أكد رجل الأعمال ياسر فاروق مصطفى العضو المنتدب لـ"فينيسا" للسيراميك، أن مستقبل التصدير للخارج متضرر حاليا مع ارتفاع أسعار الغاز للصناعة، حيث نفقد الأسواق الدولية نتيجة الزيادة الكبيرة فى سعر المليون وحدة حرارية، مقارنة بالدول المنافسة لنا، فدول مثل الصين والهند والسعودية والإمارات متوسط سعر الغاز لديهم 2.5 دولار، فى حين يسجل سعره فى مصر 4.5 دولار، لافتا إلى أن مراجعة سعر الغاز وخفضه إلى 3 دولارات سيؤدى إلى مضاعفة التصدير، وتوسعات استثمارية كبيرة نتيجة زيادة الطلب الخارجى، وكذلك خفض الأسعار فى السوق الداخلى.
كيف تنمى الدولة الصناعة الوطنية وتزيد الاستثمار فى هذا القطاع؟
الحقيقة أن دعم أو تنمية الصناعة الوطنية، له عدة عناصر متشابكة تبدأ من مرحلة توفير الخامات، وصولا إلى تكاليف الإنتاج والعمالة، ويمكن أن نستعرضهم خطوة تلو الأخرى، لكن سنركز أكثر على مسألة التكاليف الإنتاجية المرتفعة جدا حاليا للصناعة، وعلى رأسها أسعار الغاز والكهرباء، وكذلك مشكلة الضرائب العقارية على المصانع، فالمصانع ليس "كمباوند" يبيع وحدات سكنية حتى يفرض عليها ضرائب عقارية، فهذه الضريبة ليست منطقية فنحن ندفع جميع أنواع الضرائب، والأفضل مراجعة هذه الضريبة.
وتكاليف الكهرباء على الصناعة مرتفعة حاليا، ولجأنا إلى الطاقة الشمسية والمتجددة رغم تكلفتها الأعلى، وكذلك لا تعطي الطاقة المطلوبة لتمكنا من تعويض الكهرباء المباشرة، وسعر الكهرباء له تأثير كبير على الصناعة، وحاليا مصر لها قدرات كبيرة فى إنتاج الكهرباء، فأى خفض فيها سيكون آثاره ايجابية ومباشرة للصناعة.
من حديثك.. ذكرت أن سعر الغاز مؤثر كبير على الإنتاج والتصدير.. أشرح لنا هذه النقطة؟
أولا لابد إلى النظر لتكلفة الإنتاج للصناعة، فهناك دول مثل الإمارات والهند والسعودية والصين تبيع الغاز للصناعة بـ 2.5 دولار للمليون وحدة حرارية، وهنا فى مصر 4.5 دولار، وعند الدخول للمنافسة بالمنتجات نجد أن منتجات هذه الدول من السيراميك أرخص بكثير من مصر، فنجد الفارق السعري قد يصل إلى دولار فى كل متر سيراميك، وهذا أدى إلى فقد الكثير من الأسواق، ونحتاج سعرا مناسبا للغاز لا يتجاوز 3 دولارات للمليون وحدة حرارية حتى يمكننا المنافسة فى السوق الخارجى، على غرار الدول التى ذكرتها.
وفى السابق، عندما كان هناك دعم للغاز، كانت صناعة السيراميك لديها قدرة على المنافسة فى الخارج، حتى أن القطاع كان لديه قدرة لمنافسة المنتج الصينى رغم رخصه، وحاليا مع المجهودات الكبيرة المبذولة من الدولة فى إنتاج الغاز والاكتشافات العملاقة، يمكن مراجعة سعر الغاز للصناعة وهذا من شأنه أن ينعكس على الصناعات المختلفة، المعتمدة على الغاز.
ماذا يمكن أن تجنى الصناعة من مراجعة أسعار الغاز وخفضها؟
هناك توسعات استثمارية مرتقبة حال خفض الغاز، وكذلك يمكن أن يستقبل القطاع الإنتاجى فى مصر استثمارات جديدة ليس بالسيراميك فقط، ولكن فى القطاعات الأخرى، ونحتاج المحافظة على ميزتنا النسبية التى اكتسبناها فى السنوات الماضية، بأن أصبحت مصر مركزا لصناعة السيراميك، وتصديره، وأصبح لدينا تواجد خارجى، واستمرار ارتفاع التكاليف الآن يهدد بفقد الأسواق الخارجية، فالصناعة تدر عائد أكبر من العملات الصعبة، فالقطاع الصناعى أفضل من السياحة فى هذا الشأن، فدعم القطاع الصناعي سيكون له آثار إيجابية كبيرة.
نقطة أخرى أن خفض الغاز يعنى التصدير بشكل أوسع، وهذا يضغط أكثر على المصانع ، الأمر الذى يدفعنا إلى التوسعات الاستثمارية وإنشاء خطوط إنتاج جديدة، وهذا يعنى توفير وظائف جديد ومبيعات أكبر ومن ثم عوائد ضريبية أوسع، وهكذا فملف التصنيع المحلى مرتبط فى كل مراحله.
تحديدا السيراميك.. كيف تتأثر هذه الصناعة حال خفض الغاز ؟
صادرات القطاع قد تتضاعف يعنى التصدير يرتفع بنسبة 100 %، والتركيز سيزداد للسوق الخارجى، مع تلبية احتياجات السوق المحلى والطلبات الداخلية فى مصر، فالأسواق الدولية توفر عملة صعبة وتساهم فى ضبط الميزان التجارى، ولكن مع المنافسة الخارجية حاليا معنا تضعف موقفنا، فلا نستطيع أن نرفع الأسعار لمواكبة التكاليف لأننا سنفقد سوقنا الخارجي بسبب وجود منتج بديل هناك بسعر أقل، رغم سمعة المنتج المصرى الجيدة فى الخارج، لكن المشترى الخارجى يبحث عن أقل سعر وأفضل جودة، ونحن فى مصر نتميز بالجودة لكن لم نضبط السعر حتى الآن.
كيف ترى تأثير القطاع الصناعى على الملف الاقتصادى؟
الصناعة أكثر ثباتا من أى قطاع أخر، وبالنظر للأرقام على مدار أخر عقدين ستجد مساهمة كبيرة فى الاقتصاد الوطنى للصناعة، كما أن القطاع هو الأقل تأثرا بالأزمات، فمثلا القطاع السياحي يتأثر بالسلب بأى مشكلات أو أمراض، بعكس الصناعة هى الأكثر استقرارا وكذلك وظائف الصناعة غير مؤقتة مثل العقارات كمثال، لأننا لا نفتح مصنع ثم نبيعه، بالعكس المصنع يتبعه مصنع آخر وهكذا تولد مئات الوظائف الجديدة، وهو ما يسهم فى خفض البطالة.
هل ترى أن الصناعة فى حاجة إلى تسهيلات أكبر من الحكومة؟
لدينا إجراءات معقدة ومطلبات من جهات عدة عند التعامل الورقى مع المؤسسات والجهات المختلفة، وهو ما يتتطلب وقت أكبر، ويعطل المستثمر بشكل كبير، ورغم الحديث عن الشباك الواحد لكن تطبيقه لم يكتمل حتى تاريخه، والاستثمار الصناعى فى حاجة إلى تسريع أكبر للملفات، خاصة عند إنشاء مصنع جديد.
كيف تقيم وضع العمالة المدربة والفنية فى مصر؟
قطاع السيراميك مثل باقى القطاعات الإنتاجية، ونشعر بعجز كبير لتوفير فنى مدرب، والحل هو معاهد فنية متخصصة، ومصر بها 33 مصنع بطاقة إنتاجية ضخمة، ويمكن عمل معهد فنى متخصص لصناعة السيراميك، أو على الأقل تخصيص جزء من المدارس والمعاهد الفنية لتعليم صناعة السيراميك، والمصانع ستفتح أبوابها للتدريب لهم، وكان هناك تجربة جيدة فى الماضى" مبارك كول" وأخرجت للمصانع كفاءات تعتمد عليها الآن.
برأيك كيف ترى دور المطور الصناعى فى توفير الأرض والوحدات الصناعية للمستثمرين؟
الحقيقة أن الأسعار المعلنة لدى المطور الصناعى مرتفعة للغاية، وأصبح منافس لهيئة التنمية الصناعية، وأسعار الأرض لديهم أو الوحدات تعتبر تعجيزية، ولا يمكن لمستثمر صغير أن يبدأ معهم، وفى الماضى تجربة طرح الأرض كانت مثالية، فالحكومة تمنح الأرض بسعر مخفض، وتوصل المرافق لها لأقرب نقطة، ويقوم المستثمر بمد خطوط الغاز وغيره من الخدمات حتى بداية المصنع، وشراء الأرض بسعر مرتفع وهذا ينعكس على تكلفة الاستثمار.
برأيك ما السعر المناسب لمتر الأرض الصناعية حاليا؟
اعتقد أن الحكومة تحاول بكل قوة دعم القطاع الصناعى، لكن ارتفاع سعر الأرض حاليا يحتاج إعادة نظر، ومن وجهة نظرى سعر المتر الصناعي يجب أن لا يتخطى 500 جنيها بأى حال من الأحوال، فالحكومة ليست تاجر أراضى، ويمكن توصيل المرافق لأكبر نقطة والمستثمر يستكمل التوصيل حتى مصنعه، وهذا سيقلل التكلفة على الدولة.
كيف يمكن تحسين مناخ التصدير للخارج؟
سعر الغاز هو مربط الفرس، لأن استهلاكنا مرتفع ويؤثر على تكلفة المنتج، ومع خفض الغاز مارس الماضى تم خفض السيراميك بنسبة وصلت 6 % ، وبالنسبة للتصدير ينخفض السعر ومن ثم يزداد التصدير، نقطة أخرى هى دعم الشحن للسوق الخارجى، سأعطى لك مثال ، السوق الليبى هو الأكثر اسيترادا من مصر، فلو تم دعم الشحن له ستتضاعف صادرات مصر لهذا السوق، ليس للسيراميك فقط فى كل القطاعات.
السوق الأفريقى .. كيف نزيد الصادرات له؟
سمعة مصر فى أفريقيا ممتازة جدا ونصدر لأغلب الأسواق، لكن بدأنا نفقد الميزة السعرية مع ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب أسعار الغاز، كما يمكن توسيع دعم الشحن من أجل زيادة التصدير لهذا السوق، ولنا فيه ميزات نسبية نتيجة اتفاقيات مصر التجارية مع الأسواق الأفريقية ومنها اتفاقية الكوميسا.
برأيك كيف تنعكس المشروعات القومية على الصناعة؟
الحقيقة أن الرئيس عبد الفتاح السيسى يقود البلاد لثورة صناعية عملاقة، فالمشروعات القومية والطرق والكبارى واللوجستيات وتطوير الموانئ والمناطق الصناعية الجديدة والمدن التكنولوجية جميعها تدفع المستثمر للأمام، وكذلك المستثمر الخارجى يبحث عن مثل هذه المقومات، لذلك كافة الإنشاءات والمشروعات التى يتم العمل عليها الآن سيكون لها اثار إيجابية ضخمة السنوات القادمة، وتحديدا على الصناعة الوطنية.