بدأ رائد الاعمال فريدريك إيدستام من صناعة الأوراق إلى رسم الطريق الجديد للتكنولوجيا التي كانت مصدرًا لإلهام أكبر شركات العالم، في وقت لم يكن يعرف العالم سوى الحروب، كان لـ “فريدريك إيدستام” مسارٌ آخر، لتعزيز نمو اقتصاد بلاده الذي كان يعتمد على الثروة الزراعية والسمكية؛ ليغدو مؤسس “نوكيا” من أهم الشخصيات التي وضعت بصمتها في التاريخ عامة، وعالم ريادة الأعمال خاصة ، حسبما ذكرت صفحة رواد 2030 .
بدايته
وُلد فريدريك إيدستام في 28 أكتوبر 1838، في فنلندا؛ حيث كانت دولة فقيرة تعيش على المساعدات الخارجية؛ لقيام اقتصادها على زراعة النباتات وتحطيم الأخشاب.
نشأ فريدريك إيدستام في منزل متوسط الحال؛ إذ كان يعمل صيفًا في مسح الأحذية للمارة، وتنظيف الملابس؛ لتوفير نفقات تعليمه، كما اعتاد أن يبحث عن الملابس المتسخة القديمة ليغسلها في حجرة صغيرة بمنزله؛ ليبيعها فيما بعد.
حرص فريدريك على العمل باستمرار؛ لتوفير نفقاته، وسرعان ما أصبحت حجرة تنظيف الملابس، بمثابة مقر مكتبه الصغير لتوفير خدمات نظافة المنازل، وواصل عمله على أمل الانخراط في مجال الصناعة.
الحجرة تتحول إلى شركة
كانت شركة فريدريك متخصصة فى صناعة الأوراق من خلال قطع الأخشاب عام 1871، ثم نصحه صديقه وشريكه البروفيسور “ليو ميشلين” بإضافة توليد الكهرباء لأنشطة الشركة التجارية، ثم أدخل صناعة المطاط والأحذية.
صنع إيدستام بعض الأحذية الخفيفة؛ ليرتديها المزارعون خلال فصل الصيف، أثناء حصد المحاصيل، إلا أن حلمه بالتطور لم يقف عند هذا الحد، فأدخل فكرًا جديدًا على الدولة الزراعية الصغيرة.
فطنة وذكاء
بسبب فطنته، لاحظ فريدريك، صعوبة الاتصال بين الجنود والرؤساء أثناء الحروب العالمية؛ حيث كان العالم يعتمد على البريد والهواتف؛ ففكر في إحداث طفرة جديدة؛ بابتكار يغير العالم.
وجد فريدريك أن المستقبل يكمن في الاعتماد على الرؤى الطموحة، والعمل المستمر، للخروج بمفاهيم جديدة تخدم حياة الناس، فوجد أن الحل في تسهيل التواصل، يعتمد على جهاز يمكن للشخص حمله في أي مكان؛ ومن هنا كانت بداية رحلة تحقيق الحلم.
تعلم الأمور التقنية
أراد فريدريك رغم جهله بكثير من الأمور التقنية، تأسيس شركة لتصنيع شبكات الهواتف؛ لتكون البذرة الأولى لميلاد شركة “نوكيا”.
لم يكن فريدريك إيدستام ليترك حلمه يتبخر؛ لجهله بالأمور التقنية؛ لذا تلقّى دورة مكثفة في أحد المعاهد- التي كانت غير منتشرة آنذاك – ومنها حرص على تطوير علمه، والانتفاع به في العمل.
خطة عالمية
كانت خطة فريدريك إيدستام وجوستاف تتبنى مبدأ انتشار الهاتف في بعض الدول، وبالفعل حققت الشركة أرباحًا كبيرة، رغم التقلبات التي شهدها السوق؛ حيث وصل الأمر في عام 1910، إلى اقترابها من إعلان الإفلاس، لكن أنقذها قيام شركة مختصة في الصناعات المطاطية بشرائها، ومن خلالها كان الموعد مع تطور جديد.
وبعد مسيرة غير متوقعة من النجاحات، توفي فريدريك إيدستام في 8 أبريل من عام 1916، ودفن في مقبرة هييتانييمي بهلسنكي.
أول هاتف محمول
حافظت نوكيا على وجودها في السوق، وغيّرت من مجالها؛ فجاء عام 1967 محملًا لها بالآمال؛ إذ كانت مستعدة لإنتاج أول هاتف محمول، وجمعت عددًا من المساهمين على رأسهم “جوستاف فروجلهورم”، الذي وافق على الفكرة على الفور.
انطلقت الشركة إلى عالم التطوير العلمي، وتكثيف البحث، وفي السبعينيات من القرن الماضي؛ حتى اخترعت أول ساعة ديجيتال، ثم أجرت معمل الأبحاث الخاص بها.
وفي عام 1981، خرج أول جهاز نوكيا إلى العالم؛ حيث استعانت الشركة فيه بعناصر متوفرة في فنلندا؛ ليبصر النور إنجاز فريد من نوعه، وبالرغم من أنه كان محدود الإمكانيات آنذاك؛ لكنه كان طفرة، بدأ معها رحلة الثراء والشهرة، ثم تم إطلاق أول اختراع GSM كأول نظام تلقائي بالكامل للهاتف الجوال، يتم العمل به حتى يومنا هذا.
لعبت شركة نوكيا دورًا كبيرًا في تطور التقنيات الحديثة؛ حتى ساهمت في ازدهار الاقتصاد الفنلندي برمته، وكانت مصدرًا للإلهام لكثير من الشركات العالمية؛ مثل: “آبل”، “سامسونج”، و”سوني” للانخراط في عالم صناعة الهواتف المحمولة، حتى استحوذت عليها شركة مايكروسوفت للبرمجيات، في صفقة بلغت قيمتها 7.2 مليار دولار، عام 2014.
كانت نوكيا أكبر بائع للهواتف المحمولة من عام 1998 حتى عام 2012، ثم تراجعت حصتها من السوق؛ لتزايد استخدام الهواتف الذكية من آيفون من أبل، والأجهزة التي تعمل بنظام أندرويد.
في فبراير 2011 عقدت نوكيا شراكة استراتيجية مع مايكروسوفت تضمنت عمل جميع أجهزة نوكيا الذكية بنظام التشغيل ويندوز فون، الذي فشل تمامًا فكانت النتيجة تراجع نوكيا بشكل مذهل، فما تسهى الآن للعودة من جديد.
الدروس المستفادة:
الفطنة: يمتاز رواد الأعمال بالفطنة والذكاء لمعرفة الأمور، واستنتاج الحلول لكل المشكلات؛ ومن ثم التطور في العمل.
الرؤى الواضحة: يمكن لرائد الأعمال توضيح رؤيته ليعمل وفقًا لها.
حسن اختيار الشريك: عندما يلجأ رائد الأعمال للشراكة؛ فيجب اختيار الشخص المناسب، الذي يعود بالنجاح على المشروع.