يمنى الحماقى تكتب: أزمة الدواء فى مصر.. دلالتها والدروس المستفادة

لا شك أن كل منا يلمس أن هناك أزمة دواء فى مصر، ترجع بشكل رئيسى إلى إخفاقنا فى دراسة آثار القرارات التى نتخذها، حتى نقوم باتخاذ الإجراءات المطلوبة لتلافى حدوث الأزمات. ومن ثم دائما نقع فى مأزق الإدارة بالأزمات، حيث ننتظر حتى تحدث الأزمة ثم نفكر كيف نواجهها. ولا شك أنه عند تحرير سعر الصرف، ومع معرفتنا أن صناعة وتوفير الدواء فى مصر تعتمد بشكل رئيسى على الدولار لفشلنا فى بناء الطاقات الانتاجية التى تعتمد على صناعة المواد الخام للدواء والصناعات المغذية واستغلال براءات الاختراع التى تمت فى هذا المجال والقدرات الهائلة للنباتات الطبية والعطرية المصرية، كذلك لعدم الاهتمام بتسجيل براءات الاختراع ونقلها إلى المستوى العالمى بما يكفل أن يكون لمصر أدوية مميزة تتفق مع الموارد التى لديها. كذلك أهملنا بشكل كبير القدرات القائمة فى شركات قطاع الأعمال العام، مما أدى إلى تقلص دورها بتوفير الدواء المصرى إلى أقل من 10% بعد أن كانت توفر نحو 40% من احتياجات مصر من الدواء، مع التصميم المستمر من وزارة الصحة على تسعير الدواء بأقل من تكلفته مما يضع ضغوطا كبيرة على شركات قطاع الاعمال العام فى تحقيق البعد الاقتصادى فى إنتاج الدواء، كذلك إحجام وزارة الصحة عن سداد مستحقات شركات قطاع الأعمال العام فى الأدوية من التأمين الصحى يؤثر بشكل كبير على قدرة هذه الشركات فى توفير الدواء بالكفاءة المطلوبة. ويضاف إلى ذلك عدم وجود رؤية واضحة للتعامل مع الشركات الأجنبية متعدية الجنسيات فكل الدول التى نجحت فى الاستفادة من أداء هذه الشركات كان لها رؤية واضحة فى الاستفادة من هذا الدور فى نقل التكنولوجيا وتدريب العمالة وتعميق الأبحاث والتنمية وفتح أسواق خارجية، ولم يتم ذلك فى مصر بأى شكل من الأشكال مما أثر بشكل كبير على استفادة مصر من هذه الشركات فى تطوير صناعة الدواء المصرية. وما يقال على الشركات الأجنبية يقال أيضا على شركات القطاع الخاص، التى لم تحظ بأى مساندة من الدولة لرفع تنافسيتها، مما أثر بشكل كبير على دورها فى تشجيع الصادرات وإنتاج أدوية تحل محل الواردات. إذن لم يكن مستغربا بالمرة مع تحرير سعر الصرف، أن نشهد الأزمة التى نمر بها حاليا، حيث إنه من الطبيعى لصناعة لم تشهد بناء قدراتها بشكل سليم أن تتأثر سلبيا بارتفاع تكلفة أهم مكوناتها المستوردة نتيجة لارتفاع الدولار إلى الضعف تقريبا، وتزداد المشكلة حدة إذا أضفنا إلى صناعة الدواء المستلزمات الطبية التى تشكل أهمية كبيرة لكثير من الحالات المرضية فى مصر وعدم وجودها يؤدى لخطر يهدد حياة المواطن. وللأسف الشديد فإن الدراسات الاقتصادية تشير إلى أن هناك العديد من شركات المستلزمات الطبية لتى تقوم بالتصدير للخارج سواء بالمناطق الحرة أو خارجها، ولكن لا أحد يهتم بدعم اقتصاديات هذه الصناعة لتخدم السوق المحلى. إذن من كل ما سبق فإن دلالات الأزمة واضحة، وتعكس تقييم الأداء فى السابق لكن.. ما الوسيلة للخروج من هذه الأزمة؟ أولا: أزمة حقيقية مما يتطلب أن تكون هناك آلية من المتخصصين تتبع رئاسة مجلس الوزراء، تقوم بتحديد الاحتياجات المطلوبة من الدواء والمستلزمات الطبية لكل محافظات الجمهورية ثانيا: يقابل هذا دراسة توفير متطلبات الأدوية كالتالى: 1-شركات قطاع الأعمال العام: استغلال طاقات العاطلة فى هذا القطاع من خلال فتح الشراكة مع القطاع الخاص لتأخير خطوط إنتاجية تلبى احتياجات الطلب، مع اتخاذ إجراءات تكفل زيادة المكون المحلى من حيث تصنيع المواد الخام فى مصر والاهتمام بالصناعات المغذية، مع وضع سياسية لتسعير الدواء تأخذ فى الاعتبار المتغيرات الجديدة، ويمكن استخدام اسلوب التمايز فى الأسعار، والذى يعتمد على إنتاج أدوية بنفس المادة الفعالة ومتفاوتة السعر، مع الأخذ فى الاعتبار توفير اقتصاديات الإنتاج. 2-الأدوية التى يتم استيرادها بالكامل: لابد من الوصول لصيغة مناسبة تكفل تحقيق التوزان بين ارتفاع سعر الدولار وأثر ذلك على سعر الدواء فى مصر، وقد يكون ذلك من خلال خفض الدولار الجمركى لفترة استثنائية، بما يخفض من أثر تحرير سعر الصرف على سعر الدولار، مع الاتفاق مع الشركات المستوردة على هذا النظام لفترة مؤقتة وتنظيم النسب الربحية بين المستوردين والصيدليات بما يكفل تحقيق المصالح وليس الصراع بين الجهات وبعضها البعض. 3-بالنسبة للشركات معددة الجنسيات: لابد من إعادة النظر فى التعامل مع هذه الشركات بما يحقق نقل التكنولوجيا وتوطينها للاستفادة من مراكز البحوث المصرية والجامعات وبتحقيق التكامل والتنسيق بين الصناعة ومتطلبات توفير الدواء، مع تشجيع هذه الشركات على التصدير وعلى استغلال الموارد المتوفرة لمصر من النباتات المتوفرة وتسويقها دوليا كدواء مصرى. 4-لابد أن نعترف أن الإطار المؤسسى لتوفير الدواء المصرى والمستلزمات الطبية يشوبه الكثير من الضعف والقصور وسيطرة المصالح الخاصة والفساد ومن هنا فإن تغليب المصلحة القوية يتطلب وضع معايير للأداء المستقبلى فى هذا المجال يشارك فيها كل من: اتحاد الصناعات ونقابة الصيادلة ومجلس النواب ووزارات التجارة والصناعة، والصحة، وقطاع الأعمال، والتعليم العالى، وذلك بما يكفل وضع رؤية مستقبلية، ولدينا آلاف من الدراسات فى هذا المجال تحدد المزايا النسبية لمصر فى صناعة الدواء والمستلزمات الطبية وفرص النفاذ إلى الأسواق المحلية والإقليمية والدولية وكيفية الاستفادة من دور الجامعات ومراكز البحوث، وذلك حتى يتم توزيع الأدوار ومتابعة التنفيذ لإتاحة الدواء المصرى للجميع. · الأستاذ بكلية التجارة جامعة عين شمس



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;