علق الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادى على ما أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسى بأن الدين الخارجى المصرى فى الحدود الآمنة وضعا مثالا لذلك "مؤسسة مبيعاتها السنوية مليون جنيها وديونها 200 ألف جنيه ويعمل بها 10 أشخاص، هل من الأفضل أن تُسدد الدين وتُخفض حجم أعمالها لتكون المبيعات 800 ألف جنيه، وتُشغل 8 أشخاص فقط، أم تقترض 100 ألف جنيه أخرى ترفع بها حجم مبيعاتها إلى مليون ونصف لتُشغل 15 شخص بينما وصلت ديونها إلى 300 ألف جنيه؟
فى هذا المثال نجد أن الخيار الأخير هو الأفضل لأن اقتراض 100 ألف جنيه لتلك المؤسسة ترتب علية زيادة العاملين بها، وزيادة حجم مبيعاتها، وانخفاض حجم الدين كنسبة للمبيعات لأن تحميل عبء دين قدره 300 ألف جنيه على مبيعات مليون ونصف جنيه أخف وطئه من تحميل عبء دين قدرة 200 ألف جنيه على مبيعات مليون جنيه فقط.
وأوضح جاب الله فى تصريح خاص لـ"انفراد" أن الاقتراض لزيادة الناتج المحلى وخلق فرص عمل هو اتجاه محمود يُساعد على التشغيل والنمو فى الفترات التى ترغب فيها الأمم للنهوض على أن تأتى بعد ذلك مرحله تالية للسيطرة على نسب الدين للناتج المحلي.
ولفت جاب الله إلى أن هذه المُعادلة ليست خاصة بمصر وحدها بل فعلتها الكثر من الدول وبالنظر إلى الديون نجد أن أكبر دولة مدينة فى العالم هى الولايات المُتحدة الأمريكية بما يزيد عن 22 تريليون دولار تليها المملكة المُتحدة، ثم فرنسا، ثم ألمانيا، وفى الاقتصادات الناشئة نجد أن ديون الهند تتجاوز 456 مليار دولار، وديون تركيا تتجاوز 412 مليار دولار، وعربيا نجد أرقام متفاوتة لديون كافة الدول العربية بما فيها النفطية منها
وأضاف: الواقع أنه لا توجد قاعدة تُحدد حد فاصل لنسبة الديون الآمنة، وإن كانت اتفاقية ماسترخت المؤسسة للاتحاد الأوروبى حددت أن تكون الديون الحكومية أقل من 60% من الناتج المحلي، ورغم ذلك نجد أن الدين العام الأمريكى بلغت نسبة فى 2019 نحو 105% من الناتج المحلي، والدين العام اليابانى وصل تجاوز 260% من الناتج المحلي، وفى إيطاليا وصل إلى 141% من الناتج المحلي، وفرنسا 107% من الناتج المحلي.
وشدد جاب الله على أن العبرة عند النظر إلى الدين لا تكون من خلال قيمته العددية، وإنما من خلال تفاعل نسبته إلى الناتج المحلى مع ثقة المؤسسات الدولية فى قُدرة الدولة على السداد، مضيفا :بالنسبة لمصر اتجهت نحو الاستفادة من كافة فرص الاقتراض والتمويل مُنخفض التكلفة لصناعة نهضة ترفع مُعدلات التشغيل وتحد من البطالة من خلال تمويل مشروعات قومية لو تأجلت للمُستقبل لتكلفت أكثر بكثير من قيمة ما اقترض لإنشائها مُضافا إلية الفائدة، وهو ما ساهم فى زيادة الناتج القومي، والذى انخفضت معه نسبة الدين بالفعل من نحو 108% فى 2017 إلى نحو89% مع وجود خطة لخفضه كنسبة إلى نحو 80% عام 2022.
وأكد على أن الأهم هنا هو أن كل دولار من تلك الديون نعلم كيف أنه وجه لمشروعات شعرنا بها جميعا مثل محطات الطاقة الكهربائية، ومُستحقات شركات البترول والغاز التى دعمت استمراره فى عملها وظهور استكشافات الغاز ومشروعات البترول المتنوعة، وغيره من المشروعات التى نرى الرئيس يفتتحها تباع، والضمانة الأساسية للاطمئنان هى ثقة المؤسسات الدولية التى تُصنف مصر تصنيفات ائتمانية محل ثقة فلو لم يكن الاقتصاد المصرى قادر على السداد لرفض الجميع إقراض مصر، فالقروض وسيلة تمويل الهدف منها التنمية، ويجب أن نعلم أن هذا الملف مُستمر وله إدارة لتعظيم الاستفادة من أكبر قدر من التمويل، ولا يجب أن نتصور أننا ننتظر اليوم الذى نُسدد فيه كل ديوننا، لأن السداد الكامل هو تخلى عن أداة تمويل تستخدمها كافة دول العالم.