تواجه فنزويلا العديد من الأزمات التى تلاحقها ، فرغم أنها كانت تعد من أغنى دول أمريكا اللاتينية بفضل ثروتها النفطية إلا أن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تعانى منها صبت الزيت على نار الأزمة السياسية والصحية، مما جعلها تواجه خطر الإفلاس، وشهد العامين الأخيرين تقلص فى قاعدة الدعم التى تتمتع بها الحكومة البوليفارية من قبل الفقراء والمهمشين الذين استفادوا فى عهد الرئيس الراحل هوجو شافيز، فالكثير من القوى اليسارية والمؤثرة فى المجتمع المحلى أصبحوا فى صفوف المعارضة للرئيس الحالى نيكولاس مادورو الذى ورث جملة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المعقدة.
وأثرت الأزمة الاقتصادية بالسلب على مختلف الجوانب ، حيث أصبح من الصعب توفير المواد الغذائية للطبقات الفقيرة، إضافة إلى انقطاع التيار الكهربى لأوقات طويلة على مدى اليوم، بالرغم من أن فنزويلا تتمتع بعضوية الدول المنتجة للبترول، وأدت الأزمة الغذائية إلى دفع المواطنين البؤساء لأعمال السرقة وغيرها، حيث إن هذا الأسبوع تم رصد سرقة خنازير وأغنام من حديقة الحيوانات، فضلا عن تراجع أسعار الذهب والنفط يأججون الأزمة الاقتصادية فى الوقت الحالى.
الازمة الاقتصادية والنفط
وتفاقمت الازمة الاقتصادية بعد تدهور أسعار النفط، وانخفاض قيمة العملة الفنزويلية أمام الدولار الأمريكى، واضمحلال الاحتياطى النقدى من العملة الأجنبية، إلى حد عجز الحكومة عن تأمين واردات السلع الغذائية والأساسية.
وتشهد فنزويلا هذا العام أكبر انخفاض سنوى فى إنتاجها النفطى منذ 14 عاما، بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية فى البلاد، ونقص الاستثمار فى هذا القطاع، فى ظل انخفاض أسعار النفط العالمية،وعلى مدى 12 شهرا حتى نهاية يونيو الماضى، و تراجع إنتاج النفط الخام فى فنزويلا العضو بمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بنسبة 9% ليصل إلى 2.36 مليون برميل يوميا، بينما زادت أوبك إنتاجها مجتمعة بنسبة 4%، بحسب البيانات الرسمية للمنظمة.
وأكد وزير النفط الفنزويلى إيولوخيو دل بينو -الذى يرأس شركة النفط الوطنية "بتروليوس دى فنزويلا"- فى يوليو الماضى انخفاض إنتاج البلاد بمقدار 220 ألف برميل يوميا، أو نحو 8% منذ بداية العام الجارى، مقارنة مع عام 2015.
ووفقا لبعض البيانات فإن شركة "بتروليوس دي فنزويلا"، وهي مصدر 94% من إيرادات البلاد من العملة الصعبة، انخفضت إلى 1.19 مليون برميل يوميا فى يوليو الماضى باستثناء المبيعات المستقلة من مشروعاتها المشتركة.
كما أن القطاع تضرر من انقطاعات الكهرباء وضعف القدرة على تحويل النفط الفنزويلى الثقيل عالى الكثافة إلى خام قابل للتصدير، وقال عمال في شركة النفط الوطنية إن الإنتاج لا يزال يتضرر بسبب زيادة سرقة المعدات وتأخر أعمال الصيانة وانخفاض الأجور.
الحالة الاقتصادية والذهب
تراجعت احتياطات الذهب الدولية لدى فنزويلا بنسبة 25% خلال النصف الأول من العام، فى ظل معاناة البلاد من أزمة اقتصادية حادة ونقص فى العملة الأجنبية ، بينما يتوقع صندوق النقد الدولى انخفاضا بنسبة 16%، وتراجعت قيمة الحيازات إلى 7.5 مليار دولار فى يونيو ، من 10 مليارات نهاية العام الماضى، وفقا للبيانات المالية التى نشرها البنك المركزى الفنزويلى هذا الأسبوع.
وانخفض إجمالى احتياطيات العملة الأجنبية فى فنزويلا -والتى تشمل حيازات الذهب- إلى 11.99 مليار دولار فى أغسطس مقارنة بـ17 مليار دولار قبل عام.
الأزمة الاقتصادية والمجاعة
دفعت الحالة الاقتصادية أيضا المواطنيين الفنزويليين إلى تناول لحوم الحيوانات نيئة دون طبخها حيث اقتحمت مجموعة من المواطنين حديقة حيوانات بالعاصمة الفنزويلية كاراكاس والدخول إلى الإسطبل وذبحوا عدد من الخيول الموجودة وتناولوها نيئة ، وتركوا العظام فى المكان مما أثار قلق مسئولى الحديقة والسلطات الفنزويلية.
الأزمة الاقتصادية والحيوانات
وأدت الأزمة الاقتصادية إلى أن موت أكثر من 50 حيوان بسبب الجوع فى واحدة من أكبر حدائق الحيوان فينزويلا بسبب مشكلة نفص الطعام المتفاقمة منذ وقت طويل ، وتعانى حدائق الحيوانات بالمدن الآخرى أوضاعا سيئة للغاية مما دفع إدارتها لطلب تبرعات من الفاكهة والخضروات واللحوم من التجار المحليين.
الأزمة الاقتصادية ووسائل منع الحمل
كما دفعت الأزمة الاقتصادية النساء فى البلاد، إلى اللجوء إلى وسائل منع الحمل، عوضا عن مواجهة مشقة الحمل وتربية الأطفال، وبنفاد موانع الحمل التقليدية مثل الواقيات الذكرية وحبوب منع الحمل من المتاجر، دفع الكثيرات إلى التوجه إلى الجراحة التى يصعب الرجوع عنها.
وعلى الرغم من وجود إحصاءات رسمية عن علميات تنظيم النسل، يؤكد أطباء أن الإجراء آخذ فى الازدياد، وأوضح مارتينيز، مدير برنامج الصحة المحلية للنساء فى ولاية ميراندا، التى تشمل أجزاء من العاصمة، أن البرنامج استقبل حتى الآن أكثر من 500 حالة، فى الوقت الذى لم يصل عدد الحالات 40 حالة فى العام الماضى.
للخروج من الأزمة الاقتصادية
وهناك ثلاث حقائق تفيد بأن فنزويلا يجب أن تعتمد على قدراتها الذاتية للخروج من أزمتها الاقتصادية، من بوابة معالجة الأزمة السياسية، فالحلول تستلزم خطط شاملة من منظور وطنى، تتشارك كل القوى السياسية والمجتمعية فى العمل على تنفيذها ودعمها إلى جانب الحكومة، من خلال حوار بناء وتكامل الجهود والأدوار، وهنا تكمن المعضلة التى المعارضة تتحمل المسئولية الأولى فيها، ولا يمكن أيضا إعفاء الحكومة من المسئولية.