انهارت قيمة الاستثمارات الصينية في أستراليا العام الماضي بعد تطبيق تدقيق أكثر صرامة من جانب كانبرا، بالإضافة إلى تدهور العلاقات الثنائية وتراجع الاستثمار الأجنبي عالمياً بسبب وباء فيروس كورونا المستجد.
وذكرت صحيفة (فاينانشيال تايمز) البريطانية - عبر موقعها الإلكتروني - أن الانخفاض الكبير في الاستثمارات الصينية جاء مع اتجاه أعضاء آخرين في تحالف "العيون الخمس" الاستخباراتي، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، لتشديد الرقابة على الاستثمار الأجنبي لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
و"العيون الخمس"، هو تحالف استخباراتي يشمل كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، وقد نشأ بموجب المعاهدة البريطانية الأمريكية متعددة الأطراف.
وتظهر البيانات الجديدة أن الاستثمار الصيني انخفض بنسبة 61% على أساس سنوي إلى مليار دولار أسترالي (780 مليون دولار أمريكي) في عام 2020، تراجعاً من 2.6 مليار دولار أسترالي مسجلة في العام 2019، فيما بلغت ذروة الاستثمارات الصينية عام 2016 (عام توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين) 16.5 مليار دولار أسترالي.
واقتصر الاستثمار الصيني في عام 2020 على 3 قطاعات فقط، هي العقارات والتعدين والتصنيع، وهو تحول كبير مقارنة بالسنوات الماضية الذي امتدت فيه الاستثمارات إلى جميع القطاعات، وفقًا لقاعدة بيانات تتبع الاستثمار الصيني التي تديرها الجامعة الوطنية الأسترالية.
وقال شيرو أرمسترونج مدير مكتب شرق آسيا للبحوث الاقتصادية في الجامعة الأسترالية إن "الانهيار في الاستثمار يعكس تأثير جائحة كورونا، وتشديد الرقابة على التمويل الأجنبي من قبل كانبيرا، وبخاصة من الصين".. لافتا إلى أن الاستثمار الأجنبي العالمي المباشر تراجع 42% خلال الوباء، بينما انخفض الاستثمار الأجنبي في أستراليا بنسبة 46%، بحسب بيانات أصدرتها الأمم المتحدة.
وأضاف "إنها مسألة جديرة بالملاحظة، فأستراليا كانت الوجهة الأكبر للاستثمار الصيني على مستوى العالم خلال ذروة طفرة السلع.. لقد تلقينا استثمارات صينية أكثر بكثير من تلك القادمة من الولايات المتحدة، وقد انهار ذلك".
وتدهورت العلاقات بين أستراليا والصين لتصل إلى مستوى متدن بعد دعوة كانبرا لإجراء تحقيق دولي لتحري منشأ فيروس كورونا، وتبنيها قوانين صارمة ضد التدخل الأجنبي والتدقيق الأكثر صرامة في الاستثمار الأجنبي.. وأدخلت كانبيرا في مارس العام الماضي تغييرات مؤقتة على نظامها للاستثمار، وأخضعت جميع الاستثمارات الخارجية للتدقيق من قبل مجلس مراجعة الاستثمار الأجنبي، ما أدى ذلك إلى تأخيرات طويلة في الاستجابة، خاصة للمستثمرين الصينيين، وفقا لمصرفيين مشاركين في المعاملات.
كما أُجبرت الحكومة على التخلي عن صفقتين كبيرتين، وهما عرض شركة "تشاينا مينجينيو" بقيمة 600 مليون دولار أسترالي للاستحواذ على شركة "ليون داري" المملوكة لليابان، وعرض شركة" تشاينا ستيت كونستراكشن إنجنيرنج" بقيمة 300 مليون دولار أسترالي للاستحواذ على شركة "بروبيلد"، وهي شركة إنشاءات مملوكة لجنوب إفريقيا، من خلال الرفض المباشر.
وصرح جيف رابي السفير الأسترالي السابق لدى الصين بأن الحكومة الأسترالية أرسلت بذلك رسالة واضحة مفادها بأن الاستثمار الصيني غير مرحب به.. فيما من جانبها، اتهمت بكين أستراليا بـ"تسليح" مفهوم الأمن القومي لعرقلة الاستثمار الصيني، وهو ادعاء نفته كانبيرا، كما أدى فرض بكين لضوابط رأس المال في عام 2017 إلى خفض تدفقات الاستثمار الأجنبي من الصين.