اتفق المشاركون في ورشة عمل "مشاركة القطاع الخاص في مشروعات التكيف مع التغيرات المناخية"، على أن التوسع في استثمارات مشروعات التكيف مع التغيرات المناخية، لن يتحقق بدون مساهمة فاعلة ورئيسية للقطاع الخاص، من خلال آليات التمويل المختلفة، وتذليل التحديات والمعوقات التي تحول دون ضخ القطاع الخاص مزيد من الاستثمارات في هذه القطاعات الحيوية.
وخلصت ورشة العمل، إلى أهمية تنويع مصادر التمويل والتوصل إلى آليات تمويل مبتكرة من شأنها تحفيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية وتنفيذ مشروعات التكيف مع التغيرات المناخية، كما شهدت الجلسة عرض المشروعات والنماذج التمويلية الناجحة في مصر في هذا الصدد لاسيما مشروعات معالجة المياه وتحلية مياه البحر.
وشهدت الجلسة مشاركة متنوعة ورفيعة المستوى من المسئولين الحكوميين في مصر وقارة أفريقيا وشركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، والقطاع الخاص، والمؤسسات غير الهادفة للربح، ومنظمات المجتمع المدني ومراكز الفكر والأبحاث.
أكد المتحدثون في ورشة العمل السادسة تحت عنوان "مشاركة القطاع الخاص في مشروعات التكيف البيئي" ضمن فاعليات منتدى التعاون الدولي والتمويل الإنمائي Egypt-ICF 2022 في نسخته الثانية من 7 إلى 9 سبتمبر، أهمية تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مشروعات التكيف البيئي مع تفهم التحديات التي يواجهها في هذا الصدد.
والقى الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، الضوء على مجموعة من التحديات التي تواجه مصر وتتعلق بالتغيرات المناخية، والتي أيضًا تتطلب مشاركة القطاع الخاص في وضع حلول لها، موضحًا أن تأثير التغيرات المناخية على قطاع المياه هو تأثير مزدوج حيث أن 90% من مياه مصر مصدرها هو نهر النيل وبالتالي فإن التغيرات الهيدرولوجية التي تحدث في حوض النيل ذات تأثير مباشر على مصر.
وأكد سويلم، أهمية مواكبة التطور التكنولوجي ليس فقط فيما يتعلق بالآلات والمعدات بل بناء القدرات وتدريب المهندسين، واستخدامه في الربط بين التغيرات الهيدرولوجية وبين تلبية احتياجات المزارعين والأراضي الزراعية.
وأضاف أن تأثير الاحتباس الحراري على مصر يمثل تحديًا كبيرًا كما أن ارتفاع مستوى سطح البحر في اتجاه الساحل الشمالي ومنطقة الدلتا له تأثير على المياه الجوفية وبالتالي يؤثر على الموارد المائية في مصر، موضحًا أن ارتفاع منسوب المياه في الساحل الشمالي يضر بجودة الأراضي سلبًا وبالتالي يؤثر على المياه العسرة "التي تحتوي على معادن" أيضًا مضيفا أن كل المناطق الزراعية في طريق مصر اسكندرية الزراعي تأثرت بملوحة المياه.
ولفت إلى أن ارتفاع درجة الحرارة يعد أحد التحديات أيضًا حيث يعني ذلك استهلاك المزارعين لمزيد من الماء ويؤثر على الرقعة الزراعية، وتابع: ما يعنينا حاليًا بشكل كبير هو حل مشكلة هي المياه التي تستخدم في ري الأراضي الزراعية بما يحقق الأمن الغذائي.
وقال: من أجل الاتجاه إلى المشروعات الخضراء نحتاج الى مصادر الطاقة المتجددة كما أن التكنولوجيا الخضراء وتحلية المياه من أجل الزراعة هي اهتمامنا الأول، وبالتالي أذا تم حل مشكلة المياه من أجل الطعام سوف نحل المشكلة الكبرى.
وأكدت مارينا ويس، المديرة القطرية لمصر واليمن وجيبوتي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة البنك الدولي، أهمية الدور الذي يمكن للقطاع الخاص أن يقوم به ليس فقط في تمويل مشروعات التكيف مع التغير المناخي ولكن أيضاً لقدرته على الابتكار والتنفيذ.
وأشادت ويس، خلال ورشة العمل حول مشاركة القطاع الخاص في مشروعات التكيف مع التغيرات المناخية، بالمنصة الوطنية للمشروعات الخضراء "نُوفّي" بوصفه مبادرة مهمة نابعة عن استراتيجية وطنية تجمع كل الأطراف الفاعلة بما في ذلك الحكومة المصرية وشركاء التنمية الدوليين وكذلك القطاع الخاص في عملية التمويل والتنفيذ للمشروعات المتعلقة بالتكيف.
وأفادت بأن البنك الدولي يتعاون مع مصر في العديد من المشروعات منها مشروعات مرتبطة بقطاع المياه، مؤكدة أن البنك سيعمل على دعم وتمويل برنامج (نوفي) في إطار شراكته مع مصر الممتدة في كثير من المجالات.
وقالت إن وجود مثل هذه الاستراتيجيات الطموحة لدى الدول النامية والتي ينتج عنها مشروعات تنموية ومناخية فعالة يشجع القطاع الخاص على المشاركة كما يشجع جهات التمويل المختلفة على المساهمة في تمويلها وتقديم الدعم الفني لها على نحو يعزز استدامة التمويل في هذه الدول.
وأوضحت ويس، أن دفع القطاع الخاص نحو تمويل مشروعات التكيف مع التغير المناخي يحتاج لسياسات تشجيعية، وتقليص المخاطر التي قد تنتج عن هذا التمويل، مع التأكيد على أن مشروعات التكيف هي مشروعات مربحة للمستثمرين ولها فائدة عظيمة على مستوى العمل المناخي.
ومن جهتها قالت دينا صالح، المدير الإقليمي لقسم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا وأوروبا في الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) أن القطاع الخاص يواجه تحديات تعوق استثماره في مشروعات التغير المناخي ومنها عدم وجود خطط فعالة لنزع الكربون، كما أن العديد من الدول النامية ليس لديها قدرات لهيكلة مشروعات التكيف وتابعت: لدينا وعي ولكن لا نملك القدرات الفعالة.
وأضافت أن هيكل تمويل المشروعات المرتبطة بالتغير المناخي معقد، ومن ثم لابد من التركيز على كيفية الاستفادة من إمكانات السوق وتوظفيها مع المؤسسات المحلية للعمل من أجل هيكلة التمويل، وقالت: هناك مبادرات ولكن ليس لدينا هيكل واضح للتمويل الذي يذهب في جهات متعددة بدون آليات محددة للتنفيذ، مشيرة إلى أن الامكانيات المحدودة للدول النامية لزيادة التمويل، وكذلك الإمكانات المحدودة في كيفية تخصيص التمويلات للمشروعات.
وأكد بيكا مورين، الممثل الخاص لائتلاف وزراء المالية للعمل المناخي، أن تمويل مشروعات التكيف يحتاج لتوافر عدة عوامل، منها السياسات الجاذبة للتمويل والاستثمار والتي تعتمد في الأساس على مبدأ الشفافية، والإدارة الجيدة والتخطيط المتقن للمشروعات، وتوجيه الأموال بشكل مؤثر بما يخدم عملية التنفيذ ويساهم في تحقيق الربحية.
وأشار إلى أهمية العمل المشترك بين الحكومات والقطاع الخاص وبنوك التنمية وجهات التمويل الدولية والإقليمية من أجل رفع مستوى تمويل مشروعات التكيف مع التغير المناخي إلى المستوى المطلوب.
وقال أن الهدف من إنشاء الائتلاف هو مواجهة التحديات التي تواجه عملية تمويل العمل المناخي وإدارة المخاطر المرتبطة به مشيرا إلى أن الائتلاف يبذل جهوداً كبيرة للتشجيع على تمويل أنشطة التكيف مع ظاهرة التغير المناخي من خلال إبراز الأهمية القصوى لإجراءات التكيف في مواجهة تغير المناخ والنتائج الإيجابية التي ستترتب عليها في المستقبل القريب، مع التركيز على أن مشروعات التكيف هي مشروعات ربحية وتمثل فرصاً استثمارية واعدة.
ونوه مورين عن أهمية تفعيل أدوات التمويل المبتكر مثل مقايضة الديون والسندات الخضراء والزرقاء وإنشاء أسواق الكربون، مشيراً إلى أن الفهم الجيد لهذه الأدوات سيعزز من فاعليتها ويحقق الاستفادة القصوى منها على صعيد تمويل العمل المناخي بشكل عام وإجراءات التكيف على وجه الخصوص.
وأوضح أن ائتلاف وزراء المالية للعمل المناخي لا يتحكم في الموازنات، ولكنه يعمل على إيجاد أفضل السبل لإدارتها بما يخدم العمل المناخي في نهاية الأمر.
ومن جهتها قالت الدكتورة داليا عبد القادر، رئيس الاستدامة بالبنك التجاري الدولي CIB، أن تعزيز مشاركة القطاع الخاص في تمويل مشروعات التكيف مع التغير المناخي يتطلب في المقام الأول تفهم اهتمام القطاع بتحقيق الأرباح.
وأضافت عبد القادر أن دور الحكومات وغيرها من الأطراف الفاعلة في العمل المناخي هو التسويق لمشروعات التكيف وما تمثله من فرص واعدة للاستثمار وتحقيق الربح من أجل تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في هذا المسار، فضلاً عن إبراز أهميتها على المستوى البيئي والمناخي.
وأكدت أن إدراك جميع الأطراف الفاعلة في العمل المناخي لفكرة أنه "لو لم يتحقق التكيف فلن نجني شيئاً" سيوجه اهتمام كل هذه الأطراف نحو تمويل وتنفيذ مشروعات التكيف بما في ذلك القطاع الخاص.
وذكرت أن إجراءات التكيف مع التغير المناخي تحظى بتمويل ضعيف للغاية مقارنة بما يتم ضخه في مشروعات التخفيف، لافتة إلى أهمية تبني توجه شامل للعمل المناخي بحيث لا يقتصر فقط على مسألة تخفيض الانبعاثات الكربونية.
وأوضحت أن البنك التجاري الدولي يشارك حاليًا في تنفيذ مشروعين للتكيف في مصر، كما أنه أول البنوك التي أصدرت السندات الخضراء، مشيرة إلى اهتمام البنك بالمشاركة في تمويل وتنفيذ المشروعات الخاصة بالمنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج (نوفي) الذي يعد برنامجاً طموحاً يعبر عن فهم كامل لأبعاد التنمية المستدامة وسعي جاد نحو تحقيقها.
وشددت على أن حكومات الدول النامية تحتاج لخلق فرص ربحية وتوفير بيانات سليمة ومحدثة وتعديل السياسات المتعلقة بالاستثمار والتمويل من أجل تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في تمويل وتنفيذ مشروعات التكيف، مضيفةً أن مشاركة القطاع الخاص شديدة الأهمية ليس فقط لزيادة حجم التمويل ولكن أيضاً لقدرته على الابتكار سواء على مستوى آليات التمويل أو على مستوى التنفيذ الفعلي للمشروعات.
وقالت جنيفر ساره، المدير العالمي للمارسات العالمية لتغير المناخ لمجموعة البنك الدولي أن هناك تأثيرات مناخية قاسية تؤثر على الحياة وسبل العيش في جميع أنحاء العالم، مضيفة أنه لا يمكن التحدث عن التنمية في إفريقيا ولا يزال الرجال والنساء والأطفال في عدة أماكن غير قادرين على الحصول على المياه المطلوبة لحياتهم اليومية.
وأضافت: دائما ما أقول أنه يمكن للبلدان تحقيق نتائج إنمائية جيدة مع اتخاذ إجراءات بشأن المناخ أيضًا، من خلال الاستثمار في مشروعات التكيف، مؤكدة أهمية وضع مشكلة المياه كأولوية قصوى للمضي قدما في تنفيذ الأهداف المناخية والإنمائية كما أن هذه العلاقة الأساسية بين التنمية والمناخ هي ركيزة أساسية لخطة عمل مجموعة البنك الدولي بشأن ملف تغير المناخ.
وأكدت إيمي بوب نائب المدير العام للإدارة والإصلاح في المنظمة الدولية للهجرة، أهمية العمل جمبًا إلى جمب مع القطاع الخاص في مشروعات المناخ والبيئة وخاصة في إطار مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص PPP بهدف تحقيق نتائج أفضل للمجتمعات على المدى الطويل، مشيرة إلى ضرورة إعادة خلق الوظائف في قطاعات الاقتصاد الأخضر.
وانطلقت فعاليات فعاليات النسخة الثانية من منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي Egypt-ICF2022 واجتماع وزراء المالية والاقتصاد والبيئة الأفارقة، بالعاصمة الإدارية الجديدة، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، حيث تنظمه وزارة التعاون الدولي، بالشراكة مع وزارات الخارجية والمالية والبيئة، وبالتعاون مع اللجنة الاقتصادية لأفريقيا بالأمم المتحدة.
وتتماشى أهداف منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي، مع الهدف الرئيسي لقمة المناخ COP27 في مصر والذي يعمل على دفع جهود المجتمع الدولي للانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ، والترابط الوثيق بين التنمية والعمل المناخي، وفي هذا الصدد فإن Egypt-ICF2022 يضع ثلاثة أهداف رئيسية أولها؛ حشد الموارد وتيسير الوصول إلى التمويل، وثانيًا: تمويل أجندة التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية، وبحث الجهود والتدابير الوطنية.