عصفت أزمة فيروس كورونا وصدمة أسعار النفط والعقوبات الأمريكية الصارمة على قطاعي الطاقة والبنوك في إيران باقتصاد البلاد. ومع هذا فإن لدى بورصة طهران أحد أفضل مؤشرات الأسهم أداء في العالم.
وصعد المؤشر القياسي للأسهم في إيران 330 بالمئة منذ بداية العام قياسا بالعملة المحلية بفضل صعود مذهل لأسهم شركات النفط ومصافي التكرير وصناعة البتروكيماويات التي تمثل أكثر من الثلث بين أكبر 30 شركة.
لكن قد لا يكون السبب في هذا الصعود الحاد هو الثقة في مستقبل البلاد. فهي تتشابه مع أحداث في فنزويلا وزيمبابوي حيث قفزت المؤشرات بأكثر من 400 بالمئة بالعملة المحلية في ظل ارتفاع التضخم والقيود على رؤوس الأموال.
وقال حسنين مالك رئيس أبحاث الأسهم في تليمر "ينبغي ألا يُنظر لمكاسب سوق الأسهم في إيران على أنها مؤشر على استقرار اقتصادي، بل على أنها انعكاس لتضخم جامح ورأس مال محاصر، وهو ما يشبه زيمبابوي أكثر من روسيا أو السعودية".
وأضاف قائلا "تسعى الثروة المحلية إلى ملجأ للحفاظ على بعض رأسمالها".
وتحظى شركات الطاقة، المصدر الرئيسي لإيرادات العملة الأجنبية للبلاد، بنصيب الأسد من المكاسب وهو ما يضع القطاع في مركز أقوى مقارنة بالقطاعات الأخرى.
وقفز سهم شركة أصفهان لتكرير النفط 500 بالمئة منذ بداية العام، بينما صعد سهم شركة طهران لتكرير النفط 450 بالمئة وسهم شركة بندر عباس لتكرير النفط 250 بالمئة.
ويبدو المسار الذي تسلكه أسهم النفط في إيران مخالف لنظيراتها الدولية، حيث أغلقت شركات لتكرير الخام في آسيا وأمريكا الشمالية مصافيها النفطية بشكل دائم بسبب ضبابية آفاق تعافي الطلب على الوقود.
وتراجعت أسعار أسهم شركتي التكرير الأمريكيتين ماراثون بتروليوم وهولي فرونتير إلى النصف منذ بداية العام.
وخططت إيران هذا الصيف لبيع بعض أسهمها في مصافي التكرير ومن بينها مصفاة أصفهان ومصفاة طهران ومصفاة بندر عباس. لكن تأجيلا ناجما عن خلافات بين وزارات أدى إلى تراجع الأسهم من مستوياتها القياسية المرتفعة في الأسبوعين الماضيين.
وقال آرش صفاري وهو متعامل في بورصة طهران "لا تريد الحكومة بيع أسهمها بسعر رخيص".
وببيع جزء من أسهمها، تسعى الحكومة لجمع أموال لكبح عجز متضخم في الميزانية ناتج عن العقوبات النفطية.
واستثمر كثير من المتعاملين في سوق الأسهم أموالهم في شركات التكرير والبتروكيماويات، مراهنين على أن صادرات النفط ستنتعش يوما ما وسترتفع أسعار الخام. ويراهن البعض على أن أسعار النفط، التي تراجعت حوالي 30 بالمئة هذا العام وتحوم حاليا حول 45 دولارا للبرميل، ستقفز من جديد إلى 70 دولارا في الشهور المقبلة.
وقال متعامل في النفط ومنتجاته، مشترطا عدم نشر هويته "مصافي التكرير الأكثر انكشافا على الصادرات حققت أكبر استفادة من الصعود في سوق الأسهم وتراجع قيمة الريال".
* محرك محلي
جعلت شبكة معقدة من القيود والعقوبات من بورصة إيران حكرا على المستثمرين المحليين فقط تقريبا. وفي الوقت نفسه دفعت ضغوط ارتفاع الأسعار المزيد من المستثمرين الأفراد لاستثمار مبالغ كبيرة في الأسهم.
وقال متحدث باسم البورصة لرويترز "التضخم، أو لكي أكون أكثر دقة التضخم المتوقع، هو العامل الرئيسي وراء صعود مؤشر بورصة طهران".
وأضاف قائلا "لسوء الحظ أو لحسن الحظ، يواجه اقتصاد إيران عقوبات اقتصادية منذ مدة طويلة اشتدت في السنوات الأخيرة، وهو ما قيًد تأثير الاقتصاد العالمي على الاقتصاد الإيراني".
وبلغ التضخم 27 بالمئة في يوليو تموز، بحسب الإحصاءات الرسمية في إيران. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتجاوز 34 بالمئة على مدار العام. وتراجعت قيمة الريال الإيراني 70 بالمئة مقابل الدولار منذ الأول من يناير.