبشر ببدء الثورة الصناعية الرابعة. يتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي أنه بحلول عام 2022 سيتم ابتكار 133 مليون وظيفة جديدة في قطاعات جديدة مقسمة ما بين الخوارزميات والبشر والآلات. ومع ذلك، لست مقتنعًا أن المهارات التكنولوجية التي مكّنت أجدادنا من بناء الأهرامات ستساعدنا تلقائيًا في مواكبة التحول الرقمي في العالم في الوقت الراهن.
خلال عملي، غالبًا ما أتحدث إلى خريجي المدارس المصرية والمتدربين والشباب حديثي التخرج. ففي حين أن الكثير منهم متفائلون بالمستقبل، فإن بعضهم يشعر احيانا بالإحباط لاستثماره من وقته وماله في مسار تعليمي معين ربما يكون قد أخفقهم في نهاية المطاف - وفي بعض الحالات وجدوا أن سوق العمل لا يحتاج أو يرغب في مهاراتهم التي درسوها.
تعاني منطقتنا، منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من كونها من أعلى معدلات البطالة بين الشباب في العالم (25٪) مما يكلف المنطقة ما بين 40 و 50 مليار دولار أمريكي سنويًا. من الواضح بالنسبة لي أن هذه المشكلة تنبع، بشكل جزئي، من عدم وجود اي توافق في المهارات ناجم بشكل أساسي عن عدم تعاون أو تشارك مؤسسات التعليم وسوق العمل في المعلومات، مما يترك المتقدمين لسوق العمل غير مؤهلين أو بمعنى أخر ادق، مؤهلين في المهارات التي لم تعد مطلوبة. وبسبب هذا الخلل بالتحديد، احتلت مصر المرتبة 146 من بين 148 دولة من حيث كفاءة سوق العمل، في عام 2013-2014.
حتى قطاع الغزل والنسيج المصري، الذي يوظف أكثر من مليون مصري علي أقل تقدير، بحصة تصل الي 35 ٪ من السوق العالمية بأعلى جودة من القطن الممتاز، وتاسع أكبر منتج للقطن العضوي المعتمد في العالم - ليس بمنأى عن هذا التحدي.
فإحدى أكبر مشاكل القطاع تكمن في الحفاظ على الآلات وقطع الغيار والحصول عليها. هناك زيادة في الضرائب على المنتجات المستوردة مثل الآلات وقطع الغيار التي ليس له مثيل في السوق المحلية، وعدم وجود استثمارات كافية لإصلاح الآلات عندما تتعطل. بدون شفافية سوق العمل وتعاون أصحاب المصالح، يظل المتقدمون لسوق العمل والمؤسسات التعليمية يجهلون احتياجات السوق، وبالتالي ننتهي بموقف يكون فيه العاملون لدينا غير قادرين على صيانة الآلات وإنتاج قطع الغيار اللازمة لدعم صناعة الغزل والنسيج في مصر.
من أقوال ليوناردو دافنشي الماثورة "المعرفة ليست كافية – لابد من العمل"؛ فقد حان وقت العمل لسد فجوة المهارات. فمن خلال تجربتي المهنية، شاهدت كيف يمكن للمبادرات المبتكرة على مستوى الشركات والدول ان تعمل على تحسين ظروف سوق العمل بشكل كبير. لقد طبقت البلدان في جميع أنحاء العالم بالفعل أدوات لمساعدتها في معالجة هذه المشكلة بشكل جذري وقد بدأت الدول المجاورة لنا بالفعل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في إشراك أصحاب العمل في جميع مراحل تدريب الطلاب والمدرسين لضمان توفير المهارات ذات الصلة بمتطلبات سوق العمل.
لذلك، فأنا أعتقد أن وجود نظام عالمي لتبادل أفضل الممارسات واتاحة الدراسات لنتعلم من تجارب بعضنا البعض، وكذلك إنشاء سوق عمل متاح وذو صلة بالمتطلبات الحديثة وخلق بيئة من التعاون في هذا المجال بات امرا مهما.
وانا قد سمعت مؤخرًا عن مفهوم جديد يسمى "mission: talent" - وهي عبارة عن مبادرة مثيرة للاهتمام بقيادة عملاق الطاقة النووية الروسي روساتوم وشركاء آخرين، تهتم برفع الوعي بمدى تفاقم الفجوة في المهارات وتعمل علي خلق منصة عالمية يمكننا من خلالها المشاركة والتعلم من أفضل الممارسات المتاحة والموجودة علي أرض الواقع. أنا متأكدة من أن مصر يمكنها أن يكون لديها مليون ليوناردو دافينشي من اجيال المستقبل من خلال التعاون مع الحكومات الأخرى والخبراء الدوليين وكذلك الشركات من جميع أنحاء العالم ، ناهيك عن الكليات والجامعات في الداخل والخارج.