قال أحمد هيكل رئيس مجلس إدارة شركة القلعة، خلال كلمته بالمنتدى الاقتصادى العالمى فى دافوس بسويسرا أن المعطيات الراهنة قد تغذى الاعتقاد السائد بأن حالة من الجمود ستلقى بظلالها على المشهد الاستثمارى فى أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا، ولا سيما فى ظل تراجع أسعار السلع العالمية وارتفاع مستويات الدين بالأسواق الناشئة ثم رفع الفائدة بالولايات المتحدة وتباطؤ الاقتصاد الصينى وتراجع معدلات النمو الاقتصادى فى الأسواق الناشئة.
وأشار أحمد هيكل فى بيان له أن الواقع يعكس حقيقة مغايرة وهى أن المنطقة تنبض بفرص النمو الواعدة، كما أن نقص الموارد الاستثمارية ما هو إلا خطأ شائع إذ أن ما ينقصنا هو روح الإقدام واحتمال المخاطر والقدرة على توظيف الأدوات والخبرات التى يستعين بها القطاع الخاص فى تنفيذ المشروعات الجديدة التى تلبى الاحتياجات الحقيقية للمنطقة.
جاءت كلمات هيكل خلال مشاركته بأعمال المنتدى الاقتصادى العالمي، الذى ينعقد حاليًا بدافوس فى سويسرا، حيث شارك هيكل خلال أول أيام المؤتمر بحلقة نقاشية لعرض مستجدات المشهد الاستثمارى فى منطقة البحر الأحمر مع تسليط الضوء على معوقات الاستثمار والإصلاحات الواجب تطبيقها لتعزيز تدفقات رأس المال إلى أسواق المنطقة وسط موجة الاضطرابات السياسية والتحديات الاقتصادية الناشئة عن هبوط أسعار النفط. وقد استهل الجلسة بكلمته الافتتاحية صاحب السمو الملكى الأمير تركى الفيصل بن عبد العزيز آل سعود السفير السعودى الأسبق لدى الولايات المتحدة الأمريكية، وأعقب ذلك انعقاد حلقة نقاشية لتبادل الرؤى ووجهات النظر بين أحمد هيكل مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة القلعة الرائدة فى استثمارات الطاقة والبنية والأساسية بمصر وأفريقيا، وستيف بولز الرئيس التنفيذى لشركة جى إيه باور الأمريكية، ومارتين سوريل الرئيس التنفيذى لشركة دبليو بى بى البريطانية المتخصصة فى مجالات الدعاية والإعلان.
وأوضح هيكل أن أسواق المنطقة تنبض بفرص الاستثمار ومقومات النمو الواعدة لمستثمرى البنية الأساسية من ذوى القدرة على احتواء وتحمل المخاطر، مشيرًا إلى أن المنطقة مقبلة على واقع جديد تتمثل أبرز معالمه فى عجز الحكومات عن تحقيق ما لديها من تطلعات دون إشراك وتشجيع القطاع الخاص لتولى زمام القيادة فى القطاعات التى كانت فى السابق حكرًا على القطاع العام.
ولفت هيكل أن ذلك الواقع الجديد لم يباغت شركة القلعة، نظرًا لإدراكها حتمية هذا التحول فى مرحلة مبكرة ومبادرتها بالاستثمار فى مشروعات ابتكارية على غرار شركة طاقة عربية – وهى أكبر مشروعات القطاع الخاص فى مجال توزيع الطاقة بالسوق المصرى وتدرس حاليًا العديد من التوسعات الجذابة وفرص النمو المدعومة بسياسات تحرير قطاع الطاقة. لقد كانت رؤيتنا محل تشكيك فى بداية الأمر ولكنها أثبتت صحتها بمرور الوقت إذ أن حكومات المنطقة منشغلة حاليًا بمواجهة عدة قضايا محورية وعلى رأسها تقليص البيروقراطية وتسريع وتيرة التحول إلى دور التنظيم والإشراف مع إسناد عبء التطوير والتشغيل للقطاع الخاص. لم تعد الحكومات بمفردها قادرة على مواكبة متطلبات النمو الاقتصادى أو تلبية احتياجاتها التمويلية، بل إن استمرار الوضع على ذلك النحو قد ينذر بأزمة ائتمان ضخمة ستعصف بالأسواق الناشئة فى غضون 5 سنوات.
وفى تعليقه على ضعف الشفافية بأسواق المنطقة، أوضح هيكل أن هناك إصلاحات حاسمة يجرى تنفيذها فى الوقت الحالى وأن مؤسسات التمويل التنموية ووكالات ائتمان الصادرات وصناديق الثروات السيادية التى تعد ممولاً رئيسيًا للمشروعات الكبرى بأسواق المنطقة تشترط على الشركات الالتزام بأطر تنظيمية صارمة.
وأضاف هيكل أن أحدًا لا ينكر وجود تحديات كبرى ولكن بتبنى رؤية متفائلة مع النظر إلى نصف الكوب الممتلئ سنجد أن هناك كثير من الإصلاحات الجارى تطبيقها بشتى بلدان المنطقة، ولا سيما مصر والسعودية، ورجح هيكل أن ينعكس مردود ذلك النهج الإصلاحى بعد 5 سنوات من الآن.
وشدد هيكل أيضًا على أهمية الارتقاء بالمنظومة التعليمية وتنمية الطاقات البشرية لتقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء التى تزداد اتساعًا بشتى أنحاء العالم وتظهر جليًا فى المنطقة، ومن ثم ينبغى على المستثمرين تكثيف الجهد والتركيز على استقطاب الخبرات المتميزة وكذلك تنمية وتطوير المهارات المتاحة محليًا.
واستطرد هيكل أن هناك حاجة لدراسة وتقييم مستجدات المشهد الاستثمارى مع إتاحة المجال لاستثمارات البنية الأساسية الضخمة وكذلك المشروعات الاستثمارية الأصغر حجمًا، فى إشارة إلى أن المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر تعد بمثابة الركيزة الأساسية لخطط النمو الاقتصادى بالمنطقة.
تجدر الإشارة إلى أن شركة القلعة نجحت فى الاستعانة بمصادر وقنوات تمويلية متنوعة رغم الأوضاع الاقتصادية غير المواتية لتمويل مشروعات البنية الأساسية الضخمة باعتبارها حجر الزاوية بمسيرة التنمية الاقتصادية فى أفريقيا. ويتضمن ذلك مشروع المصرية للتكرير الذى يعد أكبر مشروع قطاع خاص تحت التنفيذ حاليًا فى مصر وهو أحدث معمل لتكرير المنتجات البترولية يتم حاليًا إنشاؤه بإجمالى استثمارات قدرها 3.7 مليار دولار. وستساهم الشركة المصرية للتكرير فى تعزيز مستقبل المنظومة الاقتصادية مع تقليص واردات السولار فى السوق المحلى بأكثر من نصف المعدلات الحالية، وكذلك خفض ثلث الانبعاثات الكبريتية فى مصر، علمًا بأن معدلات تنفيذ المشروع تجاوزت 75% وفقا للإطار الزمنى المستهدف لبدء النشاط الإنتاجى فى عام 2017.
وفى ثانى أيام المنتدى الاقتصادى العالمى تولى هيكل رئاسة جلسة نقاشية حول سبل وآليات سد فجوة التمويل الخاصة بمبادرة أهداف التنمية المستدامة 2030 لمنظمة الأمم المتحدة، وذلك بمشاركة نخبة من المفكرين وخبراء الاقتصاد وكبار الشخصيات العامة على مستوى العالم ومن بينهم الأمين العام السابق لمنظمة الأمم المتحدة كوفى عنان، ورئيس مجموعة البنك الدولى جيم يونج كيم، ورئيس الوزراء البريطانى السابق جوردون براون، ورئيس الوزراء الأثيوبى هايله مريم ديساليغنه. ويشارك هيكل كذلك بجلسة مجلس الأعمال الأفريقى حول قضايا تعزيز النمو الاقتصادى والاندماج المجتمعى، فضلاً عن مشاركته بجلسة أخرى حول بناء اقتصادات عربية أكثر مرونة. وعلاوة على ذلك يشارك هيكل بحلقة نقاشية حول مستقبل الإصلاحات الاقتصادية بالعالم العربى بمشاركة وزير الطاقة الإماراتى سهيل بن محمد المزروعى، والرئيس التنفيذى لمجلس البحرين للتنمية الاقتصادية خالد الرميحى، وأنس خالد الصالح نائب رئيس الوزراء ووزير المالية الكويتى.