مهند عدلى يكتب: "القيمة المضافة" من المشاركة إلى احترافية التطبيق

منذ ما يزيد عن عشر سنوات والحكومة تحاول إقرار قانون الضريبة على القيمة المضافة بعد فشل قانون الضريبة العامة على المبيعات الذى تم تطبيقه منذ عام 1995 فى تحقيق أهدافه والتى يأتى على رأسها توفير تمويل مضمون بشكل دورى شهرياً للخزانة العامة، وذلك بسبب أخطاء فى القانون وخطايا فى التطبيق حتى تخطت تكاليف تطبيقه جميع المعدلات المعروفة لتكاليف تطبيقه فى الدول الأخرى. وبالطبع فإن ثمة اتفاقا على أن قانون الضريبة على القيمة المضافة هو أحد بنود الخطة الاصلاحية الحكومية المدرجة على جدول اعمال الحكومة طوال العشر سنوات الماضية بما يعنى أنه لا مجال للتشكيل فى أن القانون صدر تحت ضغط صندوق النقد الدولى أو أسباب تتعلق بالقرض بل هو خطوة من خطوات الاصلاح المتأخر كثيراً والمتفق على أهميته من كافة قطاعات الرأى العام فى مصر برغم وجود اختلافات كثيرة فى طرق وأدوات هذا الإصلاح. والآن وقد صدر القانون وأصبح فى حيز التنفيذ بالفعل رغم أننى كنت أتمنى أن يصدر القانون مصاحباً للائحته التنفيذية أو على الأقل أن تصدر اللائحة فى اليوم التالى من تاريخ إصداره بما يؤدى إلى ازالة الكثير من الغموض حول بنوده وفض الاشتباك حول العديد من النقاط الخلافية، أما الآن ومع هذا الواقع فقد يكون من الضرورى أن نركز على بعض النقاط التى تضمن أن يحقق القانون أهدافه وعلى رأسها بالطبع تحقيق المستهدف من رقم الـ30 مليار جنيه مستقبلاً والـ 26 مليار جنيه للعام المالى الحالى. وأعتقد أن نقطة البدء فى تحقيق هذا الهدف يجب أن تكون فى وجود مصارحة مع الرأى العام والمجتمع الضريبى على أن تكون هذه المصارحة فى شكل لغة وحوار مشترك بين الحكومة ومنظمات الأعمال وجمعيات حماية المستهلك وكافة الجهات ذات الارتباط بحيث يصبح لدى المخاطبين بالقانون رؤية متكاملة لكيفية تطبيقه وأهمية هذا التطبيق وبحيث يكون هناك وضوح فى فهم الآثار التى سيرتبها هذا القانون دون تهويل لا مبرر له أو تضليل لا داعى له.. فليس من المنطقى أن يقال أن قائمة السلع المعفاة لن تطولها زيادة فى الأسعار مع ذكر ديباجة من المقولات الانشائية المستهلكة بل يجب أن نوضح أن هناك زيادات فى الأسعار وأنها نتيجة لتطبيق القانون وأن هناك زيادات بسبب تطبيق الضريبة بشكل مباشر على عدد من السلع والخدمات التى لم تكن خاضعة من قبل وزيادة ثانية بسبب فارق النسبة المطبقة بموجب القانون 13% وبين بعض النسب فى بعض السلع التى كانت تخضع لنسب أقل فى القانون القديم وأن هناك زيادة ثالثة بنسب أقل كثيراً حتى فى السلع المعفاة من الضريبة المباشرة وذلك بسبب تأثر هذه السلع بشكل غير مباشر بالضريبة المفروضة على مدخلاتها من الخامات والخدمات الخاضعة للضريبة المباشرة مع توضيح الفوارق بين هذه الزيادات وبعضها البعض بشكل مبسط ومفهوم بحيث يصبح لدى المواطن العادى القدرة على التفرقة بين ما هو تأثر بسبب الضريبة وبين ما هو غلاء أسعار لأسباب انتهازية كآثار جانبية لتطبيق القانون وبحيث يتحول المواطن لأحد أهم أدوات الرقابة على الأسعار طالما لديه الوعى والدراية الكافية بهذه الفوارق. وفى نفس الاتجاه يجب أن يكون هناك مصارحة مماثلة مع المخاطبين بالقانون أو الممولين الذين سينطبق عليهم القانون فهؤلاء يجب أن يدركوا ليس فقط أهداف القانون ولكن الغاية منه وفلسفة هذه الأهداف ويتم وضع آليات تنفيذ لا تشكل إرهاقا للهياكل المالية والإدارية داخل هذه المؤسسات بحيث لا يشكل القانون عبء فى تمويله وعبء فى تنفيذه وهذا لا يأتى إلا بوجود إجراءات واضحة وآليات محددة لتطبيقه ولا مانع من أن تخضع هذه الاجراءات والآليات لنوع من المناقشة والحوار المشترك وصولاً لأفضل الطرق بحيث يصبح لدى الممولين الحافز لتطبيقه خاصة وأن القانون يتضمن نصاً واضحاً عن الحوافز المالية التى يمكن منحها للموليين الملتزمين كأحدى صلاحيات الوزير المختص وهذه يمكن استخدامها كأحد آليات التحفيز للالتزام بالقانون. وأنصح بعدم اللجوء خاصة فى المراحل الأولى لتطبيق القانون للاجراءات التعسفية خاصة مع القطاعات التى تخضع أول مرة لهذا القانون فتجاربنا مع مثل هذه الإجراءات لم تكن إيجابية فى أى وقت وعادة ما تؤدى إلى نتائج عكسية وأحب أن أشير هنا إلى حكومة أحمد نظيف الأولى فى تطبيق قانون الضريبة العامة على الدخل عام 2006 والذى اعتمد على ادوات غير تقليدية فى توصيل الرسالة للممولين وللرأى العام وأعتقد أنه رغم صدور قانون القيمة المضافة بالفعل الا انه لا زال ممكناً تخطيط وتنفيذ حملة اعلامية موسعة تستهدف الممولين والمستثمرين والرأى العام ككل لبناء فهم متكامل وصحيح للقانون وفلسفته وأهدافه خاصة ما يتعلق بتطوير البيئة الاقتصادية والاستثمارية وتهيئة المناخ الضريبى ليصبح عنصر من عناصر جذب الاستثمارات بأنواعها المختلفة.. فاللجوء لأدوات محترفة فى التعامل مع هذا الملف سيكون أقل تكلفة وأكثر انجازاً فى ضوء العديد من التجارب السابقة. ويجب أن ندرك أن قانون القيمة المضافة ليس هدفاً فى حد ذاته ولكنه مجرد خطوة ضمن منظومة متكاملة من الاجراءات المطلوبة لتنفيذ أجندة اصلاح اقتصادى ناجح وفعال.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;