استبعد الخبير العالمى محمد العريان أن يكون لأزمة "دويتشه بنك" الألمانى نفس تأثير أزمة بنك "ليمان برازرز" الأمريكى، التى مهدت للأزمة المالية العالمية عام 2008، وأشار فى مقاله فى وكالة "بلومبرج" الأمريكية إلى أن ما حدث فى 2008 كان أقرب لـ"للتوقف المفاجئ" للاقتصاد العالمى، وانهيار فى التجارة والاستثمار والاستهلاك، مدفوع بفقدان الثقة داخل النظام المالى.
واعتبر العريان أن المشكلات التى تواجه البنوك وتجعل من الصعب على المقترضين ذوى الجدارة الائتمانية حتى ترتيب تمويل تجارة بسيط أشبه بـ"الأزمة القلبية"، التى إذا لم تعالج سريعا، تفقد العديد من الأعضاء الأخرى القدرة على أداء وظيفتها بشكل طبيعى، لتنتشر الإخفاقات المتتالية فى جميع أنحاء النظام.
وأوضح الخبير العالمى أن دويتشه بنك ليس من المحتمل أن يتسبب فى الأزمة التى سببها بنك ليمان برازرز، مشيرا إلى مصادر تمويل أكبر بنوك ألمانيا أكثر تنوعا فضلا عن أن ميزانيته أقوى مما كان عليه بنك ليمان فى أى وقت، لذا فدويتشه يملك إمكانية الوصول إلى تمويل طوارئ من البنك المركزى، وهو فى هذه الحالة البنك المركزى الأوروبى.
وأشار إلى أن البنك لديه أيضا وسائل داخلية لإنتاج رأس المال، ولكن كلما تم استخدام العديد من الوسائل، كلما فقد البنك جاذبيته أمام المساهمين الحاليين.
ورغم ذلك، سيخف الضغط على البنك حال تم التوصل إلى تسوية مع وزارة العدل الأمريكية التى تطالب البنك بدفع غرامة تقدر بـ14 مليار دولار لاتهامه بالتضليل فى بيع أوراق مالية مدعومة برهون عقارية.
وأضاف العريان أن البيئة أيضا مختلفة عما كانت عليه فى 2008، فدويتشه بنك ليس جزء من عاصفة متنامية تهدد النظام المالى العالمى، ورغم أن بعض البنوك الأوروبية لا تزال هشة، إلا أن هناك العديد حول العالم الذين تمكنوا من تقوية مكانتهم.
ومع ذلك، اعتبر العريان أن مشكلة بنك دويتشه الألمانى ربما تكون لها تأثير، مشيرا إلى أن هناك أربعة عوامل يجب أخذها فى الاعتبار:
1- مشكلة دويتشه بنك توجه ضربة جديدة لسمعة النظام المصرفى الهشة، وتغذى مشاعر الغضب، مما يدفع بعض السياسيين للإدلاء بتصريحات من شأنها تقويض الثقة فى عملية الوساطة المالية.
2- أزمة البنك تضع البنوك المركزية والمنظمين الماليين فى مركز الاهتمام مرة أخرى، مما يعرضهم لتهديد أكبر متمثل فى التدخل السياسى.
3- تجدد المخاوف بشأن البنوك الأوروبية من شأنه أن يؤثر على توقعات النمو. ومن المتوقع أن تصبح المؤسسات المالية الأوروبية أكثر حرصا عند وضعها للميزانية خاصة قبل إعطاء القروض، خاصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة
4- الصعوبات التى واجهها دويتشه بنك قد تنتقل إلى البنوك الأخرى، وهو ما يهدد بعدم استقرار السوق على النطاق الأوسع.
وختم العاريان مقاله قائلا إن منافع استقرار دويتشه بنك تمتد لما هو أبعد من مؤسسة واحدة مضطرة لإعادة تعريف نموذجها بسبب التحديات الداخلية والخارجية. ولكن لحسن الحظ، لا يزال هناك أدوات يمكن من خلالها استعادة الاستقرار، مشيرا إلى أنه برغم حدوث سيناريو مشابه لـ"ليمان برازز"، إلا أن الوقت ينفد بالنسبة لأوروبا والقطاع المصرفى لاحتواء وتقليل مخاطر الأضرار الجانبية وغيرها من العواقب غير المقصودة.