أنشأت الحكومة العاصمة الإدارية الجديدة؛ لتوسيع الرقعة المعمورة على حساب المناطق الصحراوية غير المأهولة، بما يضمن خفض متوسط الكثافة السكانية الحالية والمستقبلية وزيادة نصيب المواطن من الأراضي والخدمات والمناطق المفتوحة. خاصة لمحافظة القاهرة والتي شارفت على أن تصبح مدينة مغلقة أو “ميتة” وذلك نتيجة النمو السكاني المتزايد على رقعة محدودة، فالقاهرة تعد واحدة من أكثر المدن كثافة سكانية حول العالم.
وطبقا لدراسة صادرة عن ، المرصد المصري التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، فإن الهدف الرئيس من المشروع، هو تأسيس مدينة إدارية اقتصادية جديدة، تكون عاصمة حديثة تتفق مع مفردات العصر، وتقع ضمن إقليم القاهرة الكبرى، ما يسهم في توسيع الحيّز العمراني، وتفريغ العاصمة الحالية من التكدس والازدحام، بالإضافة إلى خلق منطقة جديدة جاذبة للاستثمارات. ذلك فضلًا عن خلق امتدادات طبيعية للمدن التي أصبحت تختنق بالسكان نتيجة النمو السكاني المتزايد دون التخطيط لأي توسعات عمرانية، الأمر الذي خلق مستوطنات عشوائية، وتعديات على الأراضي الزراعية نتيجة البناء العشوائي، وهو ما سوف يسهم في القضاء على أزمة المرور التي تشهدها القاهرة التي يقطنها أكثر من 10 ملايين نسمة بخلاف المترددين عليها.
ورغم جدوى هذه المشروعات العمرانية في تقليل التكدس السكاني، إلا إنها نالت الكثير من النقد السلبي على مدى السنوات السابقة بدعوى أنها استثمار في الحجر، وإنها مشروعات ليست ذات أولوية خاصة في ظل الموارد المحدودة للدولة. وكانت العاصمة الإدارية الجديدة على رأس المشروعات التي نالت نصيب الأسد من الانتقادات السلبية، بدعوى أنه مشروع ليس ذا جدوى اقتصادية واجتماعية على المديين القريب والمتوسط، وأنه كبّد ميزانية الدولة الكثير، أو أنه مشروع ترفي الهدف منه رفع الروح المعنوية للمصريين، وصولًا إلى القول إن انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة بداية نهاية العاصمة القديمة.
والعاصمة الإدارية الجديدة، هو مشروع واسع النطاق، أعلنته الحكومة في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري في مارس 2015؛ فهي واحدة من أهم المدن الذكية والمستدامة، وتبلغ مساحة المشروع عند اكتماله حوالي 700 كيلومتر مربع أي 170 ألف فدان، على أن يتم التنفيذ على 3 مراحل. وتبلغ مساحة المرحلة الأولى من المشروع نحو 168 كيلومترًا مربعًا (40 ألف فدان) أي نصف مساحة القاهرة تقريبًا والتي تبلغ نحو 90 ألف فدان.
وتقع العاصمة الإدارية على بُعد 45 كيلومترًا من وسط القاهرة و80 كيلومترًا من السويس و55 كيلومترًا من خليج السويس، وتتميز بموقعها القريب من مشروع تنمية قناة السويس، ومدن شرق القاهرة (بدر والشروق والقاهرة الجديدة). والمنطقة ترتبط بأربعة طرق رئيسة هي: طريق السويس، طريق العين السخنة، الطريق الدائري الأوسطي، الطريق الإقليمي، بالإضافة إلى محاور الطرق الرئيسة.
وتخدم منطقة العاصمة الإدارية الجديدة والمدن المجاورة لها شبكة مواصلات مخصصة ومتنوعة، منها إنشاء “المونوريل” والقطار الكهربائي، إلى جانب حوالي ألف أتوبيس، وكذا محطة مترو “عدلي منصور” المركزية، وموقف السلام الإقليمي، ومطار العاصمة الإدارية الجديدة.
وتشمل العاصمة الإدارية مقارًا للرئاسة والوزارات والبرلمان، وأحياءً سكنية، وحيًا دبلوماسيًا، وحيًا ماليًا (العاصمة المالية لمصر). ويشمل المشروع كذلك مطارًا دوليًا على مساحة 16 كم2، ومراكز تجارية بمساحة 402 كم2 و90 كم2 من حقول الطاقة الشمسية. وستتضمن المدينة شبكة Wi-Fi عامة، مما يجعلها منارة للبنية التحتية للمدينة الذكية.
ومن المتوقع بانتهاء تنفيذ العاصمة الإدارية الجديدة أن تكون موطنًا لحوالي 6.5 ملايين ساكن، وأن تسهم في توفير 1.5 مليون فرصة عمل جديدة. وتم بالفعل الانتهاء من تنفيذ عدد من مشروعات المرحلة الأولى من المشروع، وتم افتتاحها في أكتوبر 2017، ومن أبرز المشروعات التي تم الانتهاء من تنفيذها وافتتاحها مسجد الفتاح العليم وكنيسة القيامة وفندق الماسة، وهو أول فندق تنتهي منه الدولة ضمن المشروع الضخم، وتولت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة إنشاءه وفقًا لأحداث التصميمات العالمية بمساحة تتجاوز 10 أفدنة.
وجارٍ الآن الانتهاء من تأسيس كل من الحيين السكني والحكومي، وتشارك فيه 4 من كبرى شركات المقاولات في مصر والعالم، وهي: طلعت مصطفى، والمقاولون العرب، وأبناء علام، وكونكورد، وتحالف أوراسكوم إلى جانب شركات أخرى: (شركة بتروجيت للمقاولات، وشركة وادي النيل، وتحالف مصري إسباني، وشركة CSCEC الصينية -وهي الشركة التي تم تصنيفها أفضل شركة بين 250 شركة مقاولات عالمية).
تقوم بإدارة وتمويل المشروع شركة العاصمة الإدارية الجديدة المساهمة، والتي أُنشئت برأس مال يقدر بـ 6 مليارات جنيه؛ مقسمة بين جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وهيئة المجتمعات العمرانية، وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة. ويتم تمويل كل هذه المشروعات من خلال الشركة والتي يعتمد رأس مالها وتنميته على بيع الأراضي للمطورين العقاريين، وبعيد تمامًا عن موازنة الدولة، ولكنها تخضع لرقابة لأجهزة الرقابية بالدولة.