تشهد الأسواق العالمية موجة من التراجع الحاد خلال جلسة اليوم الاثنين، في مستهل تعاملات الأسبوع؛ بسبب عزوف المستثمرين عن شراء الأصول المحفوفة بالمخاطر والبحث عن ملاذات آمنة يركنوا إليها في ظل تصاعد وتيرة الحرب بين أكبر اقتصاديين على المستوى العالمي؛ وهما الولايات المتحدة والصين.
والبداية جاءت يوم الخميس الماضي، بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة تصل إلى 10 %على وارادت صينية بقيمة 300 مليار دولار على أن يدخل القرار حيز التنفيذ خلال شهر سبتمبر المقبل؛ ما أثار حفيظة بكين التي اعتبرت القرار خطوة تصعيدية تستوجب الرد، وهو ما كان كفيلا بالهبوط بأسعار النفط أكثر من 4% في ختام تعاملات الأسبوع الماضي ليواصل المعدن الأسود خسائره مع بداية الأسبوع الجاري، متراجعا أكثر من 1% في ظل تزايد مخاوف المستثمرين حيال ضعف معدلات الطلب العالمي؛ نظرا لمكانة الصين كأكبر مستورد للنفط على مستوى العالم.
وتراجع سعر العقود الآجلة للخام الأمريكي تسليم شهر (سبتمبر) بنسبة 58ر1 % ليصل إلى 78ر54 دولار للبرميل، كما انخفض سعر العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم شهر( أكتوبر) بنسبة 42ر0 % ليصل إلى 01ر61 دولار للبرميل.
وذكرت وكالة "بلومبرج" الأمريكية أن قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة بشأن الصين، باتت تشكل تهديدا لأسواق النفط العالمية يفوق خطره توترات مضيق هرمز - التي وإن كانت لاتزال قائمة - لم تضعف الإمداد العالمي حتى الآن، في حين تنذر التعريفات الإضافية على واردات الصينية بضرب جهود منتجي النفط لدعم الأسعار في مواجهة وفرة المعروض من الخام.
ونقلت "بلومبرج" عن كبير الاقتصاديين في معهد "ميزوهو" للأبحاث في طوكيو قال جون إينو قوله: "يعتقد المستثمرون أن المواجهة الكاملة أو الاشتباك العسكري بين الولايات المتحدة وإيران على خلفية توترات مضيق هرمز أمر مستبعد، لكنهم أكثر قلقا من احتمالات تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين".. محذرا من مزيد من التراجع في الأسعار النفط، إذا تم إقرار الرسوم الإضافية على الصين ولم يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرة أخرى.
وعلى صعيد أسواق الأسهم، لم تقف البورصات العالمية بمعزل عن تداعيات الحرب الضروس بين واشنطن وبكين، حيث هوت أسواق الأسهم الأوروبية أكثر من 2% مقتفية أثر نظيرتها الآسيوية التي اتجهت هي الأخرى لتسجيل أسوأ أداء يومي لها منذ شهر أكتوبر الماضي، بفعل تزايد المخاوف بشأن اندلاع (حرب عملات) واسعة النطاق، بعد أن حدد بنك الشعب الصيني سعره المرجعي اليومي عند مستوى أضعف من 6.9 للمرة الأولى منذ شهر ديسمبر إلى جانب مطالبة السلطات الصينية للشركات المملوكة للدولة بالامتناع عن شراء منتجات زراعية أمريكية، في خطوة اعتبرها البعض ردا انتقاميا على التصعيد الأمريكي الأخير.
في المقابل .. شهدت أسواق الذهب انتعاشا نسبيا بفضل إقبال المستثمرين على شراء المعدن الأصفر بوصفه ملاذا آمنا، حيث صعدت العقود الآجلة للذهب تسليم شهر ديسمبر بنسبة 80ر0% ليصل إلى سعر 1469.10 دولار للأوقية، فيما ارتفع سعر التسليم الفوري بنسبة 1.11% ليصل إلى 1457.79دولار للأوقية.
وتتجه أنظار المستثمرين الآن صوب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمعرفة رد فعله على قرار البنك المركزي الصيني تغيير السعر المرجعي لليوان.. فكثيرا ما اتهم بكين بشأن التلاعب بالعملة لخفض قيمة الصادرات الصينية مقابل صادرات الدول الأخرى ومن ثم الإضرار بالتنافسية العالمية.
جدير بالذكر أن المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين انهارت في شهر /مايو/ الماضي بعد فرض الإدارة الأمريكية رسوم جمركية على الواردات الصيني وإدراج شركة "هواوي" - عملاق التكنولوجيا الصيني - على القائمة السوداء، وبالرغم من قرار استئناف المحادثات التجارية بين الجانبين مرة أخرى في أعقاب قمة مجموعة العشرين أواخر /يونيو/ الماضي، إلا أن أول جلسة مفاوضات مباشرة لم تؤت ثمارها، حيث ظلت قضية "هواوي" نقطة خلافية جوهرية بين البلدين وانتقادات ترامب للجانب الصيني بعدم الوفاء بوعده بشراء مزيد من المنتجات الزراعية الأمريكية.