أكد المستشار أحمد سعيد خليل، رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب إن استضافة مصر المؤتمر الإقليمي حول "مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في التحقيقات المعنية بجرائم الفن والآثار" تأتي استجابةً للتطور المستمر للآليات المتبعة لارتكاب جرائم الفن والآثار، والتي من شأنها تدمير التراث الثقافي والإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، ففي ضوء ما تنفرد به جمهورية مصر العربية من إرث حضاري عظيم خلّف لها ثروة من المعالم الأثرية نتيجة تعاقب الحضارات عبر مختلف العصور التاريخية؛ بدءًا من الآثار المصرية القديمة، مرورًا بالآثار اليونانية الرومانية والقبطية والإسلامية وانتهاءً بآثار العصر الحديث، فإن مصر تعد دائمًا مطمعًا لارتكاب جرائم التهريب والإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، لذا تدرك مصر أن مواجهة مثل تلك الجرائم ليست بالأمر اليسير، وإنما يتطلب التصدي لها التعاون المكثف على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي.
وجاء ذلك خلال المؤتمر الإقليمي حول "مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في التحقيقات المعنية بجرائم الفن والآثار"خلال الفترة (14-16) يونيو 2022.
وأضاف أنه مع التطور الرقمي الذي يشهده العالم، وتطور الجريمة لتصبح غير محدودة بقيود أو حدود جغرافية، باتت عملية مكافحة الجرائم المرتبطة بالممتلكات الثقافية من الموضوعات الهامة والمعقدة على مستوى العالم، ويعزى وجه التعقيد إلى درجة الاحتراف العالية التي يتبعها المجرمون في تنفيذ مخططاتهم؛ والآليات المتبعة لإخفاء المتحصلات المتولدة عن تلك الجرائم؛ لذلك فإن جرائم الاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية والأعمال الفنية ترتبط بشكل وثيق بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث يستخدم المجرمون والإرهابيون طرق مستحدثة لغسل متحصلات جرائمهم وكذا جمع الأموال المستخدمة في العمليات الإرهابية.
ولفت المستشار أحمد خليل إلى أنه حرصًا من مصر على مواجهة تلك المشكلة، فقد اتخذت العديد من الإجراءات سواء فيما يخص ضبط تلك الجرائم أو التحقيق فيها أو ملاحقة مرتكبيها أو استرداد القطع الآثرية أو المتحصلات المتولدة منها.
وخلال فترة 7 سنوات، استطاعت مصر أن تسترد 29 ألف قطعة أثرية، وذلك بالتعاون مع السلطات المختصة في عدة دول مثل "النمسا والدنمارك والكويت والإمارات العربية المتحدة والمكسيك وفرنسا وإيطاليا وسويسرا وإنجلترا وقبرص والأردن وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية".
وعلى صعيد آخر، وفيما يخص متابعة متحصلات تلك الجرائم وتدفقاتها عبر الوطنية، تقوم وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية من خلال التنسيق الدائم مع كافة الجهات الوطنية، بجمع وتلقي المعلومات المالية ذات الصلة بحالات الاشتباه المرتبطة بتمويل تلك الجرائم من الجهات المبلغة والجهات المعنية وتقوم بتحليلها وتبادلها.
بالإضافة إلى ذلك، فهناك تعاون دائم بين الوحدة ووحدات التحريات المالية على مستوى العالم، من خلال عضويتها في مجموعة إجمونت لوحدات التحريات المالية، فضلًا عن توقيع مذكرات تفاهم مع الجهات النظيرة من أجل تسهيل تبادل المعلومات الاستخباراتية مع تلك الوحدات.
ومن الجدير بالذكر، أن أولى قضايا غسل أموال التي صدر فيها حكم بالإدانة في جمهورية مصر العربية، كانت الجريمة الأصلية المرتبطة بها هي جريمة (تهريب الآثار)، وقد صدر حكمي إدانة لمرتكبي تلك الجرائم، الأول لارتكاب جريمة تهريب الآثار والآخر لارتكاب جريمة غسل الأموال.
وأكد المستشار أحمد خليل في ضوء ما تم ذكره سالفًا، أود أن أؤكد أن مكافحة جرائم الممتلكات الثقافية والأعمال الفنية تقع على عاتق كافة الأطراف، لذا فلابد من توافر التنسيق والتعاون الفعال على المستوى المحلي بين كافة الأجهزة المعنية، بما يشمل جهات الرقابة وجهات إنفاذ القانون ووحدة التحريات المالية وسلطات التحقيق والسلطات القضائية وغيرها من الجهات بما يسهم في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لملاحقة مرتكبيها واستعادة الممتلكات الثقافية والفنية.
ومن ناحية أخرى، فلابد من توافر التعاون على المستوى الدولي من خلال الاستناد إلى الصكوك الدولية المنظمة لهذا المجال؛ وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، وقرارات مجلس الأمن ومن بينها القرار رقم 2347 لعام 2017 المعني بحماية التراث الثقافي في حالات النزاع المسلح، كما يتطلب الأمر توافر النية الصادقة لدى الدول التي تعبر من خلالها أو تستقر بها الممتلكات الثقافية والفنية المنهوبة في مجال الاستجابة لطلبات التعاون بما يسهم في مكافحة مخاطر انتقال تلك الممتلكات من دولة إلى أخرى وبالتالي صعوبة الوصول إليها.
وأكد المستشار أحمد خليل أنه على ثقة أن هذا المؤتمر سيساعد على الوصول إلى خطط وتوصيات عملية تدعم التصدي الفعال لتلك الجرائم، كما سيعظم الاستفادة المتبادلة من خبرات الدول المشاركة فيه، وأكرر شكري لكافة الحضور على حرصكم على مشاركة في هذا المؤتمر، والعمل على تحقيق أهدافه.