تحقيق الرؤى الطموحة في مصر مرهون بالوصول إلى منظومة الابتكارات التقنية العالمية

يشهد العالم اليوم ثورة حقيقية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث بات هذا القطاع أحد الركائز الأساسية التي تعتمد عليه الدول، خاصة تلك التي تسعى إلى الإنجاز والتطوير بهدف تحقيق التنمية المستدامة على كافة الأصعدة. وفي ظل هذا الواقع، تعمل وزارة الاتصالات في مصر منذ أكثر من عقدين من الزمن على تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الوطني. حيث تسعى الوزارة جاهدة لتحقيق اقتصاد رقمي قوي عبر استخدام وتسخير أحدث تقنيات المعلومات والاتصالات لتطوير مجتمع قائم على المعرفة، يتمتع بالحقوق الرقمية ، فضلاً عن تعزيز صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الوطنية التنافسية والإبداعية. وتمثل "رؤيةمصر2030" استراتيجية التنميةالمستدامة، وخطوةً أساسية فيالتنميةالشاملة فيمصر، تربط الحاضر بالمستقبل، وتبني على إنجازات الحضارة المصرية القديمة. وتحدد هذه الإستراتيجية مساراً إنمائياً لبناء دولة متقدمة ومزدهرة؛ تسود فيها العدالةالاقتصادية والاجتماعية، وتمثل خارطة طريق تهدف إلى تعظيم الاستفادة من المزايا التنافسية المصرية. وتسهم استراتيجية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 2030 بدعم أهداف"رؤية مصر 2030"، من خلال بناء"مصر الرقمية". وتشتمل هذه الأهداف على تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتعزيز الشمول الرقمي، وتحقيق الشمول المالي، وتعزيز بناء القدرات، وتشجيع الابتكار، ومحاربة الفساد، وضمان الأمن المعلوماتي، وتعزيز مكانة مصر في المستويين الإقليمي والدولي. وتجسد "مصر الرقمية" رؤية وخطة شاملة، وتُعتبر بمثابة حجر الأساس لتحويل مصر إلى مجتمع رقمي. ويقوم بناء "مصر الرقمية" على ثلاثة محاور أساسية، وهي التحول الرقمي، والمهارات والوظائف الرقمية، والإبداع الرقمي، حيث تعتمد هذه المحاور على أسس مهمة؛ وهي: تطوير البنية التحتية الرقمية، وتوفير الإطار التشريعي التنظيمي. ولا شك بأن تحقيق مثل هذه الرؤى الطموحة يتطلب إمكانية الوصول إلى منظومة التكنولوجيا العالمية؛ التي توفر أحدث التقنيات المتطورة على الصعيد العالمي، إلا أنه بات من الصعوبة بمكان الوصول إلى بعض هذه التقنيات المتطورة، لا سيما تلك التي تعتبر ضرورية لتحقيق مثل هذه الرؤى الطموحة. وخير مثال على ذلك التحديات التي يشهدها العالم في الآونة الأخيرة في هذا المجال، والمتمثلة في النقص الحاد في تصنيع أشباه الموصلات (الرقائق الإلكترونية)، التي تُستخدم في تصنيع كل ما هو مرتبط بالتكنولوجيا. وجاء هذا النقص في التصنيع بسبب عدة عوامل، أهمها الظروف التي فرضتها جائحة كورونا، وارتفاع أسعار الشحن البحري المرتبط ارتباطاً وثيقاً بنقل المواد الأولية اللازمة لعملية التصنيع. لقد ساهم ذلك بشكل كبير في وجود أزمة حقيقية، وتسبب في نقص تصنيع أشباه الموصلات، ومن ثَمّ أضر بصناعات ومجالات كثيرة ومتعددة، وضرب خطوط الإنتاج للأجهزة والتقنيات في مختلف دول العالم. فعلى سبيل المثال: لم يتمكن صانعو السيارات في الدول الآسيوية من تلبية سوى 20 في المئة من الطلب على منتجاتهم في الآونة الأخيرة، وتأثرت صناعة السيارات في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير نتيجة هذا النقص. ثمة توافق عالمي على أهمية أشباه الموصلات التي أضحى يُنظر إليها بوصفها جوهر النمو والازدهار الاقتصادي في العصر الرقمي. وكيف لا، وهي تدخل تقريباً في جميع الصناعات والقطاعات، وتعتبر مكوناً أساسياً للأجهزة الإلكترونية؛ مثل الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر، وأجهزة ألعاب الفيديو، والسيارات، والأجهزة المنزلية، والمعدات الطبية، وغير ذلك الكثير من منتجات أصبحت تشكل جزءاً جوهرياً في حياتنا. وأشباه الموصلات هي رقائق إلكترونية تتيح للأجهزة الإلكترونية التقاط البيانات وتخزينها؛ وبدونها لا يوجد أي قيمة لأي جهاز إلكتروني. وفي الأونة الأخيرة وفي ظل التطورات المتسارعة الذي يشهدها فضاء الابتكار التقني، تتجلى أمام مصر فرصٌ جديدةٌ تسهم في مساعدتها في التغلب على هذه التحديات، وذلك من خلال الوصول إلى التقنيات المبتكرة العالمية الضرورية لتنفيذ رؤيتها وإستراتيجتها على الوجه الأمثل. ولعل عملاق التكنولوجيا هواوي من أبرز الأمثلة الحيوية لتبني نهج الابتكار وتنويع مصادر الأعمال في مواجهة التحديات. وخير مثال على تلك الفرص الأخبار المبهجة التي تؤكد قرار شركة هواوي العودة إلى صناعة رقائق HiSilicon في العام الحالي 2022، وذلك بعد توقفها لمدة عامين عن التصنيع بسبب العقوبات الأمريكية التي منعتها من الوصول إلى شريكتها في التصنيع؛ وهي شركة TSMC. اضطرت هواوي بسبب ذلك إلى استنفاذ مخزونها المتوفر من الرقائق الإلكترونية، واللجوء إلى رقائق من تصنيع شركات أخرى من أجل سد النقص الحاصل. ولعل المطلعين على مدى قوة وتقدم الشرائح الالكترونية من هواوي سيدركون تماماً السبب في أن تلك الأخبار تعتبر أخباراً سارةً لكل من يبحث عن الفرص في الوصول إلى أحدث الابتكارات التقنية العالمية، والتي من شأنها المساهمة في تحقيق الرؤى التنموية والاقتصادية الوطنية المنشودة، كما هو الحال لدينا في مصر. حيث إن الرقائق الإلكترونية التي تصنعها شركة هواوي أثبتت ريادتها في فئتها متفوقةً على كافة المنافسين الرائدين. يبدو أن استراتيجية هواوي في التركيز المكثف على الاستثمار في البحث والتطوير كحل للتحديات والصعوبات التي تواجهها آتت أُكلها، فبحسب النتائج المالية الرسمية للشركة لعام 2021، جاءت هواوي في المرتبة الأولى في عدد براءات الاختراع التي منحتها الإدارة الوطنية للملكية الفكرية في الصين وكذلك مكتب براءات الاختراع الأوروبي، وفي المرتبة الخامسة في عدد براءات الاختراع التي منحها مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع والعلامات التجارية، وفي المرتبة الثانية على لائحة الاتحاد الأوروبي للاستثمار في البحث والتطوير الصناعي. ووصل عدد براءات الاختراع التي تمتلكها هواوي 110.000 براءة اختراع وارتفعت أرباحها الصافية 17.8 مليار دولار بزيادة قدرها 75.9% سنوياً، ووجدت الشركة لنفسها فرص اعمال جديدة في مجال الطاقة الرقمية والسحابة الالكترونية والذكاء الاصطناعي بفضل استثماراتها الكبيرة في البحث والتطوير التي بلغت 22.4 مليار دولار أي ما يعادل 22.4% من إيراداتها الإجمالية. وهذا استثمار كبير في البحث والتطوير لم يشهده التاريخ مسبقاً. استثمارات الشركة في البحث والتطوير على مدار الأعوام العشر الماضية تجاوزت 132.5 مليار دولار. من هنا، يتضح ضرورة أنه من الضرورة بمكان أن تحرص مصر على توفير حاجاتها من أشباه الموصلات وتركز على تشجيع نهج الابتكار لتضمن تنفيذ إستراتيجيات التحول الرقمي الوطنية، وتعزيز القطاع الصناعي في مختلف المجالات؛ الذي يشكل جزءاً جوهرياً من نهضة مصر ورؤيتها الاقتصادية.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;