أكد السفير ناصر كامل الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، أن مصر أدركت أهمية الاقتصاد الأزرق، وارتباطه بأهداف التنمية المستدامة التى تنفذها بخطة ورؤية طموحة، وهو ما يظهر من خلال المشاريع الجارية ومن بينها تحديث محطات معالجة مياه الصرف الصحي في الإسكندرية ومناطق اخرى، بهدف تقليل حجم النفايات، لاسيما البلاستيكية التي يتم التخلص منها فى مياه البحر.
وأضاف الأمين العام للاتحاد - فى تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الثلاثاء، على هامش انعقاد الاجتماع الوزارى لدول الاتحاد من أجل المتوسط حول الاقتصاد الأزرق - أن مصر تولى أهمية كبيرة لهذا القطاع حيث تستضيف عدة مؤتمرات حول موضوعات المياه، مثل المؤتمر الوزاري القادم حول المناخ والبيئة المرتقب العام الجاري 2021.
وفيما يتعلق بالاجتماع الوزاري حول الاقتصاد الأزرق، الذي انطلق اليوم الثلاثاء، قال إنه تناول موضوعين رئيسيين، وهما الاستدامة، والتعافي من آثار جائحة كوفيد 19، لاسيما فى قطاع السياحة و كذلك النقل البحري الذي تأثر بشدة مع تراجع عدد السفن المستخدمة بحوالي 80% بفعل الجائحة.
وأضاف أن قطاع السياحة كان الآكثر تأثرًا، مع تراجع الرحلات الدولية ما بين 60 إلى 80%، وتهديد 120 مليون وظيفة مباشرة في مجال السياحة حول العالم، وبالتالي فهناك حاجة لإعادة التفكير في تشغيل هذا القطاع وتطويره تجاه تحقيق تعاف مستدام، يأخذ بعين الاعتبار ويؤثر في مجالات مصايد الأسماك والزراعة السمكية والمطاعم، وخاصة تجاه تأمين الوظائف حيث يعمل في قطاع السياحة عدد كبير من النساء والشباب.
وبالنسبة لأهمية الاقتصاد الازرق، أبرز أن الاقتصاد الأزرق يهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي وخلق مصادر جديدة للدخل والوظائف، مع الحرص في الوقت ذاته على الحفاظ على قيمنا الثقافية ورأسمالنا الطبيعي من خلال الاستخدام المستدام للمحيطات ومصادرها.
وذكر السفير ناصر كامل بأن المياه تشكل أكثر من 71% من مساحة الأرض وما يقرب من نصف عدد سكانها يعيشون على مقربة من البحر (100 كم أو أقل)، كما تقع ثلاثة أرباع المدن الرئيسية على السواحل ويتم نقل 90% من البضائع حول العالم من خلال البحار، وبحلول العام 2050 ستشكل مدن المتوسط نصف عدد المدن حول العالم التي تعاني من الآثار السلبية لارتفاع منسوب مياه البحار.
وشدد على الالتزام السياسي لدول الاتحاد من أجل المتوسط الاثنين والأربعين، فيما يتعلق بالتعاون في مجال الاقتصاد الأزرق ، منوها في هذا الصدد، بتحقيق أهداف المؤتمر الوزاري العام لدول الاتحاد عام 2015، والذي نص بيانه على إنشاء حوار إقليمي قوي حول موضوعات متعددة مثل مصايد الأسماك والمزارع السمكية، والسياحة المستدامة، وما يُسمى بالشحن الأخضر، وهو الشحن البحري الذي يراعي عدم الإضرار بالبيئة، بالإضافة إلى التخلص من القمامة البحرية، وتنمية المهارات الوظيفية بالمرتبطة بالاقتصاد الأزرق.
وتابع أنه تم تحقيق كذلك الدعم المادي والذي يتم تقديمه من خلال البرامج الإقليمية التي تم تطويرها لهذا الغرض، كما انضمت العديد من الدول الأعضاء إلى مبادرة المتوسط الأزرق، والتي طورت أجندة طموحة للبحث والإبداع حول موضوعات النمو الأزرق بما في ذلك معالجة قضية النفايات البلاستيكية في المتوسط.
ولفت أيضًا إلى مبادرة غرب المتوسط والتي تم إطلاقها وهي حاليًا في مرحلة التنفيذ من خلال مشروعات محددة في مجالات الشحن الأخضر والزراعة السمكية والسياحة ، ممثلا على ما تم تحقيقه في الفترة الماضية في هذا الصدد، بإطلاق منصة الشركاء من أجل الاقتصاد الأزرق في المتوسط والتي يديرها الاتحاد من أجل المتوسط والتي مكّنت أكثر من 100 كيان من المشاركة في المشاورات حول البيان الوزاري الجديد.
وأوضح أن الاقتصاد الأزرق المستدام هو نظام متعدد القطاعات يعتمد على أسلوب متكامل وشامل في التعامل مع أمور كان يتم تقليديًا معالجتها بشكل منفصل، وأنه قد تم تحقيق تطور كبير على مستوى الحوكمة وإدارة الاقتصاد الأزرق في منطقة المتوسط، فضلًا عن التقدم المحرز على المستوى العملياتي في مجالات مكافحة التلوث البحري، والشحن الأخضر وإدارة الموانئ الحديثة أو ما بات يعرف بالموانئ الذكية، والزراعة السمكية ومصايد الأسماك،"ولكن يظل المجال مفتوحًا لتحقيق المزيد على المستوى الإقليمي؛ فهناك حاجة واضحة لتغييرات هيكلية تجاه نظم أكثر استدامة وأكثر صلابة اجتماعيًا بالاعتماد على عناصر القوة المحلية وتحقيقًا لعوائد إيجابية".
وأشار إلى أنه قد نشأ فهم استراتيجي ما بين رواد الأعمال وصناع السياسات على حد سواء بضرورة التركيز على عناصر الجذب السياحي للزوار المحليين من خلال ضمان عناصر الأمان وتطوير خدمات ومنتجات مستدامة والترويج لمنطقة المتوسط باعتبارها وجهة سياحية واحدة وليست مجموعة منفصلة من الدول بما يساهم في الربط السياحي بين دول المنطقة.
ونوه بوجود فوارق ضخمة في أعداد السياح والعوائد الاقتصادية الناتجة عنها في المتوسط، إذ يستقبل شمال غرب المتوسط 64% من السياحة الدولية الواردة، بينما نصيب جنوب شرق المتوسط هو 17%، و14% لشمال شرق المتوسط، بينما لا يزور جنوب غرب المتوسط سوى 5% فقط من السياحة الدولية الواردة، ولكن يظل قطاع السياحة في مرحلة نمو على الرغم من الصعوبات ويتوقع أن يصل إلى نحو 626 مليون زائر بحلول عام 2025.
وأكد ضرورة إعادة التفكير في قطاع الوظائف المرتبطة بالاقتصاد الأزرق، أو الوظائف الزرقاء، فعلى سبيل المثال تقدم مصايد الأسماك 200 ألف وظيفة مباشرة و500 ألف وظيفة غير مباشرة في منطقة المتوسط، ولكن العمالة في هذا القطاع تعاني من ارتفاع معدل الأعمار، فنحو نصف أطقم الصيد تجاوزت سن الأربعين، بينما 17% فقط من العمالة أقل من سن الخامسة والعشرين.
وحذر الأمين العام من تأثر الحياة بشدة بعدد من المدن الساحلية المطلة على البحر المتوسط بسبب تآكل السواحل و الفيضانات، بالإضافة إلى زيادة عدد السكان، حيث يستمر التوسع في تلك المناطق على الرغم من ارتفاع مستويات مياه البحر الذي يهدد وجود تلك المدن، وإذا لم يتم عكس هذا الوضع فإن القطاعين الرئيسيين لاقتصاد هذه المناطق، وهما السياحة والصيد البحري، سيتأثران بشكل متزايد من زيادة معدلات التلوث البحري وارتفاع حرارة المياه وتنقيب الرمال غير القانوني والنمو الحضري الساحلي غير المنظم.
ونبه السفير ناصر كامل إلى أن المتوسط يعاني من المعدلات المرتفعة لتلوث المياه، بالإضافة إلى تآكل الشواطئ والذي يشكو منه مسئولو السياحة والفندقة، وهي مشكلة تهدد كل ساحل شمال إفريقيا.
واختتم بأنه وبينما نلاحظ أن الشباب يتجه نحو العمل في قطاعات الطاقة المتجددة والمستدامة والاقتصاد الرقمي، فإن قطاع الاقتصاد الأزرق يواجه نقصًا في المواهب، كما تظل هناك عوائق أمام توظيف النساء واحتفاظهن بالوظائف في هذه القطاعات.
وكان الاتحاد من أجل المتوسط قد نظم اليوم الثلاثاء اجتماعا عبر وسائل التواصل حول الاقتصاد الأزرق، وذلك بمشاركة 12 وزيرًا وعدد من وزراء الدولة بالإضافة إلى كبار المسئولين والذين يتولون متابعة هذا الموضوع في بعض الدول.