لم يعتمد تسعير الغاز على قوى العرض والطلب، مثل النفط ولكن تسعير الغاز كان نتاجًا لسلوك احتكارى تمييزي ناشئ عن الاحتكار الطبيعي في العديد من الأسواق، حيث كان البائعون أو المشترون قادرين على تقسيم الأسواق المحلية والدولية وفرض أسعار مختلفة على الأسواق العملاء لنفس المنتج، حيث كانت العقبات الرئيسية أمام التغييرات في تسعير الغاز هي الافتقار إلى الشفافية فقد كانت السرية التجارية شرطًا للعقود الدولية في أغلب الأحوال وكانت الأسعار المحلية غير متوفرة في الإحصاءات الرسمية للعديد من الدول، كما أن الغاز له عدد كبير من وحدات القياس "وحدة حرارية بريطانية، متر مكعب، ميجا وات/ساعة، طن من الغاز الطبيعي المسال".
ووفقًا لدراسة لمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة، فإن أوروبا وأمريكا الشمالية استحوذت على غالبية تجارة الغاز الدولية خلال الأربعين عام الماضية، وانتقلت من الأسواق الاحتكارية إلي الأسواق التنافسية، إلا أن الأسواق الآسيوية تستورد نحو 70-75% من الغاز الطبيعي المسال العالمي، وظلت أسواقها احتكارية إلي حد كبير، ويهيمن عليها التسعير المرتبط بالنفط.
وفيما يتعلق بتطور أسعار الغاز في الأسواق بمختلف الدول والمناطق ذكرت الدراسة والتي قامت بترجمتها منظمة أوابك، أن شهر أبريل 1990يعد هو تاريخ بدء أسواق تسعير الغاز الوطنية و الدولية، تزامنًا مع بداية سوق العقود الآجلة فيNYMEX استنادًا إلى أسعار مركز هنري الأمريكي Henry Hupالفورية، فقد تخلت كل من الولايات المتحدة وكندا عن تنظيم الأسعار منذ عقود طويلة وذلك بعد فترة وجيزة من التسعير المتعلق بالنفط بما في ذلك المكسيك، وقد تواصل تطور عملية التسعير بعد ذلك لفترة استمرت علي مدى ثلاثة عقود وأدي إلغاء تنظيم الأسعار إلى إطلاق العنان لإمدادات الغاز التقليدية التي كانت مقيدة بقواعد الدولة والقواعد الفيدرالية، وهو ما تسبب في وجود فائض كبير في العرض مقارنة بالطلب في مركز Henry Hupوالمراكز الناشئة.
وأشارت الدراسة، إلى أنه في النصف الثاني من عام 2010 تحول التركيز والاهتمام إلى أسعار الغاز الطبيعي المسال ويرجع ذلك جزئيًا إلى الزيادة الهائلة في العرض العالمي للغاز الطبيعي المسال وأيضًا بسبب تقلب أسعار النفط التي أثرت جزئيًا علي عقود الغاز الطبيعي المسال المرتبطة بالنفط، وتعتبر آسيا المعقل الأخير لربط أسعار الغاز بالنفط، خاصة أسعار الغاز الطبيعي المسال الرئيسية والناشئة حيث تستند العقود التقليدية طويلة الأجل إلي أسعار النفط الخام ويتم ربطها بها وفضلاً عن مساهمتها في العرض العالمي للغاز الطبيعي المسال كان للمشاريع الأمريكية تأثير كبير وواضح علي السيولة التجارية وظهور مؤشر أسعار للغاز الطبيعي المسال في آسيا، حيث توسعت عمليات التسليم الفوري للغاز الطبيعي المسال والتجارة قصيرة الأجل بشكل كبير في عام2010 لتصل إلي 34% من إجمالي تجارة الغاز الطبيعي المسال في عام 2019 حيث تم في ذلك العام تسليم حوالي 60%من هذه الشحنات إلى آسيا وذلك بالاستناد إلى سعر platts japankorea market.
وذكرت الدراسة أنه من المرجح أن يؤدي التوسع السريع في التجارة قصيرة الأجل في آسيا إلى تسريع عملية تطوير أسعار السوق كما هو الحال في كل من أمريكيا الشمالية وأوروبا، كما أنه من المرجح أن تواصل أسعار السوق الانتشار عبر الأسواق الآسيوية وذلك في ظل الزيادة المتوقعة في إمدادات الغاز الطبيعي المسال التي تضمنها قرارات الاستثمار النهائية بشأن المشاريع في عام 2019 من جهة وآفاق الطلب غير المؤكد بسبب الركود المتوقع على خلفية جائحة فيروس كورونا المستجد الذي من المحتمل أن يقابلة انخفاض في أسعار الغاز الطبيعي المسال من جهة أخري.
وأضافت الدراسة أن انهيار أسعار الغاز الطبيعي المسال الآسيوية في عام 2019 قبل انهيار أسعار النفط خلال عام 2020 إدى إلى زيادة احتمال حدوث تسونامي جديد علي النمط الأوروبي من مراجعات الأسعار، مع التأكيد علي أن بعض هذه الإجراءات جارية بالفعل فقد قام المشترون بقيادة الصين والهند تليهما اليابان وكوريا بإدعاء حالة القوة القاهرة علي عقود الغاز الطبيعي المسال الخاصة بهم، بناءً على مزيج من عدم القدرة علي احذ الشحنات بسبب انهيار الطلب والمشاكل اللوجستية في الموانئ بسبب جائحة كورونا.
وأوضحت الدراسة إلى أنه بشكل عام أدى الانهيار في أسعار النفط والغاز خلال عام 2020، بسبب تراجع النشاط الاقتصادي الناجم عن جائحة فيروس كورونا المستجد إلى إثارة النقاش حول ما إذا كان هذا الحدث مجرد نسخة متطرفة من دورة السلع المألوفة أم أنها قد تؤدي إلى نقطة تحول لأسواق النفط والغاز الطبيعي مما قد يسرع من الانتقال الطواقي بعيدًا عن الوقود الأحفوري ونحو عصر منخفض الكربون.