بعد طول انتظار وافقت الحكومة على قانون الاستثمار الجديد بعد مجموعة من التعديلات التى اعتبرها الكثيرون بمثابة بوابة العبور الجديدة للمستثمر الاجنبى داخل مصر والذى ضمن له عدة حوافز ومغريات جديدة امتدت الى حد مساواته بالمستثمر المحلى لتحد بذلك من العراقيل البيروقراطية التى ساهمت كثيرا فى صده عن استثمار امواله فى عديد من القطاعات وخاصة فيما يتعلق بامكانية تحويل ارباحه للخارج وتأمين مشاريعه عندما اقرعدم جواز تأميم المشاريع ونزع الملكية إلا للمنفعة العامة وبمقابل تعويض .
ومن جانبه أكد الدكتور عبد المطلب عبد الحميد رئيس مركز الدراسات الاقتصادية بأكاديمية السادات للعلوم الادارية ان صدور القانون يعد خطوة جيدة نحو جذب مزيد من الاستثمارات على الرغم من تاخره لمدة طويلة وقال فى تصريحات خاصة ل انفراد : تاخرنا كثيرا فى اصداره وكنا نعول على تنفيذه وليس بالقانون وحده سنجذب الاستثمار ولكنه خطوة وتاخرنا فيها ولابد من الاسراع فى ظهور اللائحة التنفيذية ويجب تهيئة مناخ الاستثمار الذى يعتمد على 4 مكونات رئيسية وهى القوانين والسياسات الاقتصادية والنظام السياسى ومؤشرات الاداء الاقتصادى لجذب مزيد من رؤوس الاموال خلال الفترة القادمة .
واضاف ، الدكتور محمود سليمان، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات ورئيس لجنة الاستثمار والمستثمرين بالاتحاد أن المسودة النهائية لقانون الاستثمارتعد مسودة مرضية للمستثمرين، خاصة مع تضمنها للتعديلات النهائية التى اقترحها اتحاد الصناعات بالمناقشات الأخيرة، خاصة وأن الاتحاد يعد مشاركا أساسيا فى إعداد مشروع القانون منذ بدايته.
واشار الى ان أهم النقاط التى اشتملت عليها المسودة النهائية لقانون الاستثمار، هى إمكانية تحويل المستثمرين أرباحهم للخارج خلال 3 أشهر من تقديم ميزانية معتمدة للهيئة العامة للإستثمار لمراجعتها، خاصة أن تلك "امكانية تحويل الأرباح" كانت تعتبر من أكثر النقاط التى تثير مخاوف المستثمرين، كذلك إلغاء العقوبات المدنية واستبدالها بالعقوبات المالية للمستثمرين، وهو أمر متبع فى جميع أنحاء العالم.
ومن أهم النقاط أيضاً، إلقاء المسئولية الجنائية على الشخص الطبيعى وليس الاعتبارى، وهو ما يلغى فكرة عقاب الشخص الاعتبارى "صاحب الشركة أو المؤسسة" فى حالة وجود مخالفة جنائية، حتى وأن لم يكن متسببا فى ارتكابها، الأمر الذى كان يزيد من إحجام المستثمرين، ووضع آليات لتخصيص الأراضى، وتمكين الدولة للتعامل مع شركات متخصصة فى الترويج للمشروعات الاستثمارية، دون اشتراط تبعيتها للهيئة العامة للاستثمار، وهو أيضا أمر متعارف عليه عالمياً، كذلك وجود مادة بالقانون تمكن المستثمرين من الخروج من السوق خلال 120 من تقديم طلب للهيئة العامة للاستثمار، سواء الشركات القائمة أو الجديدة، موضحا أن المستثمر يعتبر فى حكم "المصفى" طالما لم يرد رد من الجهات الحكومية المختصة يفيد بموجود مشكلات قضائية تعطل خروجه من السوق، مشيرا إلى أن ذلك البند يعد من أهم بنود القانون نظراً لأن المستثمر يطمئن عند وجود آلية واضحة وسلسة للخروج من السوق.
ولفت محمد رضا الخبير الاقتصادى الى ان القانون ضم مجموعة كبيرة من المميزات التى تجعله الأقرب ليكون بوابة مصر للخروج من كبوتها، منها تمهيد القانون لإصدار قانون آخر خاص بإنشاء وإقامة المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وتمتعها بالحوافز والإعفاءات الضريبية وغيرها بما يضمن تشجيعها وتنظيم إدماج القطاع غير الرسمى فى الاقتصاد الوطنى وتأهيله وإلغاء قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 وإلغاء كل قانون يخالف أحكام القانون المقترح، مع تنظيمه للحالات القائمة وكيفية توفيق أوضاعها وفقاً للقانون الجديد.
ومن إيجابياته تمتع جميع الاستثمارات المقامة فى مصر بالمعاملة العادلة والمنصفة والمساواة فى المعاملة بين كافة المستثمرين المحلى والأجنبى مع استثناء وحدات الجهاز الإدارى للدولة وكافة الشركات المملوكة للدولة وحق المستثمر فى إنشاء، وتملك المشروعات وجنى أرباحه وتحويلها دون قيود وتصفيتها وتحويل ناتج هذه التصفية، والتزام الدولة باحترام ونفاذ العقود التى تبرمها وأنه لايتمتع الاستثمار المقام بناءً على غش أو تدليس أو فساد بالحماية ويكون إثبات ذلك بحكم قضائى.
وأضاف أن من مميزات القانون ايضا حق المشروعات الاستثمارية فى استيراد ماتحتاج اليه دون الحاجه لقيدها فى سجل المستوردين وعدم جواز تأميم الشركات أو فرض الحراسة أو الحجز الإدارى على الشركات إلا بأمر أو حكم قضائى و لايجوز نزع الملكية إلا للمنفعة العامة مقابل تعويض عادل يدفع مقدماً، وتحيد قيمة التعويض العادل بأنه مايعادل القيمة الاقتصادية للمال المنزوع ملكيته فى اليوم السابق على صدور القرار، علاوة على الزام الهيئة العامة للاستثمار بتوفير البيانات والاحصائيات والمعلومات لمزاولة المشروع الاستثمارى لنشاطه، وقيام الهيئة العامة للاستثمار بإنشاء قاعدة بيانات كاملة بخرائط تفصيلية على مستوى الجمهورية محدداً عليها كافة العقارات والاراضى المتاحة للاستثمار وتتضمن الموقع والمساحة والسعر التقديرى والأنشطة الاستثمارية الملائمة لطبيعتها ومواد اخرى كثيرة.
وقال السفير أشرف سلطان، المتحدث باسم مجلس الوزراء، إنه عقب مراجعة مجلس الدولة لمشروع قانون الاستثمار سيتم إقراره من البرلمان، مضيفا أن قانون الاستثمار الجديد يتلافى مشاكل البيروقراطية ويزيل المعوقات أمام المستثمر الأجنبي وأكد في فى تصريحات صحفية أن قانون الاستثمار الجديد يعالج اشكالية حصول المستثمرين علي الأراضي وييسرها، وأن هناك استحداث للرخصة الذهبية في المشروعات القومية وذلك في قانون الاستثمار الجديد، مضيفا أن قانون الاستثمار الجديد خضع لمناقشات مجتمعية كثيرة لمعرفة كافة الملاحظات الحكومية والغير حكومية على القانون، لافتا إلى أن مجتمع الأعمال وأصحاب الصناعات أبدوا رأيهم في القانون.
ولفت إلى أن الحكومة مع تطوير مناخ الاستثمار وتيسير الإجراءات لتشجيع المستثمرين، موضحا أن هناك انتظار بعض الإجراءات من أجل تحسين صناعة الدواء في مصر وهناك مساعي لتطوير صناعة الدواء في مصر.
وقال النائب محمد زكريا محيى الدين، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، إن قانون الاستثمار به العديد من المزايا والمنح الاستثمارية التى تهدف إلى تشجيع المستثمرين وتهيئة مناخ الاستثمار بشكل كبير، لافتا إلى أن البرلمان لازال ينتظر تحويله من مجلس الدولة لمناقشته باللجان المختصة بالبرلمان، حيث سيتم عرضه للمناقشة الوافية والخروج بالتوصيات اللازمة له لتحقيق الأهداف المرجوة منه.
وتابع "زكريا" أن مشروع القانون الجديد يمنح المستثمر الحق فى تحويل الأرباح الناتجة عن المشروع الاستثمارى إلى الخارج دون قيود، بدلا من القيود التى كانت السبب الرئيسى فى الابتعاد عن الاستثمار داخل مصر، أضافة إلى عدم اتخاذ أى إجراءات تمييزية ضد المشروعات إداريا أو بأى طريقة أخرى إلا بموجب حكم بات أو أمر قضائى نهائى.
وأضاف "زكريا"، أن إلزام الجهات الإدارية بالبت على وجه السرعة فى طلبات المستثمرين فى مدة أقصاها 30 يوما، يعد أحد أهم مميزات القانون، وخصوصا بعد طول المدة التى كان يعانى منها المستثمرون والتى كانت تكاد تصل إلى 150 يوما، كما يمنح مشروع القانون لجميع مشروعات الاستثمار الداخلى بالمناطق التنموية الأرض بالمجان وتخفيض 50 % فى أسعار الطاقة وإعفاء من الضرائب لمدة 10 سنوات وتحمل الدولة نسبة صاحب العمل فى التأمينات على العمالة لمدة 10 سنوات.
وقال النائب طارق متولى، عضو لجنة الصناعة بالبرلمان، وعضو مجلس النواب بمحافظة السويس، إن أعضاء اللجنة يؤيدون الاستثمار الجيد والمحترم، لافتا إلى أن البرلمان لازال ينتظر إحالة القانون إليه لمناقشة الوضع المتردى للاستثمار بمصر، لافتا إلى أن مواد القانون الجديد لابد أن توفر المناخ الجيد بما لا يضر حقوق العمال وحق الدولة فى الاستثمار.
وتابع "متولى" أنه على كافة مؤسسات الدولة التضافر فى الوقت الحالى، والعمل على إلغاء البيروقراطية الإدارية فى التعامل مع المستثمر، وتعميم فكرة الشباك الواحد فى الاستثمار، بدلا من توزيع الاختصاصات على الوزارات المختلفة، إضافة إلى تدخل المحليات ضمن هذه الوزارات.
وأضاف "متولى"، أنه لابد من الانتهاء من مشروع قانون "الترخيص بالإخطار"، والذى يعد أحدث نظام للترخيص للصناعات التى لا تمثل درجة كبيرة من المخاطر على الصحة والبيئة والسلامة والأمن، وتلتزم هذه الصناعات بإخطار الجهة الإدارية المختصة بنشاطها مرفقا بالبيانات والمستندات التى تحددها اللائحة التنفيذية وفقاً لطبيعة المخاطر التى يمثلها النشاط، ويعتبر الإخطار بمثابة ترخيص بمجرد التأشير به فى السجل التجارى للمنشأة الصناعية.
وقال اللواء حسن السيد، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، إن قانون الاستثمار الجديد لابد وأن يعمل على تخفيض مدة منح التراخيص، لافتا إلى أن مدة الـ 30 يوما هى مجرد منح شهادة بالعمل لحين طرح الرخصة النهائية التى تتراوح بين الستة أشهر والعام، لافتا إلى أنه يطالب بمنح الرخصة النهائية للمستثمرين بعد ثلاثين يوما على الأكثر بدلا من 6 أشهر.
وتابع "حسن" أن تقليل هذه المدة يأتى تباعا لفكرة الشباك الواحد، والعمل على وجود مندوب من كل وزارة لديه القدرة على منح القرارات التى تهدف إلى تسهيل الإجراءات للمستثمرين الجادين، على أن تكون أوراقهم مستوفية الشروط بدلا من التنقل إلى كافة الوزارات والمحليات والتأخر فى الحصول على الرخصة.
وأضاف "حسن"، أن القانون الجديد لابد وأن يتضمن الإعلان الواضح والصريح من قبل الحكومة للأراضى المتاحة فى المدن المخالفة بكافة محافظات الجمهورية، إضافة إلى إعلان الأنشطة الاستثمارية فى هذه الأراضى كل على حدة حسب المقومات التى تتوافر فى هذه المحافظات.
وقال النائب عمرو الجوهرى، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، إن أعضاء اللجنة خاطبوا وزارة الاستثمار حول مقترحاتهم للقانون أثناء الشروع فى عمل مشروع القانون، لافتا إلى أن هناك أربعة محاور تم طرحها، وتم الأخذ بها، منها تحديد الأراضى المطروحة للاستثمار بمحافظات الجمهورية، إضافة إلى تحديد الأولوية فى الاستثمار، الذى تكون الدولة بحاجة إليه.
وتابع "الجوهرى" فى أن الاستثمار قديما كان استثمارا عشوائيا، مضيفا أن المدة التى تضمنها القانون لمنح التراخيص هى مدة طويلة لكنها جيدة كخطوة مبدئية، وسيتم العمل على تخفيضها بعد الشروع فى تطبيق القانون على أرض الواقع، فى محاولة لتوفير المناخ المناسب للاستثمار.
وأضاف "الجوهرى"، أن الدولة تسعى حاليا إلى تطبيق المناخ الأفضل للاستثمار من حيث الجانب الأمنى، وتهيئة المناخ العام، وأيضا العمل على تسهيل التحويلات الآمنة لأرباح لمستثمر فى حالة الجدية، وبعد إثبات حسن نواياه فى الاستثمار بمصر.
من جانبه انتقد الخبير الاقتصادى الدكتور عبدالخالق فاروق - مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية - مواد قانون الاستثمار الجديد وتساءل: هل من الممكن إعطاء المستثمر كل شىء لمجرد إرضاء رجال الأعمال العرب والأجانب على حساب الدولة ومنحهم مزايا وإعفاءات تصل إلى 5 سنوات، فالحوافز الضريبية بالقانون مبالَغ فيها، فعلى سبيل المثال تحديد شريحة الرسوم الجمركية على الآلات المستورَدة والأجهزة اللازمة للتوسّعات أو الإنشاءات أو عمليات الإحلال للمشروعات السياحية والخدمية بنسبة 5% فقط، مما يفتح ثغرة كانت ومازالت قائمة فى قانون الضرائب على الدخل منذ عام 2005 بل إن المشروع الجديد خفض هذا الوعاء الضريبى إلى نصف ما كانت عليه من قبل، وأثبتت التجربة طوال الأعوام السابقة أن هذه الثغرة كانت بمثابة المدخل لعمليات تلاعب واسعة النطاق من جانب رجال المال والأعمال للتهرّب وإدخال معدات وأجهزة يجرى التصرّف فيها بعد ذلك بطريقة مخالفة للقانون، بالإضافة إلى أن القانون الجديد أعفى أرباح شركات الأموال والمنشآت والشركات وحصص الشركاء فيها من الضرائب لمدة 5 سنوات، وهكذا رجعنا إلى الخلف لتحميل الطبقات الفقيرة والمتوسطة الأعباء الضريبية الأعظم، كما أعفى مشروع القانون الآلات والمعدات ومدخلات الإنتاج فى المناطق والأنشطة.
وأضاف أن هناك طرقا قانونية متعدّدة توفر الأراضى للمستثمر، بما يحفظ حقوق الدولة والمستثمر فى آنٍ واحد، مثل حق الانتفاع لمدد تتراوح بين 35 و99 عاماً، بدلاً من البيع المباشر، لكن القانون الجديد سيرسخ لمبدأ جديد وخطير فى المادة «53»، حيث يتيح لرئيس الوزراء ومجلس الوزراء تخصيص الأراضى المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة للمنشآت والمشروعات دون مقابل.
كما أن المادة الخاصة بعدم تحويل الأرباح من قبل المستثمرين إلا بعد الحصول على موافقة من الهيئة العامة للاستثمار ليست من شأن هيئة الاستثمار وتنظم من قبل البنك المركزى، كما تعد عائقًا للاستثمار.