استضاف معهد التخطيط القومي الذراع البحثي لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية الدكتورة غادة والي وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة، للمشاركة في الحلقة النقاشية الثالثة لصالون المعهد والمنعقدة بعنوان "مواجهة الجرائم البيئية فى إطار الجهود الدولية لمعالجة أزمات البيئة والمناخ"، وذلك بحضور الدكتور أشرف العربي، رئيس معهد التخطيط القومي، وقيادات المعهد.
وخلال الحلقة النقاشية، أكدت الدكتورة غادة والي، أن مواجهة الجرائم البيئية تعد أحد أبرز التحديات التي تواجه كل دول العالم، والتي بدأت تشعر بتأثير التغيرات المناخية على مختلف الأصعدة، لافتة إلى أن الدول النامية من أكثر البقاع عالميًا تأثرًا بظواهر التغير المناخي، ما بين التصحر والجفاف، رغم أن نسبة مساهمتها لا تتعدى 4% من إجمالي الانبعاثات الضارة على مستوى العالم.
وأضافت والي أن القارة الإفريقية تعانى تغيرات مناخية شديدة، بما يُهدد بتفاقم أزمة التنوع البيولوجي وفقدان آلاف الحيوانات والنباتات، ووفاة 9 ملايين شخص سنويًا، لافتة إلى أن جريمة الاعتداء على الحياة البرية تستغل البيئة وتؤثر عليها سلبًا ويقدر حجمها بنحو 200 مليار دولار سنويًا، وتؤدي إلى تآكل الموارد الطبيعية، والتي تؤثر بشدة على الدول النامية في القارة الإفريقية التي تمثل الموارد الطبيعية 20% من إجمالي مواردها.
وأشارت والي، إلى أن العالم يمر بأزمة ثلاثية تتشكل من تحديات مترابطة تهدد مستقبل كافة دول وشعوب العالم وهي أزمة تغّير المناخ التي أدت وستؤدي إلى ظروف معيشية صعبة، وأزمة فقدان التنوع البيولوجي، وأزمة التلوث التي تتضمن تلوث الهواء والمياه والأراضي الزراعية وغيرها، فضلا عن أن هناك عدد من أشكال الجريمة تتسبب في تفاقم الأزمات التي تستهدف وتستغل البيئة بشكل مباشر، وهي صناعة إجرامية ضخمة تصل إلى أكثر من البيئة وفقدان التوازن البيولوجي في البحار وتدمير مصارف الكربون الطبيعية التي تحمي العالم من الاحتباس الحراري، فضلا عن إعاقة تطبيق إجراءات الرقابة البيئية ونهب الموارد الطبيعية.
وسلطت والي الضوء عن العديد من الجرائم البيئية ومن أهمها الاتجار بالحيوانات البرية والأنواع النباتية النادرة والاتجار غير المشروع في الاخشاب والتعدين غير المشروع والجرائم ذات الصلة بقطاع الصيد والاتجار بنفايات البالستيك.
وأوضحت والي أن النساء هم الأكثر تعرضاً لأزمات البيئة، مشيرة إلى أهمية الأخذ في الاعتبار العلاقة بين الجريمة وتدهور البيئة لمعالجة أزمات البيئة بشكل فعال، مؤكدة أن الخطوة الأولى لمكافحة الجرائم التي تؤثر على البيئة وحماية الكوكب والمجتمعات من تداعيات أزمات البيئة المتصلة بالعنف والجريمة هي إدراك أن موضوع مكافحة الجريمة والفساد يعد من العناصر الهامة التي يجب إدماجها في الاستجابة لازمات البيئة، وأن أي استجابة فعالة ستعتمد على منظور شامل لا يغفل عن هذا الأمر.
وأكدت الدكتورة غادة والي أن COP27 يمكن أن يكون نقطة تحول حقيقية للجهود الدولية لمعالجة تغير المناخ والتحديات ذات الصلة."، متابعة أن بعض الخطوات العملية للتصدي للنشاط الفاسد والاجرامي الذي يضر بالبيئة هي "بناء قدرات المؤسسات في الدول على مكافحة الجرائم البيئية ووضع التشريعات الفعالة والرادعة للجرائم البيئية وتفعيل الآليات التشريعية الدولية التي تمكن التعاون في مكافحة هذه الجرائم وتكثيف العمل مع الشركاء لتعزيز الجهود والآليات الخاصة بمكافحة الفساد و البيئة."
وأوضحت والي أن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة يعمل حالياً على تطوير وتوسيع عمله في مجال مكافحة الجرائم التي تؤثر على البيئة الذي يمثل أولوية صاعدة، وفي هذا الصدد، قام المكتب بتوسيع نطاق برنامجنا العالمي لمكافحة الجرائم ذات الصلة بالحيوانات البرية، وبإجراء دراسة حول الترابط بين الجرائم التي تؤثر على البيئة وتغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وتلوث البحار، وإنشاء مركز لمكافحة الفساد في أفريقيا، كما تعتزم إجراء عدد من الأبحاث حول موضوعات ومناطق محددة تحظى بأولوية، على سبيل المثال حول التعدين غير المشروع للذهب في غرب ووسط أفريقيا، وحول الاتجار غير المشروع في النفايات الإلكترونية وغيرها من الجرائم ذات الصلة بالنفايات، بالتعاون مع سكرتارية اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود.