استعرضت الدكتورة منى عصام، مساعد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية لشئون التنمية المستدامة دور "رؤية مصر 2030" في ضمان صون حقوق الطفل، وذلك خلال مشاركتها في المؤتمر رفيع المستوى حول إطلاق المراجعة الاستراتيجية "نحو عدالة صديقة للطفل في مصر: تنفيذ أهداف التنمية المستدامة للأطفال".
وفي بداية كلمتها بجلسة عرض النتائج الرئيسية للمراجعة الاستراتيجية "نحو عدالة صديقة للطفل في مصر: تنفيذ أهداف التنمية المستدامة للأطفال" ثمنت الدكتورة منى عصام الجهود المبذولة من وزارتي العدل والتضامن الاجتماعي والنيابة العامة والمجلس القومي للطفولة والأمومة في مشروع "نحو نظام عدالة صديقة للطفل في مصر: تنفيذ أهداف التنمية المستدامة للأطفال"، بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بتمويل من الوكالة السويسرية للتنمية.
واستعرضت عصام محاور الربط بين أهداف المشروع والإطار الأعم والأشمل للعملية التنموية في مصر "رؤية مصر 2030"، والتي تمثل البوصلة لتحديد توجهات الدولة في تحقيق التنمية المستدامة بأبعادها المختلفة (الاقتصادية- الاجتماعية- البيئية)، وذلك اتساقاً مع الأجندة العالمية 2030 وأهداف التنمية المستدامة وكذلك أجندة أفريقيا للتنمية المستدامة 2063، ومن ثم تُبنى عليها الاستراتيجيات القطاعية والخطط متوسطة وقصيرة المدى والبرامج والمشروعات من أجل تحقيق أهدافها، على سبيل المثال: الإطار الاستراتيجي والخطة الوطنية للطفولة والأمومة (2018- 2030)، والاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان وغيرها.
وأضافت عصام، أن الدستور المصري لعام 2014 كفل الكثير من الاستحقاقات للمواطن بمختلف فئاته. ومن هنا، انطلقت رؤية مصر 2030 المحدثة بتحديد عدد من المبادئ الحاكمة، يأتي على رأسها أن الانسان هو محور التنمية وهدفها الأول والأخير، وأن الإنسان هو قائد قاطرة التنمية، لذا تسعى الرؤية إلى تحسين مستوى معيشة جميع الفئات الاجتماعية. كما تؤمن الرؤية أن الغاية المنشودة للعملية التنموية لن تتحقق فعلياً إلا بانتفاع جميع الفئات الاجتماعية بثمارها، لذا فإن تحقيق مبدأ "العدالة والإتاحة" يمثل محدد رئيسي لقياس مدى نجاح الرؤية في تحقيق أهدافها في ضوء معايير الجدارة واتساقاً مع سيادة القانون. بحيث يتمتع جميع المواطنين، خاصةً الفئات الأكثر احتياجاً والأولى بالرعاية، بجميع الحقوق مع ضمان حصولهم على الفرصة ذاتها في الوصول إلى جميع الخدمات.
وأكدت مساعد وزيرة التخطيط، أن رؤية مصر 2030 وضعت عدداً من الأهداف الاستراتيجية والعامة التي ما من شأن تحقيقها ضمان صون حقوق الطفل حيث يمثل الهدف الاستراتيجي الأول "الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري وتحسين مستوى معيشته": والذي يسعى إلى توفير متطلبات الحياة الأساسية لكل مصري خاصةً الفئات الأولى بالرعاية. حيث تتبنى رؤية مصر 2030 مفهوم القضاء على الفقر متعدد الأبعاد، وذلك من خلال تهيئة المقومات الأساسية لكل فئات المجتمع بشكل يتيح لهم حياة كريمة في وطنهم. فتؤمن الرؤية بأن التنمية الشاملة لا تقف عند تقليص نسب الفقر؛ ولكن تمتد إلى توفير حاجات المواطنين من التعليم والصحة والسكن والغذاء والعمل اللائق، متضمنة جوانب حياتية أخرى من بينها الأنشطة الثقافية والرياضية، مشيرة إلى تقدم مصر 19 مركز في مؤشر التنمية البشرية العالمي لعام 2022، حيث احتلت مصر المركز (97) في مقابل المركز (116) في عام 2020، كما ارتفع تصنيف مصر من مجموعة الدول ذات التنمية البشرية المتوسطة إلى مجموعة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة.
وأشارت عصام إلى الهدف الاستراتيجي الثاني "العدالة الاجتماعية والمساواة" والذي يتضمن عدداً من الأهداف العامة منها توفير الحماية الاجتماعية والحد من الفجوة بين الجنسين والإدماج وتكافؤ الفرص، كما يركز الهدف الاستراتيجي على تعزيز المواطنة الفعالة والمشاركة الإيجابية لجميع فئات المجتمع في كافة نواحي الحياة، ليشمل الفئات الأكثر احتياجاً في المجتمع التي تتطلب تمييزاً إيجابياً لصالحها، من بينهم الأطفال، فما زالت نسبة كبيرة منهم تواجه مشكلات الفقر بأنواعه المادي ومتعدد الأبعاد، سواء لكبر حجم أفراد الأسرة أو بسبب الزواج المبكر الذي ينتج عنه عدم قدرة تلك الأسر على تلبية احتياجات الطفل الأساسية، وما يترتب على ذلك من ضعف وأمراض مرتبطة بسوء التغذية، كالتقزّم والسمنة وغيرها. وعليه ترتأي رؤية مصر 2030 أهمية تعزيز الشراكات بين جميع الأطراف المعنية بحقوق الطفل ودعم آلية حماية الأطفال لتوفير الحماية للأطفال المعرضين للخطر.
وتناولت عصام بالحديث الهدف الاستراتيجي السادس "الحوكمة والشراكات". وتتمثَّل مبادئ الحوكمة في سيادة القانون والعدالة والمشاركة والمساءلة والشفافية ومكافحة الفساد، ويتطلَّب تطبيق تلك المبادئ نشر عديد من الإصلاحات وإدماجها، سواء كانت مؤسسية أم تشريعية، بالإضافة إلى العمل على رفع القدرات البشرية وتغيير الثقافة والسلوك. وترتبط قضية الحوكمة- نظرًا إلى تشابكها بالمسئولية المشتركة للقطاع الحكومي والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لتصبح مسئولية كل فرد من أفراد المجتمع.
وأضافت الدكتورة منى عصام أن رؤية مصر 2030 المحدثة وضعت سبعة ممكنات تمثل المتطلباتِ الضرورية والأدوات المُقتَرحة لتنفيذ السياسات والمبادرات والبرامج، لتضمن فاعلية عملية التطبيق وكفاءتها، وتُحقّق الرؤية بسلاسة ويسر، وتتمثَّل في: "توفير التمويل" لتلبية الاحتياجات التنموية المتزايدة، و"تحقيق التقدم التكنولوجي والابتكار" لدعم أبعاد التنمية وحل المشكلات، و"تعزيز التحول الرقمي" لرفع كفاءة تقديم الخدمات، و"إنتاج البيانات وإتاحتها" للتمكن من صنع السياسات المبنية على الأدلة، و"تهيئة بيئة تشريعية ومؤسسية داعمة"، و"توفير منظومة قيم ثقافية مساندة" تحفز السلوكيات الإيجابية التي تسهم في الحفاظ على ثمار التنمية، و"ضبط الزيادة السكانية" للحفاظ على مكتسبات العملية التنموية.
وفي ختام كلمتها أكدت مساعد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية على ضرورة التعامل مع الطفل كفاعل وليس تابع وشريك أساسي في العملية التنموية وضمان كافة حقوقه وأهمية العمل على إدماج الطفل في مختلف القضايا التنموية التي تخصه بما يضمن وضع آراء الطفل في الاعتبار.
شارك في جلسة عرض النتائج الرئيسية للمراجعة الاستراتيجية "نحو عدالة صديقة للطفل في مصر: تنفيذ أهداف التنمية المستدامة للأطفال" الدكتورة تاتيانا تيبلوفة، رئيسة قسم اتساق السياسات لأهداف التنمية المستدامة، مستشارة أولى للعدالة بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، السيدة كلير فريد، المدير العام والمستشار الاول لقانون الاسرة وعدالة الطفل، وزارة العدل كندا، القاضية أمل عمار ، مساعد وزير العدل لحقوق الإنسان والمرأة والطفل، المستشار محمد الحسين، النيابة العامة، المستشار محمد القماري، مساعد الوزير لشؤون الأسرة والطفل وذوي الإعاقة وكبار السن، وزارة التضامن الاجتماعي، المستشار الدكتور علاء رمضان، المستشار القانوني، المجلس القومي للطفولة والأمومة، وأدار الجلسة السيد عمرو سليمان، مدير المشروع ومحلل سياسات بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.