تساهم الأسواق المالية، في رسم اتجاهات أسعار النفط ، حيث يؤدي انخفاض أسعار صرف الدولار الأمريكي أمام العملات الأخرى إلى انخفاض سعر النفط مقوما بهذه العملات ، كما يؤدي الخفض في قيمة الفائدة إلى خسارة القيمة الحالية للنقود بسبب التضخم مما يخلق عائدا سلبيا عليها.
وذكرت دراسة لمنظمة الدول العربية المصدرة للنفط "أوابك "، أن الابتكارات المالية التي ظهرت في تسعينات القرن الماضي ومطلع القرن الحالي قد ساهمت في أسواق السلع بشكل عام، وأسواق النفط بشكل خاص، إلى السماح للمستثمرين بالاستفادة من ارتفاع أسعار النفط دون الحاجة إلى الحيازة الفعلية للنفط على هيئة مخزون.
كما وجد أصحاب صناديق التحوط والصناديق الاستثمارية، ضالتهم في الأسواق الآجلة للنفط الخام عبر ضخ مليارات الدولارات لجني الأرباح الكبيرة من خلال بيع وشراء ما يسمى بالبراميل الورقية ، وهو ما برز واضحة في كثافة نشاط المضاربة، وهي شراء النفط بقصد إعادة بيعه بسعر أعلى ، بدلا من استخدامه لأغراض تجارية في الأسواق الآجله للنفط الخام، وفي مقدمتها بورصة نيويورك التجارية ومركز التبادل الدولي للبترول في لندن ، ويؤدي هذا النشاط إلى خلق طلب وهمي على البراميل الورقية ، ويساهم في رفع سقف التوقعات بشأن الأسعار المستقبلية للنفط ، مما يشجع مستهلكي النفط لزيادة طلبهم على النفط لغرض التخزين والتحوط من ارتفاع أسعار النفط مستقبلا، ولذلك برزت ظاهرة فك الارتباط بين مستويات المخزون التجاري، وأسعار النفط خلال عام 2003 عندما تزايد نشاط المضاربة في الأسواق الآجلة للنفط .
وأشارت الدراسة، إلي أن الابتكارات الحديثة في أسواق المشتقات المالية، ساهمت بشكل كبير في تحفيز الاستثمار في أسواق النفط الأجلة للأسباب التالية ، يعتبر الاستثمار في أصول النفط أداة فاعلة للتحوط ضد التضخم الناجم عن ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الدولار الأمريكي، كما تعتبر الأسواق الآجلة للنفط بيئة جيدة لتحقيق عوائد مجزية في ظل التدهور في الاقتصاد العالمي وانخفاض العوائد و ارتفاع مخاطر الاستثمار في الأصول الأخرى، كما يعتبر الاستثمار في العقود الآجلة للنفط أداة جيدة لتفعيل آلية تنويع المحافظ الاستثمارية للحد من المخاطرة ، حيث من المعلوم أن السلع تاريخيا في علاقة ارتباط سالب مع الأسهم والسندات.
وتابعت الدراسة ، أنه بذلك شهدت الأسواق الآجلة للنفط نشاطأ مكثفا للعملاء غير التجاريين مثل صناديق التحوط و عملاء تجاربين، مثل تجار مقايضة السلع الذين يقومون بدور الوساطة بين المستثمرين الباحثين عن فرص التداول في أسواق السلع ، والوسطاء التجاربين ، وأدي ذلك إلى تحول العدد الأكبر من المتعاملين في الأسواق الأجلة إلى ذلك النوع من المستثمرين الذين يفتقدون الخبرة اللازمة بطبيعة أسواق النفط ، بينما قلل عدد المتعاملين الأساسيين في أسواق النفط وهم المنتجين ويقصد بهم هنا مصافي التكرير و الصناعيين محدودا .