قال المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول سابقاً وخبير الطاقة الدولى، إن انخفاض أسعار البترول والغاز الطبيعى له تأثير كبير على اقتصاديات معامل التكرير عالمياً، على ضوء انخفاض الأسعار العالمية.
وأضاف خبير الطاقة الدولى، أن الأسواق العالمية شهدت تراجعاً كبيراً فى أسعار البترول وصولاً لمستوى الـ30 دولاراً للبرميل، ثم عاود الارتفاع بشكل متذبذب ما بين ٤٠-٥٠ دولاراً للبرميل، مشيراً إلى أن أسباب تراجع الأسعار معروفة لكافة المتخصصين، وأهمها توافر البدائل من الزيت والغاز الصخرى والوقود ذى الأصل النباتى واللجوء للطاقة البديلة، إضافة إلى الضغوط السياسية التى تمارسها الدول الصناعية الكبرى على الدول المنتجة والمصدرة للبترول للإبقاء على مستوى إنتاج يومى مرتفع من البترول الخام للحفاظ على المعروض من الزيت الخام للحفاظ على مستوى سعرى محدد داخل مستوى سعرى متفق عليه.
وأشار مدحت يوسف، عبر صفحته الشخصية على الفيس بوك، إلى تأثر معامل التكرير بشكل دراماتيكى فانهارت اقتصاديات معامل التكرير البسيطة بشكل كبير، وهى النوعية التى تقوم بتقطير الزيت الخام للحصول على منتجات بترولية أساسية تنحصر فى البوتاجاز والبنزين ووقود النفاثات والسولار والمازوت، وكذلك انهارت ربحية معامل التكرير من نوعية المعامل التحويلية، وهى القادرة على تحويل جزء من المازوت الأرخص سعراً بين جميع المنتجات البترولية إلى منتجات بترولية عالية القيمة، كالبنزين ووقود النفاثات والسولار، وانهارت معها ربحية معامل التكرير من نوعية التحويل العميق أى القادرة على تحويل المازوت بالكامل.
وأضاف خبير الطاقة، "وتبقى معامل التكرير العملاقة ذات القدرات الإنتاجية العالية ٣٠٠-٣٥٠ ألف برميل يوميا من نوعية التحويل العميق للمازوت مع قدرتها على إنتاج مواد بتروكيماوية عالية القيمة، كالمنظفات الصناعية والمذيبات العطرية بمختلف أنواعها والإضافات الكيماوية وغيرها، لتحافظ على ربحيتها دون خسائر ولكن محققة نسبة متدنية من العائد على رأس المال المستثمرين فى حدود ٢-٤٪ فقط ليضعف التفكير فى فرص الاستثمار فى معامل التكرير المعقدة خلال المراحل المقبلة".
وأشار إلى تبرير ذلك يرجع فى المقام الأول بالارتباط الوثيق بين ربحية معامل التكرير والفرق بين سعر المازوت عالميا ومتوسط سعر باقى المنتجات البترولية العالية القيمة والجودة، فعندما بلغ سعر البرميل من الزيت الخام مستوى ١٠٠ دولار للبرميل لخام القياس العالمى برنت المؤرخ كان سعر المازوت يقع فى حدود ٤٥٠-٥٠٠ دولار للطن، بينما يقع متوسط أسعار المنتجات البترولية (البوتاجاز والبنزين ٩٥ ووقود النفاثات والسولار) فى حدود ٩٥٠-١٠٠٠دولار للطن، وبالتالى بلغ الفارق بينهما ما يوازى ٥٠٠ دولار للطن، وتلك القيمة تمثل العائد من تحويل الطن الواحد من المازوت إلى طن واحد من المنتجات البترولية السابق الإشارة إليها .
ولفت "يوسف" إلى أنه فى الوقت الحالى وعند مستوى ٥٠ دولاراً للبرميل من الزيت الخام، فانحصر الفارق بشكل كبير حيث يبلغ سعر المازوت المرتبط بالمستوى السعرى للبترول ٢٢٠ دولاراً للطن، بينما يبلغ متوسط سعر المنتجات البترولية ٤٥٠ دولاراً للطن، وبالتالى بلغ الفارق ما يوازى ٢٣٠ دولاراً للطن فقط، وهذا الانحصار فى الفارق يمثل انحصار الربحية بشكل مضاعف ويزداد تأثر اقتصاديات معامل التكرير اذا ما كانت مازالت محملة بأعباء تمويلية سواء قصيرة الأجل او طويلة الأجل .
وأضاف، "معامل التكرير عملاقة السعة التكريرية والحديثة ٣٠٠-٣٥٠ ألف برميل يوميا ذات الدرجات التعقيدية العالية تتراوح تكلفتها الاستثمارية ما بين ١٠-١٢ مليار دولار (قامت المملكة السعودية مؤخراً بالاستثمار فى بناء أربعة معامل تكرير عملاقة السعة وبدا احدهم فى التشغيل منذ حوالى عدة اشهر فى منطقة ينبع) فى حين تبلغ التكلفة الاستثمارية لمعامل التكرير صغيرة السعة ١٠٠ الف برميل يوميا من نفس التصنيف ٥ - ٥،٥ مليار دولار، وبالتالى عند قياس الربحية مقارنا برأس المال المستثمر فإن الاستثمار فى تلك المعامل عملاقة السعة هو الأجدى اقتصاديا على مستوى كافة مؤشرات الربحية".
وأكد المهندس مدحت يوسف أنه نتيجة الاضطرابات السعرية السارية حاليا لأسعار بعض المواد البتروكيماوية المرتبطة بإنتاجية معامل التكرير، مثل المنظفات الصناعية (الإلكيل بنزين الخطى) وخلافه من تلك النوعيات وتتذبذب أسعارها صعودا وهبوطا مع أسعار البترول الخام فإن قانون العرض والطلب العالمى أصبح هو المحدد للتوسع فى الإنتاجية أو توقف الوحدات عن الانتاج ربطا بالأسعار العالمية وحجم الطلب العالمى لتلك المواد، وبالتالى تتأثر اقتصاديات معامل التكرير الحاوية لتلك الوحدات التصنيعية بتذبذب الاسعار العالمية ومواسم الطلب.
وأشار إلى أن إدارة معامل التكرير تتطلب فى المقام الأول الإلمام بخبرات تسويقية عالية المرونة والقدرة على التنبؤ بالأحداث القادمة على ضوء الاضطرابات السياسية والاقتصادية عالميا مع قدرات فنية مرنة فى اتخاذ القرار الفنى الاقتصادى الذى يتماشى مع المتغيرات السعرية والاقتصادية العالمية.