يمن الحماقى تكتب: بعد تعويم الجنيه.. هل نحن فى الاتجاه الصحيح؟

- يجب تفعيل دور جهازى حماية المنافسة ومنع الاحتكار وحماية المستهلك - عدم التركيز على الأولويات يعنى ترك الجنيه المصرى يصارع أمواجا عاتية - هل هناك من يرصد آثار تحرير الجنيه على المواطن المصرى بدلا من دعاوى المقاطعة؟ رغم أنه لم يكن هناك مفر من تعويم الجنيه المصرى منذ ما يقرب من شهر، إلا أن التساؤل المهم المطروح هو "هل نحن فى الاتجاه الصحيح لخفض الآثار السلبية لهذا التحرير وتعظيم الاستفادة من النواحى الإيجابية بما يساعد على تقديم طوق النجاة للجنيه المصرى لإنقاذه من الغرق؟ إن متابعة الأداء بهذا الشكل تشير إلى عديد من الحقائق التى تتطلب التحليل، حتى يمكن الإجابة على التساؤل السابق: 1- تطلب قرار تحرير سعر الجنيه وجود رؤية واضحة نحو تشجيع الصادرات، وما يقتضيه ذلك من تحديد الصناعات التى تتمتع فيها مصر بميزة نسبية، ودعم المصدرين الصغار قبل الكبار، ثم تحديد الصناعات التى يمكن أن تحل محل الواردات، لمساندتها، وهو ما يتسق مع القرارت الرائعة التى تم اتخاذها من قبل المجلس الأعلى للاستثمار. قامت وزارة الصناعة بتحديد استراتيجية الصناعة المستقبلية، مع تحديد الصناعات التى تتمتع فيها مصر بميزة نسبية، وعلى رأسها المنسوجات والملابس الجاهزة، ولكن لم نشهد حتى الآن أيّة خطة واضحة لمواجهة المعوقات التى تحول دون انطلاق صناعة الملابس الجاهزة، واستغلال الطاقات الإنتاجية فى كل من قطاع الأعمال العام والقطاع الخاص، وكذلك القطاع غير الرسمى، ويضاف لهذا أن هناك طاقات تصديرية أخرى كامنة وغير محددة من قبل وزارة الصناعة، بناء على الدراسات المتوفرة فى هذا الشأن، وكان على الوزارة الرجوع للخبراء والدراسات الهائلة التى تمت، للاسترشاد بها، وكذلك تفعيل دور الوحدات والهيئات التابعة لها، لدعم تنافسية هذه الصناعات وفق رؤية واضحة تتسق معها السياسة التجارية (سياسة الجمارك والحصص). ما يقال حول الصناعات التصديرية نفسه، يمكن أن ينطبق على بدائل الواردات، ومنها على سبيل المثال الأدوات المكتبية، وعلى رأسها الحقائب المدرسية، إذ تتطلب مساندتها توجيه الجهاز المصرفى والصندوق الاجتماعى وغيرهما من مؤسسات التمويل الداعمة للصناعة، لدعم التوجه نحو هذه الصناعات، كما يجب أن تتسق السياسة التجارية من حيث التعريفات مع هذا الاتجاه، ولكن ما طالبنا به غرفة عمليات مجلس الوزراء، بعد قرارات المجلس الأعلى للاستثمار، لتفعيل تنفيذ قرارات المجلس، لم يتم تنفيذه والتحرك به فى هذا الاتجاه. صحيح أن أرقام الصادرات، والحمد لله، فى تزايد، خاصة الصادرات غير البترولية، لكننا ما زلنا فى نطاق عدد محدود من المصدرين، وليس التوجه التصديرى الذى يعنى أن كل منزل فى مصر يجب أن يعمل فى هذا الاتجاه، ويحقق مكاسب تعمل على إعادة توزيع الدخل فى مصر لصالح الطبقات المتوسطة والفقيرة، ولنا فى تجارب الصين وكوربا الجنوبية دروسا مهمة فى هذا المجال. 2- يتسق مع ما سبق أنه لا توجد لمصر سياسة تجارية واضحة، تدعم كما سبق ذكره من آليات لتشجيع الصادرات وإحلال الواردات، فهناك تخبط بين ما الذى يجب أن نستورده، وتأثير ذلك على الطلب على الدولار، وتأثير الدولار على أسعار ما نستورده، وانعكاسات ذلك على تنافسية الإنتاج، وما يعنيه ذلك من أهمية استكمال حلقات الإنتاج للصناعة، لخفض الاعتماد على المستورد، ومثال على ذلك: - القرارات التى اتُّخذت لإلغاء التعريفة الجمركية على الدواجن المجمدة المستوردة، وتأثيرها على صناعة دواجن مصرية تضم استثمارات قيمتها 65 مليار جنيه، ويمكن أن تتحول بعد إحلال الواردات إلى تصدير، فضلا عن إمكانية فتح مجالات كثيرة للاستثمار فى مجال الأعلاف والأمصال وغيرها، بما يسمح بزيادة الاستثمارات وزيادة الدخول، ليس فقط لكبار المستثمرين، وإنما لصغارهم أيضًا، وهو ما يسهم فى تحقيق الأمن الغذائى وخفض الطلب على الدولار. - مشروعات القوانين التى تُدرس الآن فى مجلس النواب، حول رفع رأس مال شركات الاستيراد وزيادة الرسوم الخاصة بها، ما سيسفر عن طرد المستثمرين الصغار من السوق وسيطرة الكبار عليها، والنتائج لن تكون وفق الهدف منها، إذ إن المشكلة ليست فى حجم المستورد، ولكن فى وجود رؤية حول ما يجب استيراده، ووجود ظوابط صارمة لمن يخالف ذلك، ومدى اتساق ذلك كما سبق أن ذكرنا. - الاتجاه إلى إحلال الواردات لتفعيل الطاقات الإنتاجية المصرية. - هناك اتجاه لتحجيم استيراد السلع الكمالية، ويمكننا القيام بهذا لفترة مؤقتة، وفقا لقواعد منظمة التجارة الدولية، ويتطلب الأمر هنا الاتفاق حول هل هذه السياسة هى الأفضل أم علينا رفع الرسوم الجمركية على هذه السلع وزيادة إيرادات الحكومة نتيجة ذلك. 3- أين تفعيل قرارات المجلس الأعلى للاستثمار فى إنشاء مكتب لشكاوى المستثمرين، ومتابعة هذه الشكاوى أولا بأول، والعمل على مواجهتها بما يسهم فى مكافحة البيروقراطية والفساد فى الجهاز الحكومى. 4- هل تم تفعيل مبادرة الرشيس السيسى فى مجال المشروعات الصغيرة، لقد تم إنجاز دراسة ميدانية تحليلية لتقييم الأداء، سعيًا لتفعيل المبادرة، وتشير نتائج هذه الدراسة (أعدتها أكادمية البحث العلمى – لجنة البحوث الاقتصادية - التى أشرف أننى مقررتها )، إلى أن هناك كثيرًا من المعوقات التى تحول دون تفعيل هذه المبادرة، بما يسهم فى زيادة الطاقات الإنتاجية فى مجال تشجيع الصادرات وإحلال الواردات من ناحية، ومن ناحية أخرى زيادة قاعدة المنتجين وتحقيق العدالة فى توزيع الدخل، ويتطلب الأمر تذليل هذه المعوقات. 5- هل هناك من يرصد آثار تحرير سعر صرف الجنيه على المواطن المصرى وتكلفة المعيشة بدلا من الدعاوى بالمقاطعة؟ – التى توقعت نتائجها وتحققت بمرورى على الأسواق اليوم، إذ شهدت ازدحاما رغم حالة الطقس – وهل هناك محاولة لإيجاد بدائل للمواطن المصرى من خلال الطاقات الإنتاجية القائمة، والتى تجد صعوبات فى الإنتاج؟ أو لتفعيل دور جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، الذى لم يبت إلا فى عدد محدود جدًّا من الدعاوى القضائية الاحتكارية، أو لتطوير دور جهاز حماية المستهلك، بدعم الأسعار الاسترشادية للسلع، وهى من البيانات المهمة المتاحة فى معظم الدول إلا مصر، وعلميًّا يُطلق عليها مؤشر الأسعار للمنتج (producer price index) ويتيح هذا المؤشر تحديد مدخلات الإنتاج وتكلفتها وسعر المصنع، ثم سعرى تاجرى الجملة والتجزئة، بما يكفل تحديد أى حلقة من الحلقات يحدث فيها تجاوز فى الأسعار، وهى لا تتعارض بالمرة مع اقتصاديات السوق، ولكنها تساعد فى الرقابة وكسر الاحتكار. إذن، ومن العرض السابق، فإن الإجابة على التساؤل المطروح إنما تشير إلى أهمية التركيز على الأولويات التالية: 1- خطة فعلية من الحكومة لتشجيع الصادرات، وإحلال الواردات، تتضمن القطاعات والسياسات المحفزة وغير المحفزة، مع تحديد واضح للأدوار، حتى يمكن للمجتمع المدنى تحمل المسؤوليات فى هذا الإطار. 2- تفعيل قرارات المجلس الأعلى للاستثمار فى مواجهة شكاوى المستثمرين، لتحفيز الاستثمار. 3- الوصول إلى رؤية واضحة لتفعيل مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى مجال المشروعات الصغيرة. 4- أهمية وجود سياسة تجارية واضحة، تتسق مع المرحلة الحالية، وتعمل على زيادة العرض من الدولار، وخفض الطلب عليه، وتعتمد على دعم قدرات المنتجين المحليين وتوسيع قاعدة الإنتاج. 5- أهمية تفعيل دور جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وكذلك جهاز حماية المستهلك، لخفض التأثير السلبى للتحرير على المستهلك المصرى، ورفع كفاءة السوق المصرية. إن عدم التركيز على هذه الأولويات يعنى أننا نترك الجنيه المصرى يصارع أمواجا عاتية، ما يؤثر بشكل كبير على الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى فى مصر. * أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;